المصدر - متابعات
تحرُّك استراتيجي عبَّر عنه قرار واشنطن بتحريك حاملة الطائرات الأمريكية “يو إس إس أبراهام لينكولن“، التي تلقَّت الأوامر مؤخرًا بترك نقاط ارتكاز الأسطول السادس بالمتوسط والتوجه إلى منطقة عمليات الأسطول الخامس بالخليج العربي والبحر الأحمر. وكانت هيئة قناة السويس المصرية قد قالت، في بيان لها، إن حاملة الطائرات الأمريكية قد عبرت القناة يوم الخميس الماضي.
عمليًّا يهدف هذا التحرك الاستراتيجي إلى مجموعة من الأهداف؛ من بينها الرد على التهديدات الإيرانية المتكررة -آخرها في نهاية أبريل الماضي- بإغلاق مضيق هرمز، وتأمين حرية الملاحة به، وإحكام الضغط على إيران وتضييق الخناق على وكلائها في المنطقة، وتقديم رسائل طمأنة إلى الحلفاء في المنطقة المستهدفين بتهديدات طهران المباشرة وغير المباشرة عبر الوكلاء.
وبينما يري محللون أن تلك الخطوة من شأنها فتح باب التصعيد والتصعيد العسكري المقابل بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، يظل السيناريو الأكثر معقولية هو أن تلك الخطوة من شأنها فقط ردع إيران على غرار الاستراتيجية التي اتَّبعتها واشنطن في التعامل مع كوريا الشمالية. فصعوبة أن يتطور الأمر إلى مواجهة عسكرية مباشرة يأخذ في الحسبان عدة اعتبارات؛ أولها عدم قدرة إيران-عسكريًّا واقتصاديًّا- على أخذ زمام المبادرة ببدء مواجهة عسكرية مباشرة اليوم مع واشنطن، واستراتيجية الأخيرة الرامية إلى الانسحاب من الشرق الأوسط لا الانخراط فيه بفتح جبهات لحروب جديدة قد تكون كلفتها باهظة على غرار حربَي العراق وأفغانستان؛ وهو ما أقنعت به إدارة ترامب ناخبيها.
إذن يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية تريد الضغط على إيران وجلبها إلى طاولة المفاوضات دون شروط مسبقة وَفق المبدأ العسكري القائل إن “إظهار القوة في بعض الأوقات قد يكون بغية تجنُّب استعمالها”. هنا لا يجب إغفال تصريح مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون، في بيان صدر يوم الخامس من مايو الجاري، قال فيه إن “الولايات المتحدة الأمريكية لا تسعى إلى الحرب مع النظام الإيراني” لكن “أي هجوم على مصالح الولايات المتحدة أو مصالح حلفائنا سوف يقابل بقوة لا هوادة فيها”.
وعن الأهداف المنشودة من تلك الخطوة التكتيكية، فإن أهمية مضيق هرمز الذي هددت إيران بإغلاقه تكمُن في حقيقة كونه أهم نقطة مرور للنفط في العالم؛ حيث يتدفق عبره 17 مليون برميل يوميًّا (وَفق إحصاءات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية في عام 2011). وتؤكد الإحصاءات ذاتها بلوغ التدفقات عبر المضيق في العام نفسه نحو 35٪ من جميع النفط المنقول بحرًا، وما يقرب من 20٪ من المتداول عالميًّا. إذن نحن نتحدث عن أهمية استراتيجية دولية للمضيق، ليست بالنسبة إلى بلدان الخليج؛ مثل السعودية والعراق والإمارات والكويت التي تصدر 88 و98 في المئة و99 و100 (على التوالي) في المئة من إنتاجها النفطي، ولا بالنسبة إلى دولة مثل مصر فقط التي يعد المضيق مدخل قناة السويس (أبرز مصادر الدخل القومي)، لكن أيضًا بالنسبة إلى الاقتصاد العالمي والأسواق الغربية والآسيوية، فالأخيرة فقط يذهب إليها أكثر من 85٪ من صادرات النفط الخام؛ حيث تمثل اليابان والهند وكوريا الجنوبية والصين كبرى الوجهات.
