المصدر - عبدالله الجنيد ..كاتب بحريني
يبقى احتواء إيران المعضلة الأكبر بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، فقد أنتج فشل الدولة الوطنية القوية نظاماً ثيوقراطياً أُعتمد معه مبدأي العزل والمهادنة السياسية.
إلا أن كليهما فشل في تحقيق أهداف الاحتواء المرجوة، لذلك أسرف الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما في مهادنة قُم من خلال طهران بإعطائها المزيد من الامتيازات السياسية في الشرق الأوسط ووسط آسيا وجنوبها.
فكانت الولايات المتحدة الخاسر الأكبر نتيجة ذلك، ليس نتيجة التوسع الإيراني بل نتيجة الولوج الصيني الروسي لمناطق نفوذ تقليدية للولايات المتحدة من وراء الستار الإيراني في الشرقين الأدنى والأوسط.
تجد إيران نفسها الآن في مواجهة سياسة العصا والجزرة الأميركية ولأول مرة بشكل حقيقي، وليس أدل على ذلك من تصريح وزير الخارجية مايك بومبيو الثلاثاء الفائت من بغداد، حين قال "نحن هنا لدعم استقلال العراق وسيادته الوطنية"، بعد إلغائه زيارة مجدولة إلى ألمانيا.
حجم التحفز السياسي نتيجة قرب دخول تصفير صادرات إيران النفطية حيز التنفيذ، تعد العصا الأغلظ في تاريخ العلاقات بين واشنطن وطهران، لذلك لم يكن بمستغرب أن تُقْدِم إيران على توظيف أهم أدواتها السياسية في المنطقة، والمتمثلة في أذرعها السياسية في الشرق الأوسط.
بدأ تسلسل الأحداث منذ أكثر من أسبوع، بعد أن كشف موقع أكسيوس واسع الاطلاع عن اجتماع طارئ تم بين جون بولتون، مستشار الرئيس دونالد ترامب لشؤون الأمن القومي وفريق عالي المستوى من جهاز الموساد الإسرائيلي بقيادة مستشار الأمن القومي مائير بن شابات في السادس من مايو الجاري، حيث أطلع الفريق الإسرائيلي بولتون على معلومات مؤكدة عن عزم إيران استهداف الولايات المتحدة أو السعودية والإمارات في حال أقدمت الولايات المتحدة على منع إيران من تصدير نفطها عبر مضيق هرمز.
خرج بولتون بعد ذلك ليوجه إنذاراً قطعياً لإيران باستخدام "القوة بلا تهاون" في حال قررت إيران تنفيذ مخططاتها.
بعدها تم الإيعاز للوزير بومبيو بقطع زيارته لألمانيا وتوجيه الإنذار من العراق الموقع المحتمل الأول لاستغلال أراضيه في تنفيذ تلك التهديدات "نحن هنا لنؤكد دعمنا لسيادة العراق الوطنية".
رسالة الوزير بومبيو لإيران ووكلائها في العراق قد تنجح في التحييد النسبي للعراق، إلا أن أمر إنفاذ ذلك سياسيا سيكون منوطا بحكومة عادل عبدالمهدي تحديدا.
سيمثل الجنرال كينيث ماكنزي، قائد القيادة المركزية للقوات المسلحة الأميركية، العصا الغليظة في التعاطي مع إيران أو وكلائها في عموم منطقتي الشرق الأوسط والأدنى، بالإضافة للتنسيق مع القيادة الأفريقية (أفريكوم) للتعامل مع مصادر التهديد المحتملة في منطقة القرن الأفريقي وباب المندب.
وتمثل الخطوات التي اعتمدها الجنرال ماكنزي عبر رفع الجاهزية القتالية والقدرات القتالية للقيادة الوسطى من إلحاق لمجموعة القتال التابعة لحاملة الطائرات آيزنهاور وقوة من المارين، بالإضافة إلى أربع قاذفات من فئة “B-52” تتمركز الآن في قاعدة العديد القطرية، خطوة التلويح بتلك العصا في وجه إيران لتشجيعها على إعادة تقييم موقفها السياسي، إلا أن الخطر الإيراني الحقيقي لن يأتي من منظومة قواها التقليدية.
فهي لا تمتلك سلاح جو قادر على منع استباحة أجوائها، ومنظومة دفاعها الجوي المتهالكة ترتكز على بطاريات هوك الأميركية، بالإضافة إلى منظومة S-300 الروسية.
والأخيرة لن تشكل الآن حائط حماية للعمق الإيراني أو قواعدها الساحلية بعد أن نجحت إسرائيل في اختراق نظم الحماية لتلك المنظومة في سوريا، والتي باتت بالتأكيد الآن في حيازة وزارة الدفاع الأميركية.
يكمن الخطر الإيراني في عناصر أخرى ترتكز في الأساس على غواصاتها من فئة كيلوكلاس المحدّثة أو التي تدّعي إيران أنها دشّنت نسخة منها تحت اسم "الفاتح" في فبراير الماضي.
