بواسطة :
17-03-2014 03:35 صباحاً
10.1K
المصدر -
الرياض :
* * *افتتح معالي رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد الأستاذ محمد الشريف اليوم ورشة عمل، بعنوان "دور مكاتب المحاماة والاستشارات القانونية في حماية النزاهة ومكافحة الفساد" ، بحضور معالي وكيل وزارة العدل الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن الحارثي ، ومعالي النائب لحماية النزاهة الدكتور عبد الله العبد القادر، ومعالي النائب لمكافحة الفساد أسامة الربيعة، ونخبة من ذوي الاختصاص في مجال المحاماة والاستشارات القانونية ، وذلك في فندق هوليدي إن القصر بالرياض .
وأوضح معالي الأستاذ محمد الشريف في كلمته بهذه المناسبة أن هذا اللقاء يأتي بهدف تعزيز العلاقات ودعمها بين الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد "نزاهة " ومؤسسات المجتمع المدني والمهتمين من المحامين والمستشارين القانونيين، فيما يساعد على استنهاض الهمم، وتعزيز القيم، وتبرئة الذمم، في سبيل أداء واجب الوطن تجاه حماية النزاهة وإشاعتها، ونشر الشفافية وإذاعتها، ومكافحة الفساد، بين سائر العباد.
وبين معاليه أنه استشعاراً من الدولة بوجود الفساد كآفة عالمية, لم تسلم منها دولة، وتجاوباً مع نداءات العالم، ومؤتمراته، وقراراته واتفاقياته، قامت بإصدار الإستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد بموجب قرار مجلس الوزراء بتاريخ 1 /2 /1428هـ, لتؤسس من خلالها منهجاً واضحاً لحماية النزاهة ونشر الشفافية ومكافحة الفساد في المملكة, باعتبار ذلك مسؤولية وطنية لا تختص بها جهة أو فرد, بل هي واجب المجتمع بمكوناته كافة.
وأفاد أن الإستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد ترتكز على الدين الإسلامي الحنيف, باعتباره الركيزة الأساسية التي تحكمها في منطلقاتها وأهدافها ووسائلها وآلياتها، وتُعِد الإستراتيجية كل عمل من شأنه الانحراف بالوظيفة في القطاعين العام والخاص, عن مسارها الشرعي والنظامي الذي وجدت لخدمته, فساداً وجريمة تستوجب العقاب في الدنيا والآخرة، وتؤكد الإستراتيجية أن حماية النزاهة ومكافحة الفساد تتحقق بشكل أفضل بتعزيز التعاون بين الأجهزة العامة والخاصة، والمهنيين والأفراد في المملكة، بشكل مستمر، لأن الفساد يعرقل التطور والتنمية والاستثمارات، ويعتدي على حقوق الإنسان، ومبادئ العدالة والمساواة.
وأبان معالي رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أن الإستراتيجية تهدف إلى التأكيد على دور الأسرة الأساسي في تربية النشء, وبناء مجتمع مسلم مناهض لأعمال الفساد, كما تهدف الإستراتيجية إلى تكوين شراكة مجتمعية تجمع كل أطياف المجتمع في منظومة واحدة تنهض لمواجهة الفساد، وإعادة الناس إلى القيم الإسلامية الصحيحة، ولتحقيق أهداف الإستراتيجية يلزم انتهاج وسائل عديدة منها: تشخيص مشكلة الفساد في المملكة, والتعرف على مكامنه وأسبابه ووسائل علاجه, وإقرار مبدأ الوضوح والشفافية, وتعزيزه داخل مؤسسات الدولة والمجتمع, ومشاركة مؤسسات المجتمع المدني في حماية النزاهة ومكافحة الفساد، وتوعية الجمهور، وتعزيز السلوك الأخلاقي، وتحسين أوضاع المواطنين الأسرية والوظيفية والمعيشية, والإيمان بأن تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد مسؤولية الجميع، الجهات الحكومية والخاصة،ومؤسسات المجتمع المدني, ومؤسسات التعليم العام والعالي، والهيئات المهنية والعلماء والخطباء والمعلمين والمفكرين, والأفراد بمختلف فئاتهم.