ثم هناك الهدف الثاني وهو ردع حركة إيران ووكلائها في المنطقة بالقرب من القوات الأمريكية والقوات المدعومة أمريكيًّا في كل من العراق وسوريا، والخطر المباشر الذي تمثله الصواريخ الإيرانية تجاه بلدان المنطقة. أما عن الوكلاء الإيرانيين في اليمن ولبنان وسوريا وقطاع غزة فهم يهددون بشكل مباشر حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، سواء بلدان الخليج العربي كالمملكة العربية السعودية أو إسرائيل، بهجمات صاروخية؛ ما يجعل في النهاية إمكانية تسوية كثير من النزاعات الدائرة في المنطقة شبه مستحيل.
وهكذا، ومن أجل القيام بعملية الردع وتقليم أظافر الأذرع الإيرانية، وبعد سنة من انسحاب الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق النووي الإيراني، فقد نجحت إدارته في توظيف كم غير مسبوق من العقوبات ضد إيران. ووَفق صحيفة “الفاينانشيال تايمز”، في نهاية أبريل الماضي، فإن الاقتصاد الإيراني بصدد الانهيار جراء تلك العقوبات. فصادرات النفط انخفضت إلى النصف، والعملة الإيرانية انحدرت إلى مستويات قياسية، أما التضخم فقد يتجاوز 37 في المئة إذا ما استمر انخفاض صادرات النفط، وقد يصل معدل النمو إلى “6-” في 2020 وَفق صندوق النقد الدولي. وبخلاف أن العقوبات تلك بالطبع ستحدّ من القدرة المالية للحرس الثوري الإيراني وقدرة إيران على تمويل وتسليح وكلائها؛ فإن الخطوة الأخيرة بتحريك حاملة الطائرات الأمريكية “لنكولن” من شأنها زيادة الضغط العسكري، وقد تدفع طهران إلى نقل مواردها من الخارج إلى الداخل؛ لمواجهة التهديد الأمريكي، وهو ما سيجعل الوكلاء في الخارج بالضرورة في حالة تأثُّر مباشر بهذا التكتيك. هنا لا يمكن إغفال بدء الحوثيين الانسحاب من ميناءَي الصليف ورأس عيسى في محافظة الحديدة بموجب اتفاق السلام الذي تم إبرامه برعاية الأمم المتحدة، والذي كان متوقفًا منذ شهور!
وتعد أهمية الرسالة التي تعبر عنها تلك الخطوة في كون “أبراهام لينكولن” من أضخم السفن الحربية في العالم. وبشكل عام فإن مجموعة “لينكولن” البحرية العسكرية تتكون من حاملة الطائرات “يو إس إس أبراهام لينكولن”، وسفينة “يو إس إس ليتي جولف”، وسفينة “يو إس إس باينبريدج”، وسفينة “يو إس إس نيتز” و”يو إس إس ماسون”. وتستطيع حمل ما يقرب من 90 طائرة؛ بين قاذفات ومقاتلات هجوميات ومروحيات. ويتكون الأسطول الأساسي للسفينة من طائرات “إف 18″، بالإضافة إلى مقاتلات “إف 35″، ناهيك بأن الحاملة ذاتها مزودة بقاذفات صواريخ سبارو، ومدافع فلانكس، وقدرة إطلاق صواريخ كروز. وهنا فالأمر لا يحمل مبالغة إذا قُلنا إن “لينكولن” تكاد تبدو جيشًا متنقلًا، بقدرة إبحار بسرعة 30 عُقدة بحرية، من خلال محركَين نوويَّين. ووَفق تقديرات، فإن هذا التشكيل يعمل عليه ما يزيد على 7000 شخص.
ثم هناك التذكرة التاريخية؛ إذ لا يُخفى على أحد مشاركة “أبراهام لينكولن” في عديد من المهمات العسكرية؛ كان أبرزها عملية عاصفة الصحراء في عام 1991، بجانب دعمها الجيش الأمريكي في اجتياح أفغانستان عام 2002. وما يجعل الرسالة الأمريكية أكثر وضوحًا هو مرافقة الطائرات “بي 52” التي تصنف كواحدة من أكثر القاذفات الاستراتيجية الأمريكية فتكًا، وهي التي تم استخدامها سابقًا في حرب الخليج عام 1991، ودمَّرت 40% من مجموع الأسلحة العراقية. هذا وتستطيع الطائرة حمل وإطلاق 35 ألف كيلوجرام من القنابل والصواريخ التقليدية والنووية وقطع مسافات تتجاوز ألف كم/ساعة بلا توقُّف.
