المصدر -
لقد أوقع الغرب العراق في عام 2003 في فخ مازال يعاني منه بتبني سياسة استراتيجية خاطئة، فدائمًا ما يسعى العراقيون إلى تحرير بلدهم من عواقب الاحتلال المزدوج. لكن السؤال الذي دائمًا ما يطرح نفسه هو : كيف يحدث ذلك؟
في أعقاب غزو العراق في عام 2003، واجه العراقيون احتلال نظام الملالي الخفي لبلادهم، وسرعان ما أصبح واضحًا لهم أن المحتل الرئيسي لبلادهم هو النظام الديكتاتوري الديني - الإرهابي الحاكم في إيران.
لقد كان الشعب العراقي أمة مترابطة متعايشة سلميًا بكل ما في الكلمة من معني مع مختلف الأقليات والمذاهب لسنوات عديدة. ولكن نتيجة لاحتلال نظام الملالي لبلادهم تحول التعايش السلمي إلى تمييز عنصري وصراع طائفي. وهذا هو السبب في أنه بعد مرور عقدين من الزمان على تغيير الحكومة في هذا البلد لم يتغير أي شيء يخدم مصلحة الشعب العراقي، بل إن نظام الملالي وعملائه في العراق نهبوا كل شيء ودمروه، ويعيش العراق حاليًا في وضع فوضوي غير مستقر. وبعد إراقة دماء الكثيرين خلال العقدين الأخيرين، بلغ الفساد الإداري والحكومي ذروته في الوقت الراهن مكتسبًا لون ورائحة نظام حكم الملالي، لأن النسيج والهيكل السياسي الحاكم في العراق متأثران بتدخلات نظام الملالي المدمرة في هذا البلد.
كان العراق متميزًا بخاصية فريدة أيضًا، وهي وجود قوات المقاومة الإيرانية لما يربو عن ثلاثة عقود كسد منيع ضد تدخلات الولي الفقيه في العراق. وكان العراقيون يستخدمون عبارة "سدٌ منيعٌ" في مظاهراتهم المليونية دعمًا لسكان أشرف في محافظة ديالى. وكان وجود هذا السد المنيع عاملًا رادعًا وموعيًا قويًا للشعب العراقي، لأن وجود هذه القوة بين الشعب العراقي كان معيارًا مهمًا في تطور المعادلات الاجتماعية والسياسية في العراق بما يخدم مصالح الشعب العراقي.
وعلى الرغم من أن رحيل سكان أشرف من العراق كان رحيلًا مكللا بالنصر ووثيقة مهمة في إثبات شرعية المقاومة الإيرانية، وكذلك شهادة على الديمومة والصمود الرائع لقوات المقاومة الإيرانية، بيد أن المتضرر الرئيسي من وراء هجرة هذه المقاومة من العراق هو الشعب العراقي، نظرًا لأنه في أعقاب هذه الهجرة أصبح نظام الملالي أكثر جرأة مما كان عليه في الماضي وتحكم في مصير الشعب العراقي، ومن أجل توطيد احتلاله للعراق فرض قوة إرهابية خطيرة على الشعب العراقي، وصفها العراقيون بأنها كانت ولاتزال تمارس نشاطها بشكل أخطر من داعش وميليشياته الإجرامية بمراحل.
والآن، بعد المرور بالعديد من التقلبات، وجد العراق نفسه في مفترق طرق تاريخي. فأين العراق من المعادلات العالمية والإقليمية؟
بادرت أمريكا والعراق مؤخرًا بعقد مفاوضات استراتيجية والاجتماع جار الآن. ويبدو أن المفاوضات تجري بين أمريكا المحتلة والعراق المحتل، إلا أن ما هو أكثر واقعية بغض النظر عن التفاصيل وآلية إجراء المفاوضات أن المفاوضات جاءت لاتخاذ قرار حاسم بشأن وضع العراق في المعادلات في نهاية المطاف.