ولفت إلى أن دور الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد يرتكز , كما ورد في (رابعاً/الآليات) من الإستراتيجية, على متابعة تنفيذ الإستراتيجية، ورصد نتائجها، وتقويمها ومراجعتها، ووضع برامج عملها وآليات تطبيقها، وذلك من خلال الأمر الملكي الصادر بإنشاء الهيئة, الذي ربطها بخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود ـ حفظه الله ـ مباشرة, وكفل لها الاستقلال التام إدارياً ومالياً, وعدم التدخل في عملها, كما أكد ذلك تنظيم الهيئة الصادر بقرار مجلس الوزراء , الذي رسم أهدافها, واختصاصاتها, وأهمها حماية النزاهة, وتعزيز مبدأ الشفافية, ومكافحة الفساد المالي والإداري بشتى صوره ومظاهره وأساليبه, والتحري عن أوجه الفساد المالي والإداري في عقود الأشغال العامة, وعقود التشغيل والصيانة, وغيرها من العقود, ومتابعة تنفيذ الأوامر والتعليمات المتعلقة بالشأن العام ومصالح المواطنين، بما يضمن الالتزام بها, واقتراح تطوير الأنظمة واللوائح المتعلقة بمكافحة الفساد, وتوفير قنوات اتصال مباشرة للمواطنين للإبلاغ عن ممارسات الفساد, والعمل مع مؤسسات المجتمع المدني على تنمية الشعور بالمواطنة, وبأهمية حماية المال العام, والمرافق والممتلكات العامة, ونشر الوعي بمفهوم الفساد, وبيان أخطاره وآثاره, وبأهمية تعزيز الرقابة الذاتية, وثقافة عدم التسامح مع الفساد.
وبن أن الهيئة مدت جسور التعاون والتواصل مع نخبة من ذوي الاختصاصات في مجال المحاماة والاستشارات القانونية، لعقد هذه الورشة للتأكيد على أهمية دور كل من المحامي والمستشار القانوني بوجه خاص، في مجال حماية النزاهة ومكافحة الفساد، وفي مجال تطوير الأنظمة الرقابية والإدارية والمالية، وأهمية ما يمكن أن يسهم به في ذلك، مشيراً إلى أن ذلك يأتي تفعيلا لما ورد في الإستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد بشأن حث الهيئات المهنية والأكاديمية كالأطباء والمحامين والمهندسين والمحاسبين، على إبداء مرئياتهم حول الأنظمة الرقابية والمالية والإدارية، وتقديم مقترحاتهم حيال تطويرها وتحديثها .
وأضاف معاليه قائلاً :"لقد أظهرت المؤشرات الأولية للهيئة أن أكثر المجالات اتصافاً بالإهمال، أو سوء التنفيذ، أو التأخير في التنفيذ، مما يمكن اعتباره داخلاً في مفهوم الفساد، هو مجال تنفيذ المشاريع والخدمات المباشرة للمواطنين، وعندما عرضت الهيئة عن ذلك لخادم الحرمين الشريفين بادر حفظه الله إلى إصدار أمره للهيئة بالحرص على وقوف الهيئة على تلك الخدمات، والتأكد من أنها تنفذ بأفضل المستويات، وتصل إلى المواطنين في الأوقات المطلوبة، كما أكد حفظه الله على الرفع عما يظهر للهيئة من ملحوظات حول ذلك، وتقوم الهيئة بتقديم المتهمين بممارسات الفساد من إهمال، وتأخير، وسوء تنفيذ، وإساءة استخدام المال العام، واستغلال السلطة الوظيفية في غير ما سخرت من أجله، إلى جهات التحقيق والعدالة، وتستعين الهيئة في ذلك بالمواطنين لإبلاغها عما يلاحظونه من ممارسات الفساد، والإهمال، وإساءة استخدام السلطة في الخدمات التي تقدم اليهم".
ثم ألقى معالي وكيل وزارة العدل الشيخ عبداللطيف الحارثي كلمة عبر فيها عن شكره وتقديره لمعالي رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ومعالي نائبيه ومنسوبي الهيئة على هذه المبادرة المهنية الطيبة، بإعداد هذه الورشة المهمة في حماية النزاهة ومكافحة الفساد، بحسبان أن مكاتب المحاماة لها دور بارز وفاعل في خدمة مجتمعنا بجميع شرائحه بشكل عام، وفي دعم النزاهة ومكافحة الفساد وحماية المال العام بشكل خاص، والذي إن دل على شيء فإنما يدل على انطلاق الهيئة قدماً لتحقيق ما أوكل إليها، من نشر قيم النزاهة ومكافحة الفساد بشتى صوره ومظاهره وأساليبه.