وفي حال ثبت امتلاك البحرية الإيرانية صواريخ كاليبر الجوالة الروسية (وذلك أمر مستبعد)، لأن روسيا لن تقامر باستفزاز الولايات المتحدة، لكن في حال شكّت الولايات المتحدة بأن إيران تمتلك تلك المقدرة، فإنها ستعمد لإخراج تلك الغواصات من المعادلة فور خروجها للمياه العميقة خارج مياه الخليج العربي.
مع ذلك يكمن الخطر الأكبر في مزاوجة الزوارق المسيّرة عن بُعد بمنصات إطلاق صواريخ نصير (النموذج الإيراني من الصاروخ الصيني C-802) وقد سبق لحزب الله استخدامه في استهداف المدمرة فئة كورفيت الإسرائيلية "ساعرة" في حرب 2006، وكذلك استخدمه الحوثي عام 2016 في استهداف سفينة الإغاثة الإماراتية "سويفت" بالإضافة لسفينة "بونس" التابعة للبحرية الأميركية.
وقد تعد التركيبة الأخطر هي تحويل بعض السفن التجارية الإيرانية أو السفن التقليدية إلى منصات لإطلاق مثل تلك الصواريخ أو منصات إطلاق للقوارب المسيّرة عن بُعد.
تعي القيادة الإيرانية أنها لن تحتمل تبعات مواجهة عسكرية مع الولايات المتحدة ، ولكن في حال قررت استهداف دول مثل المملكة العربية السعودية أو الإمارات العربية المتحدة بشكل مباشر أو من خلال وكلاء لها، فإن الولايات المتحدة لن تستطيع كبح إرادة الردع عند أيٍ منهما، يمتلك كلاهما الأدوات اللازمة لاستباحة الأجواء الإيرانية وإلى أي عمق يشاء.
كذلك هو الحال إذا قررت إيران استهداف إسرائيل، وقد يكون في شبه المؤكد نشر إسرائيل لأكثر من غواصة من فئة دولفن في مياه قريبة من إيران في بحر العرب أو خليج عُمان.
قد تدفع الولايات المتحدة وإيران بالموقف إلى نقطة اللاعودة في حال حدث أي تصعيد عسكري، إلا أن نشوب مواجهة عسكرية مع أي من الأطراف سالفة الذكر سوف يدفع لتفجّر الوضع الإيراني داخليا.
ذلك ما تخشاه القيادة السياسية في قُم وطهران. إيران تعيش حالة انكشاف سياسي واجتماعي هي الأخطر على نظامها منذ 1979.
يبقى احتواء إيران المعضلة الأكبر بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، فقد أنتج فشل الدولة الوطنية القوية نظاماً ثيوقراطياً أُعتمد معه مبدأي العزل والمهادنة السياسية.
إلا أن كليهما فشل في تحقيق أهداف الاحتواء المرجوة، لذلك أسرف الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما في مهادنة قُم من خلال طهران بإعطائها المزيد من الامتيازات السياسية في الشرق الأوسط ووسط آسيا وجنوبها.
فكانت الولايات المتحدة الخاسر الأكبر نتيجة ذلك، ليس نتيجة التوسع الإيراني بل نتيجة الولوج الصيني الروسي لمناطق نفوذ تقليدية للولايات المتحدة من وراء الستار الإيراني في الشرقين الأدنى والأوسط.
تجد إيران نفسها الآن في مواجهة سياسة العصا والجزرة الأميركية ولأول مرة بشكل حقيقي، وليس أدل على ذلك من تصريح وزير الخارجية مايك بومبيو الثلاثاء الفائت من بغداد، حين قال "نحن هنا لدعم استقلال العراق وسيادته الوطنية"، بعد إلغائه زيارة مجدولة إلى ألمانيا.
حجم التحفز السياسي نتيجة قرب دخول تصفير صادرات إيران النفطية حيز التنفيذ، تعد العصا الأغلظ في تاريخ العلاقات بين واشنطن وطهران، لذلك لم يكن بمستغرب أن تُقْدِم إيران على توظيف أهم أدواتها السياسية في المنطقة، والمتمثلة في أذرعها السياسية في الشرق الأوسط.
بدأ تسلسل الأحداث منذ أكثر من أسبوع، بعد أن كشف موقع أكسيوس واسع الاطلاع عن اجتماع طارئ تم بين جون بولتون، مستشار الرئيس دونالد ترامب لشؤون الأمن القومي وفريق عالي المستوى من جهاز الموساد الإسرائيلي بقيادة مستشار الأمن القومي مائير بن شابات في السادس من مايو الجاري، حيث أطلع الفريق الإسرائيلي بولتون على معلومات مؤكدة عن عزم إيران استهداف الولايات المتحدة أو السعودية والإمارات في حال أقدمت الولايات المتحدة على منع إيران من تصدير نفطها عبر مضيق هرمز.
خرج بولتون بعد ذلك ليوجه إنذاراً قطعياً لإيران باستخدام "القوة بلا تهاون" في حال قررت إيران تنفيذ مخططاتها.