وبطيبعة الحال، لا ينبغي علينا أن نتوقع أن بإمكان العراق والعراقيين أن يتبعوا سياسة "التوازن السلبي" في ظل الظروف الحالية، مثلما فعل الزعيم الراحل للحركة الوطنية الإيرانية الدكتور محمد مصدق، وبموقفه وضع إيران بين المحتلين آنذاك، وهما الاتحاد السوفييتي السابق وبريطانيا. ولكن المهم هو: هل هناك إرادة قوية راسخة لفصل نظام الحكم السياسي في العراق عن المحتل الرئيسي للبلاد، أي إيران أم لا؟
وتجدر الإشارة إلى أن هناك الآن فجوة كبيرة بين الشعب العراقي والحكومة الحاكمة في البلاد. فالشعب مستاء من نظام الحكم ويطالب بتشكيل حكومة وطنية شعبية ديمقراطية ومستقلة عن تدخلات نظام الملالي لكي يعيش جميع أفراد الشعب في تعايش سلمي بكل ما تحمل الكلمة من معنى. حيث أن العراقيين منهكون من الحرب الطائفية ووجود قوات الميليشيا والإرهاب الديني والعرقي. وجدير بالذكر أن الثورة الشجاعة للشعب العراقي التي بدأت في أكتوبر 2019 مازالت مستمرة في وسط وجنوب البلاد، على الرغم من الهجمات الوحشية التي تشنها القوات والتيارات التابعة لنظام الملالي واستشهاد مئات الثوار.
إن الثوار العراقيين مازالوا يتدفقون في الشوارع والميادين الرئيسية في مدن بغداد وجنوب العراق منذ ما يربو عن 9 أشهر مصرين على تحقيق مطالبهم. فهم يطالبون بتغيير جوهري في القوى الثلاث الحاكمة والحيلولة دون تدخلات نظام الملالي في شؤون بلادهم، ومن بينها حل ميليشيات هذا النظام الفاشي في العراق.
وأصدرت الأمم المتحدة يوم السبت الموافق 23 مايو 2020 تقريرًا حول قيام الميليشيات بقتل ما لا يقل عن 490 شخصًا من النشطاء في هذه المظاهرة وإصابة 7783 شخصًا، بيد أن الثوار العراقيين أعلنوا أن عدد الشهداء يصل إلى 800 شخصًا وأن عدد المصابين حوالي 30000 شخص. وقد أكد الثوار العراقيون أكثر من مرة بالأدلة والمستندات على أن المختطفين والقتلة من الزمر المنتمية لنظام الملالي وقوة القدس الإرهابية.
العراق في مفترق الطرق
إن ما يريده العراقيون وفي مقدمتهم الثوار المتظاهرون هو حكومة وطنية شعبية مستقلة وعلمانية وغير طائفية، فضلًا عن تصفية تيارات الميليشيات. ويطالب المواطنون العراقيون بالتعايش السلمي بين أفراد الشعب العراقي. وهي مطالب دفعت الشعب العراقي إلى التدفق في الشوارع على مدى 9 أشهر ومازال تدفقهم في الشوارع والميادين مستمرًا، على الرغم من وقوع مئات الشهداء وإصابة عشرات الآلاف. وما هو مؤكد هو أن الثوار العراقيين يرفضون الحكومة الحالية أيضًا.
وفي مثل هذه الظروف، بدأت أمريكا والحكومة العراقية الحالية مؤخرًا في التفاوض حول القضايا الاستراتيجية. تفاوضٌ نقطته المحورية هي اتخاذ قرار حاسم بشأن وضع الحكومة العراقية الحالية في المعادلات الإقليمية والدولية. هل ستتجاوز الحكومة العراقية مفترق الطرق؟ الحكومة العراقية هي المعنية بالرد على هذا السؤال، حيث ينبغي عليها أن تقرر فيما إذا كانت ستقف بجانب شعبها ضد تدخلات نظام الملالي أم أنها ستبقى مرة أخرى تحت تأثير التيارات التابعة لنظام الملالي كما كان عليه الحال في الماضي؟
في أعقاب غزو العراق في عام 2003، واجه العراقيون احتلال نظام الملالي الخفي لبلادهم، وسرعان ما أصبح واضحًا لهم أن المحتل الرئيسي لبلادهم هو النظام الديكتاتوري الديني - الإرهابي الحاكم في إيران.