وأوضح أن مكافحة الفساد وحماية المال العام تتطلب تظافر الجهود من كافة فئات المجتمع من مواطنين ومسؤولين حيث أن الآثار المترتبة على الفساد بكافة صوره كبيرة وتمثل عائقاً أساسياً للتنمية وتبديداً للموارد والثروات الاقتصادية، بل إن استشراؤه يؤدي إلى انهيار شديد في البيئة الاجتماعية والثقافية ويضع إلى جانب ذلك أجيالاً يتسرب إلى نفوسها اليأس وفقدان الثقة، وضعف الانتماء، وهو إلى جانب ذلك أحد أسباب الجرائم بكل أنواعها.
وأبان أن القطاع العام والخاص يتشاركان في مسؤولية واحدة مع تعدد أدوارهم ومهامهم كل فيما يخصه فيما يحقق الصالح العام والتعاون فيما بينهم في دعم النزاهة ومكافحة الفساد الذي هو عدو التنمية والتطوير، لافتاً إلى الفساد بصنفيه الإداري أو المالي هو ضد الإصلاح وهو خروج عن الشرع والنظام وإخلال بواجباتهما وعدم الالتزام بمبادئهما من أجل تحقيق مصالح سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية لفردٍ أو جماعة معينة ، مبيناً أن الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية في منع مظاهر الفساد ومعاقبة المفسدين مبدأ إسلامي عظيم، وما تحريم الغلول والرشوة والغش والاختلاس والتزوير وتبديد المال العام وغيرها من صور الفساد إلا دليل على ذلك.
وأفاد الشيخ الحارثي أن دور المحامي غدا ، يتجاوز مجرد تولي المرافعة عن موكله، أو تقديم المشورة إليه، إذ امتدت مهامه إلى المجتمع كاملاً، لدفع عجلة التنمية فيه ، وإنه لمن الخطأ، الظن بأنَ المحامي، لسانُ موكله، الناطقُ باسمه. فمهنةُ المحاماة، بعراقتها، ليس مصدرُها العقد فحسب، بل تتعلق برعايةِ حسن سير مرفق العدالة بأسره، وحفظِ الحقوق والحريات. بل إنها صوت الحق.
وأضاف قائلاً :" أيها المحامون إن على عاتقكم دوراً كبيراً ومهماً في قول كلمة الحق واستصدار الحكم به وإعطاء الاستشارات الصحيحة والدفاع عن كل ذي حق وتسخير قدراتكم لخدمة دينكم ووطنكم، وما أقيمت هذه الورشة إلا لبحث دوركم المهم في دعم النزاهة ومكافحة الفساد، وأفضل السبل للحد منه من وجهة نظركم، وما يعزز الارتقاء بهذه المهنة العظيمة ذات الدور الاجتماعي المشارك في تحقيق العدالة، وتفعيل تعاون هذا القطاع مع جميع مؤسسات الدولة؛ لما فيه خدمة هذا الوطن الغالي، ومد أواصر التعاون مع المجتمع بشكل عام ومع مؤسسات الدولة بوجه خاص".
وأشار معالي الشيخ الحارثي إلى أن أبرز الأعمال التي يكون فيها المحامي كاشفاً ومبلغاً عن الفساد: ما يتعلق بالرشوة والتزوير وغسل الأموال ومكافحة الإرهاب ، وبإزاء ذلك فإن دور المحامي لا يقتصر على العمل بالنزاهة، بل يمتد إلى الكشف والتبليغ عن الفساد أو العمليات المشبوهة للجهات المعنية، وإن عدم إبلاغ المحامي عن الأنشطة المشبوهة، يمثل سلوكاً غير مهني يجب أن يواجه بالعقوبات الجنائية والتأديبية المتعلقة بالتستر أو المشاركة في الجريمة، ويعد إخلالاً بواجباته النظامية والمهنية بهذا الشأن، باعتبار أن المحامي مسؤول عن محاربة الفساد بشقيه المالي والإداري، بل ويقترح الإجراءات والأساليب التنظيمية والتنفيذية للحد من هذه الجرائم, كما أن من مسؤولية المحامي المشاركة في تثقيف غيره من زملائه المتدربين حقوقياً، لحماية العدالة ومنع الفساد.