عمليًّا يهدف هذا التحرك الاستراتيجي إلى مجموعة من الأهداف؛ من بينها الرد على التهديدات الإيرانية المتكررة -آخرها في نهاية أبريل الماضي- بإغلاق مضيق هرمز، وتأمين حرية الملاحة به، وإحكام الضغط على إيران وتضييق الخناق على وكلائها في المنطقة، وتقديم رسائل طمأنة إلى الحلفاء في المنطقة المستهدفين بتهديدات طهران المباشرة وغير المباشرة عبر الوكلاء.
وبينما يري محللون أن تلك الخطوة من شأنها فتح باب التصعيد والتصعيد العسكري المقابل بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، يظل السيناريو الأكثر معقولية هو أن تلك الخطوة من شأنها فقط ردع إيران على غرار الاستراتيجية التي اتَّبعتها واشنطن في التعامل مع كوريا الشمالية. فصعوبة أن يتطور الأمر إلى مواجهة عسكرية مباشرة يأخذ في الحسبان عدة اعتبارات؛ أولها عدم قدرة إيران-عسكريًّا واقتصاديًّا- على أخذ زمام المبادرة ببدء مواجهة عسكرية مباشرة اليوم مع واشنطن، واستراتيجية الأخيرة الرامية إلى الانسحاب من الشرق الأوسط لا الانخراط فيه بفتح جبهات لحروب جديدة قد تكون كلفتها باهظة على غرار حربَي العراق وأفغانستان؛ وهو ما أقنعت به إدارة ترامب ناخبيها.
إذن يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية تريد الضغط على إيران وجلبها إلى طاولة المفاوضات دون شروط مسبقة وَفق المبدأ العسكري القائل إن “إظهار القوة في بعض الأوقات قد يكون بغية تجنُّب استعمالها”. هنا لا يجب إغفال تصريح مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون، في بيان صدر يوم الخامس من مايو الجاري، قال فيه إن “الولايات المتحدة الأمريكية لا تسعى إلى الحرب مع النظام الإيراني” لكن “أي هجوم على مصالح الولايات المتحدة أو مصالح حلفائنا سوف يقابل بقوة لا هوادة فيها”.
وعن الأهداف المنشودة من تلك الخطوة التكتيكية، فإن أهمية مضيق هرمز الذي هددت إيران بإغلاقه تكمُن في حقيقة كونه أهم نقطة مرور للنفط في العالم؛ حيث يتدفق عبره 17 مليون برميل يوميًّا (وَفق إحصاءات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية في عام 2011). وتؤكد الإحصاءات ذاتها بلوغ التدفقات عبر المضيق في العام نفسه نحو 35٪ من جميع النفط المنقول بحرًا، وما يقرب من 20٪ من المتداول عالميًّا. إذن نحن نتحدث عن أهمية استراتيجية دولية للمضيق، ليست بالنسبة إلى بلدان الخليج؛ مثل السعودية والعراق والإمارات والكويت التي تصدر 88 و98 في المئة و99 و100 (على التوالي) في المئة من إنتاجها النفطي، ولا بالنسبة إلى دولة مثل مصر فقط التي يعد المضيق مدخل قناة السويس (أبرز مصادر الدخل القومي)، لكن أيضًا بالنسبة إلى الاقتصاد العالمي والأسواق الغربية والآسيوية، فالأخيرة فقط يذهب إليها أكثر من 85٪ من صادرات النفط الخام؛ حيث تمثل اليابان والهند وكوريا الجنوبية والصين كبرى الوجهات.