لقد كان الشعب العراقي أمة مترابطة متعايشة سلميًا بكل ما في الكلمة من معني مع مختلف الأقليات والمذاهب لسنوات عديدة. ولكن نتيجة لاحتلال نظام الملالي لبلادهم تحول التعايش السلمي إلى تمييز عنصري وصراع طائفي. وهذا هو السبب في أنه بعد مرور عقدين من الزمان على تغيير الحكومة في هذا البلد لم يتغير أي شيء يخدم مصلحة الشعب العراقي، بل إن نظام الملالي وعملائه في العراق نهبوا كل شيء ودمروه، ويعيش العراق حاليًا في وضع فوضوي غير مستقر. وبعد إراقة دماء الكثيرين خلال العقدين الأخيرين، بلغ الفساد الإداري والحكومي ذروته في الوقت الراهن مكتسبًا لون ورائحة نظام حكم الملالي، لأن النسيج والهيكل السياسي الحاكم في العراق متأثران بتدخلات نظام الملالي المدمرة في هذا البلد.
كان العراق متميزًا بخاصية فريدة أيضًا، وهي وجود قوات المقاومة الإيرانية لما يربو عن ثلاثة عقود كسد منيع ضد تدخلات الولي الفقيه في العراق. وكان العراقيون يستخدمون عبارة "سدٌ منيعٌ" في مظاهراتهم المليونية دعمًا لسكان أشرف في محافظة ديالى. وكان وجود هذا السد المنيع عاملًا رادعًا وموعيًا قويًا للشعب العراقي، لأن وجود هذه القوة بين الشعب العراقي كان معيارًا مهمًا في تطور المعادلات الاجتماعية والسياسية في العراق بما يخدم مصالح الشعب العراقي.
وعلى الرغم من أن رحيل سكان أشرف من العراق كان رحيلًا مكللا بالنصر ووثيقة مهمة في إثبات شرعية المقاومة الإيرانية، وكذلك شهادة على الديمومة والصمود الرائع لقوات المقاومة الإيرانية، بيد أن المتضرر الرئيسي من وراء هجرة هذه المقاومة من العراق هو الشعب العراقي، نظرًا لأنه في أعقاب هذه الهجرة أصبح نظام الملالي أكثر جرأة مما كان عليه في الماضي وتحكم في مصير الشعب العراقي، ومن أجل توطيد احتلاله للعراق فرض قوة إرهابية خطيرة على الشعب العراقي، وصفها العراقيون بأنها كانت ولاتزال تمارس نشاطها بشكل أخطر من داعش وميليشياته الإجرامية بمراحل.
والآن، بعد المرور بالعديد من التقلبات، وجد العراق نفسه في مفترق طرق تاريخي. فأين العراق من المعادلات العالمية والإقليمية؟
بادرت أمريكا والعراق مؤخرًا بعقد مفاوضات استراتيجية والاجتماع جار الآن. ويبدو أن المفاوضات تجري بين أمريكا المحتلة والعراق المحتل، إلا أن ما هو أكثر واقعية بغض النظر عن التفاصيل وآلية إجراء المفاوضات أن المفاوضات جاءت لاتخاذ قرار حاسم بشأن وضع العراق في المعادلات في نهاية المطاف.
