بواسطة :
06-07-2014 09:40 مساءً
6.8K
المصدر -
المدينة المنوره :
إعداد / حسين حافظ - تصوير/ علي الشهراني
تتجلى قيم البر والإحسان والتعاون والتآخي والمسارعة إلى الخيرات بين المسلمين في أبهى مظاهرها خلال شهر رمضان الكريم شهر الرحمة والغفران والحرص على المثوبة والأجر , فيما تمثل السفر والموائد الرمضانية التي تقدم عند الإفطار في المسجد النبوي وفي الساحات المحيطة به وفي جل مساجد وجوامع المدينة المنورة وهذا البلد الكريم بصورة عامة , واحدة من قنوات الخير التي تعبر عما يستقر في نفوس أبناء هذه البلاد التي تتخذ من الشرع الحنيف منهجا للحياة قولا وعملا من معاني البذل والعطاء والإيثار الذي جبلت عليه القلوب النقية .
وبوسع المتجه إلى المسجد النبوي لأداء صلاة المغرب خلال هذه الأيام مشاهدة تلك السفر الرمضانية المدينية المشهورة مصطفة مترامية الأطراف في كل شبر من بقاع المسجد النبوي داخله وخارجه وفي الساحات المحيطة به وقد أعدّها أهل الخير والإحسان الذين يتسابقون على ترتيبها لضيوف الرحمن من الزوار والأهالي والمقيمين على ثرى هذه الأرض المباركة .
وجرت العادة عند بعض أهالي المدينة تجهيز هذه السفر قبل دخول شهر رمضان المبارك بوضع الميزانية المقررة لتجهيز السفرة طوال الشهر، ثم يوزع المبلغ المقرر على أعضاء المجموعة المشاركة فيها بحيث تتساوى المبالغ ثم يقومون بشراء الاحتياجات قبل رمضان بوقت مبكر وعند دخول الشهر يشارك الجميع في دعوة الضيوف وتجهيز السفرة , إلى جانب ورفعها من الموقع عند الانتهاء من الإفطار .
وكالة الأنباء السعودية التي سعت إلى إلقاء بعض الضوء على هذا النموذج الإسلامي الرائع الذي تتناقله الفضائيات من الحرمين الشريفين إلى مختلف أرجاء المعمورة كل عام التقت مدير العلاقات العامة بوكالة الرئاسة لشؤون المسجد النبوي عبدالواحد بن علي الحطاب الذي أفاد أن الوكالة تنظم الإفطار داخل المسجد النبوي وفي ساحاته بتهيئة جميع السبل للقائمين على هذه السفر بطريقة مرتبة ومنظمة بتحديد مواقع لهم ، كما تستقبل الزوار على مدار الساعة بكامل الخدمات كتهيئة الأجواء المناسبة للعبادة من حيث الفرش وتوفير حافظات المياه الباردة من مياه زمزم البالغ عددها 13 ألف حافظة ( داخل المسجد ) ، فيما جهزت خارجة 30 خزانا للمياه و 2500 حافظة للمياه الباردة .
ولفت النظر إلى أنه يتم استقبال موائد وسفر الصائمين بعد انتهاء صلاة العصر من خلال أبواب معلومة من جهات المسجد الأربع لدخول هذه السفر المحتوية على التمر والقهوة ولبن الزبادي والخبز, حيث يتم بعد صلاة العصر بنصف ساعة دخول هذه الموائد من هذه الأبواب بوجود المراقبين للإشراف على ألا يخالف أحد بدخول أشياء غير مسموح بها .
وأبان الحطاب أن الأطعمة توضع بعد مد السفر داخل المسجد حتى وقت آذان صلاة المغرب ويبدأ إفطار المصلين، في حين يتم قبل إقامة الصلاة, رفع هذه السفر وبقايا الأطعمة بطريقة سريعة بتعاون مابين العمالة والمشرفين وما بين أصحاب السفر .