بعدها تم الإيعاز للوزير بومبيو بقطع زيارته لألمانيا وتوجيه الإنذار من العراق الموقع المحتمل الأول لاستغلال أراضيه في تنفيذ تلك التهديدات "نحن هنا لنؤكد دعمنا لسيادة العراق الوطنية".
رسالة الوزير بومبيو لإيران ووكلائها في العراق قد تنجح في التحييد النسبي للعراق، إلا أن أمر إنفاذ ذلك سياسيا سيكون منوطا بحكومة عادل عبدالمهدي تحديدا.
سيمثل الجنرال كينيث ماكنزي، قائد القيادة المركزية للقوات المسلحة الأميركية، العصا الغليظة في التعاطي مع إيران أو وكلائها في عموم منطقتي الشرق الأوسط والأدنى، بالإضافة للتنسيق مع القيادة الأفريقية (أفريكوم) للتعامل مع مصادر التهديد المحتملة في منطقة القرن الأفريقي وباب المندب.
وتمثل الخطوات التي اعتمدها الجنرال ماكنزي عبر رفع الجاهزية القتالية والقدرات القتالية للقيادة الوسطى من إلحاق لمجموعة القتال التابعة لحاملة الطائرات آيزنهاور وقوة من المارين، بالإضافة إلى أربع قاذفات من فئة “B-52” تتمركز الآن في قاعدة العديد القطرية، خطوة التلويح بتلك العصا في وجه إيران لتشجيعها على إعادة تقييم موقفها السياسي، إلا أن الخطر الإيراني الحقيقي لن يأتي من منظومة قواها التقليدية.
فهي لا تمتلك سلاح جو قادر على منع استباحة أجوائها، ومنظومة دفاعها الجوي المتهالكة ترتكز على بطاريات هوك الأميركية، بالإضافة إلى منظومة S-300 الروسية.
والأخيرة لن تشكل الآن حائط حماية للعمق الإيراني أو قواعدها الساحلية بعد أن نجحت إسرائيل في اختراق نظم الحماية لتلك المنظومة في سوريا، والتي باتت بالتأكيد الآن في حيازة وزارة الدفاع الأميركية.
يكمن الخطر الإيراني في عناصر أخرى ترتكز في الأساس على غواصاتها من فئة كيلوكلاس المحدّثة أو التي تدّعي إيران أنها دشّنت نسخة منها تحت اسم "الفاتح" في فبراير الماضي.
وفي حال ثبت امتلاك البحرية الإيرانية صواريخ كاليبر الجوالة الروسية (وذلك أمر مستبعد)، لأن روسيا لن تقامر باستفزاز الولايات المتحدة، لكن في حال شكّت الولايات المتحدة بأن إيران تمتلك تلك المقدرة، فإنها ستعمد لإخراج تلك الغواصات من المعادلة فور خروجها للمياه العميقة خارج مياه الخليج العربي.
مع ذلك يكمن الخطر الأكبر في مزاوجة الزوارق المسيّرة عن بُعد بمنصات إطلاق صواريخ نصير (النموذج الإيراني من الصاروخ الصيني C-802) وقد سبق لحزب الله استخدامه في استهداف المدمرة فئة كورفيت الإسرائيلية "ساعرة" في حرب 2006، وكذلك استخدمه الحوثي عام 2016 في استهداف سفينة الإغاثة الإماراتية "سويفت" بالإضافة لسفينة "بونس" التابعة للبحرية الأميركية.
وقد تعد التركيبة الأخطر هي تحويل بعض السفن التجارية الإيرانية أو السفن التقليدية إلى منصات لإطلاق مثل تلك الصواريخ أو منصات إطلاق للقوارب المسيّرة عن بُعد.
تعي القيادة الإيرانية أنها لن تحتمل تبعات مواجهة عسكرية مع الولايات المتحدة ، ولكن في حال قررت استهداف دول مثل المملكة العربية السعودية أو الإمارات العربية المتحدة بشكل مباشر أو من خلال وكلاء لها، فإن الولايات المتحدة لن تستطيع كبح إرادة الردع عند أيٍ منهما، يمتلك كلاهما الأدوات اللازمة لاستباحة الأجواء الإيرانية وإلى أي عمق يشاء.
كذلك هو الحال إذا قررت إيران استهداف إسرائيل، وقد يكون في شبه المؤكد نشر إسرائيل لأكثر من غواصة من فئة دولفن في مياه قريبة من إيران في بحر العرب أو خليج عُمان.
قد تدفع الولايات المتحدة وإيران بالموقف إلى نقطة اللاعودة في حال حدث أي تصعيد عسكري، إلا أن نشوب مواجهة عسكرية مع أي من الأطراف سالفة الذكر سوف يدفع لتفجّر الوضع الإيراني داخليا.
ذلك ما تخشاه القيادة السياسية في قُم وطهران. إيران تعيش حالة انكشاف سياسي واجتماعي هي الأخطر على نظامها منذ 1979.