وبطيبعة الحال، لا ينبغي علينا أن نتوقع أن بإمكان العراق والعراقيين أن يتبعوا سياسة "التوازن السلبي" في ظل الظروف الحالية، مثلما فعل الزعيم الراحل للحركة الوطنية الإيرانية الدكتور محمد مصدق، وبموقفه وضع إيران بين المحتلين آنذاك، وهما الاتحاد السوفييتي السابق وبريطانيا. ولكن المهم هو: هل هناك إرادة قوية راسخة لفصل نظام الحكم السياسي في العراق عن المحتل الرئيسي للبلاد، أي إيران أم لا؟
وتجدر الإشارة إلى أن هناك الآن فجوة كبيرة بين الشعب العراقي والحكومة الحاكمة في البلاد. فالشعب مستاء من نظام الحكم ويطالب بتشكيل حكومة وطنية شعبية ديمقراطية ومستقلة عن تدخلات نظام الملالي لكي يعيش جميع أفراد الشعب في تعايش سلمي بكل ما تحمل الكلمة من معنى. حيث أن العراقيين منهكون من الحرب الطائفية ووجود قوات الميليشيا والإرهاب الديني والعرقي. وجدير بالذكر أن الثورة الشجاعة للشعب العراقي التي بدأت في أكتوبر 2019 مازالت مستمرة في وسط وجنوب البلاد، على الرغم من الهجمات الوحشية التي تشنها القوات والتيارات التابعة لنظام الملالي واستشهاد مئات الثوار.
إن الثوار العراقيين مازالوا يتدفقون في الشوارع والميادين الرئيسية في مدن بغداد وجنوب العراق منذ ما يربو عن 9 أشهر مصرين على تحقيق مطالبهم. فهم يطالبون بتغيير جوهري في القوى الثلاث الحاكمة والحيلولة دون تدخلات نظام الملالي في شؤون بلادهم، ومن بينها حل ميليشيات هذا النظام الفاشي في العراق.
وأصدرت الأمم المتحدة يوم السبت الموافق 23 مايو 2020 تقريرًا حول قيام الميليشيات بقتل ما لا يقل عن 490 شخصًا من النشطاء في هذه المظاهرة وإصابة 7783 شخصًا، بيد أن الثوار العراقيين أعلنوا أن عدد الشهداء يصل إلى 800 شخصًا وأن عدد المصابين حوالي 30000 شخص. وقد أكد الثوار العراقيون أكثر من مرة بالأدلة والمستندات على أن المختطفين والقتلة من الزمر المنتمية لنظام الملالي وقوة القدس الإرهابية.
العراق في مفترق الطرق
إن ما يريده العراقيون وفي مقدمتهم الثوار المتظاهرون هو حكومة وطنية شعبية مستقلة وعلمانية وغير طائفية، فضلًا عن تصفية تيارات الميليشيات. ويطالب المواطنون العراقيون بالتعايش السلمي بين أفراد الشعب العراقي. وهي مطالب دفعت الشعب العراقي إلى التدفق في الشوارع على مدى 9 أشهر ومازال تدفقهم في الشوارع والميادين مستمرًا، على الرغم من وقوع مئات الشهداء وإصابة عشرات الآلاف. وما هو مؤكد هو أن الثوار العراقيين يرفضون الحكومة الحالية أيضًا.
وفي مثل هذه الظروف، بدأت أمريكا والحكومة العراقية الحالية مؤخرًا في التفاوض حول القضايا الاستراتيجية. تفاوضٌ نقطته المحورية هي اتخاذ قرار حاسم بشأن وضع الحكومة العراقية الحالية في المعادلات الإقليمية والدولية. هل ستتجاوز الحكومة العراقية مفترق الطرق؟ الحكومة العراقية هي المعنية بالرد على هذا السؤال، حيث ينبغي عليها أن تقرر فيما إذا كانت ستقف بجانب شعبها ضد تدخلات نظام الملالي أم أنها ستبقى مرة أخرى تحت تأثير التيارات التابعة لنظام الملالي كما كان عليه الحال في الماضي؟