وأوضح أنه يسمح خارج المسجد النبوي وساحاته بمد السفر الرمضانية من خلال تقسيم الساحات إلى مربعات للصائمين الرجال , وأماكن خاصة للنساء وممرات واسعة لعبور المشاة والعربات الخاصة بالخدمة حيث تحتوي هذه السفر على الأطعمة الساخنة المراقبة من أمانة المنطقة مثل الأرز واللحوم بأنواعها ، بالإضافة إلى الفواكه والعصيرات المعلبة والتمر ولبن الزبادي والقهوة وحافظات مياه زمزم التي توفرها الوكالة ، مبيناً أن المكان بأكمله تشمله عمليات التنظيف بعد إفطار الصائمين وقبل إقامة الصلاة لتهيئته لأداء صلاة العشاء والتراويح .
من جانبهم تناول أصحاب الموائد والقائمين عليها ، استعداداتهم المبكرة لهذا العمل في كل عام حيث يقوم بعضهم بإعداد الإفطار بأنفسهم في منازلهم من خلال شراء وجلب أفضل أنواع التمور المميزة والمشهورة في المدينة المنورة ويتم تنظيفها وتخزينها في ثلاجات كبيرة وتوفير كل المستلزمات لهذا الشهر الفضيل .
وشرح القائمين لمندوب "واس " كيفية الاستعداد لهذا العمل الذي يتشرفون به منذ وقت مبكر يصل إلى شهرين والذي ورثوه عن أبائهم وأجدادهم ، مؤكدين أنهم سيورثونه بإذن الله لأبنائهم بقصد الأجر والقبول من الله سبحانه وتعالى سيرا على ما اعتاد عليه أهل المدينة المنورة .
وشددوا على أنهم يقدمون من خلال هذه الموائد داخل المسجد النبوي, أفضل أنواع التمر للصائمين بالإضافة إلى الماء والقهوة ولبن الزبادي والخبز المديني المميز المعروف باسم //الشريك// , فضلا عن //الدقة//المدينية المعروفة بحيث تكون جاهزة قبل الظهر ، ومن ثم يتم نقلها إلى المسجد من وقت مبكر ويقومون بمد السفر بعد صلاة العصر مباشرة ووضع وجبة الإفطار عليها وقبل إقامة صلاة المغرب يعملون على رفع كل محتويات المائدة في وقت واحد من خلال وضع الزوائد من رطب وشريك ولبن وغيرها بالتعاون مع عمال النظافة الموجودين في المسجد من أجل العمل جماعيا على نظافة موقع المائدة في المسجد النبوي .
وأجمع عدد من أصحاب الموائد الرمضانية على أنهم يتشرفون بتجهيز السفر الرمضانية منذ زمن قد يصل إلى 40 سنة منهم من تتعدد سفرهم داخل المسجد في مواقع مختلفة ، أما خارج المسجد النبوي في الساحات فتختلف بعض الموائد عن الأخرى ، إذا أن هناك موائد تحتوي على الرطب والماء والقهوة واللبن وفطائر الجبن وأنواع من الفواكه ، أما الموائد الأخرى فتحتوي على أنواع من الأرز بالدجاج واللحم والسمبوسة ومختلف أصناف الفواكه والعصائر المشكلة والسبموسة والماء والشاي .
وأبدى عدد من الصائمين من زوار مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إعجابهم وابتهاجهم بهذه المشاهد الإنسانية التي يجسدها أهل المدينة المنورة من خلال هذه السفر الرمضانية داخل وخارج المسجد النبوي الشريف والمحتوية على أفضل أنواع التمور والمأكولات والمشروبات الباردة والساخنة على مدار الشهر يعدونها والابتسامة تملأ محياهم ، معربين عن سعادتهم الغامرة بهذه التظاهرة الجميلة والإنسانية غير المستغربة من أهل طيبة الطيبة , ،سائلين المولى القدير أن يتقبل منهم هذه الأعمال الجليلة للصائمين زوار المسجد النبوي الشريف .
ويقول زائر قادم من خارج المملكة :" بصفتنا زوار ومعتمرين، ننظر بكل فخر واعتزاز لهذا الكرم الكبير غير المستغرب من أبناء هذا البلد الطيب الذي تعودنا عليه ونحرص على الإفطار يوميا في المسجد النبوي لقدسية المكان ولتوفر جميع احتياجات الإفطار ، مدللين على ذلك بروعة تجمع الصائمين من جميع الجنسيات على امتداد المائدة الرمضانية يفطرون وفي وحدة إسلامية رائعة تجسد أروع صور التلاحم والانتماء إلى هذا الدين العظيم وهم يشاركون بعضهم البعض الإفطار في المسجد النبوي ".