ثم هناك الهدف الثاني وهو ردع حركة إيران ووكلائها في المنطقة بالقرب من القوات الأمريكية والقوات المدعومة أمريكيًّا في كل من العراق وسوريا، والخطر المباشر الذي تمثله الصواريخ الإيرانية تجاه بلدان المنطقة. أما عن الوكلاء الإيرانيين في اليمن ولبنان وسوريا وقطاع غزة فهم يهددون بشكل مباشر حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، سواء بلدان الخليج العربي كالمملكة العربية السعودية أو إسرائيل، بهجمات صاروخية؛ ما يجعل في النهاية إمكانية تسوية كثير من النزاعات الدائرة في المنطقة شبه مستحيل.
وهكذا، ومن أجل القيام بعملية الردع وتقليم أظافر الأذرع الإيرانية، وبعد سنة من انسحاب الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق النووي الإيراني، فقد نجحت إدارته في توظيف كم غير مسبوق من العقوبات ضد إيران. ووَفق صحيفة “الفاينانشيال تايمز”، في نهاية أبريل الماضي، فإن الاقتصاد الإيراني بصدد الانهيار جراء تلك العقوبات. فصادرات النفط انخفضت إلى النصف، والعملة الإيرانية انحدرت إلى مستويات قياسية، أما التضخم فقد يتجاوز 37 في المئة إذا ما استمر انخفاض صادرات النفط، وقد يصل معدل النمو إلى “6-” في 2020 وَفق صندوق النقد الدولي. وبخلاف أن العقوبات تلك بالطبع ستحدّ من القدرة المالية للحرس الثوري الإيراني وقدرة إيران على تمويل وتسليح وكلائها؛ فإن الخطوة الأخيرة بتحريك حاملة الطائرات الأمريكية “لنكولن” من شأنها زيادة الضغط العسكري، وقد تدفع طهران إلى نقل مواردها من الخارج إلى الداخل؛ لمواجهة التهديد الأمريكي، وهو ما سيجعل الوكلاء في الخارج بالضرورة في حالة تأثُّر مباشر بهذا التكتيك. هنا لا يمكن إغفال بدء الحوثيين الانسحاب من ميناءَي الصليف ورأس عيسى في محافظة الحديدة بموجب اتفاق السلام الذي تم إبرامه برعاية الأمم المتحدة، والذي كان متوقفًا منذ شهور!
وتعد أهمية الرسالة التي تعبر عنها تلك الخطوة في كون “أبراهام لينكولن” من أضخم السفن الحربية في العالم. وبشكل عام فإن مجموعة “لينكولن” البحرية العسكرية تتكون من حاملة الطائرات “يو إس إس أبراهام لينكولن”، وسفينة “يو إس إس ليتي جولف”، وسفينة “يو إس إس باينبريدج”، وسفينة “يو إس إس نيتز” و”يو إس إس ماسون”. وتستطيع حمل ما يقرب من 90 طائرة؛ بين قاذفات ومقاتلات هجوميات ومروحيات. ويتكون الأسطول الأساسي للسفينة من طائرات “إف 18″، بالإضافة إلى مقاتلات “إف 35″، ناهيك بأن الحاملة ذاتها مزودة بقاذفات صواريخ سبارو، ومدافع فلانكس، وقدرة إطلاق صواريخ كروز. وهنا فالأمر لا يحمل مبالغة إذا قُلنا إن “لينكولن” تكاد تبدو جيشًا متنقلًا، بقدرة إبحار بسرعة 30 عُقدة بحرية، من خلال محركَين نوويَّين. ووَفق تقديرات، فإن هذا التشكيل يعمل عليه ما يزيد على 7000 شخص.
ثم هناك التذكرة التاريخية؛ إذ لا يُخفى على أحد مشاركة “أبراهام لينكولن” في عديد من المهمات العسكرية؛ كان أبرزها عملية عاصفة الصحراء في عام 1991، بجانب دعمها الجيش الأمريكي في اجتياح أفغانستان عام 2002. وما يجعل الرسالة الأمريكية أكثر وضوحًا هو مرافقة الطائرات “بي 52” التي تصنف كواحدة من أكثر القاذفات الاستراتيجية الأمريكية فتكًا، وهي التي تم استخدامها سابقًا في حرب الخليج عام 1991، ودمَّرت 40% من مجموع الأسلحة العراقية. هذا وتستطيع الطائرة حمل وإطلاق 35 ألف كيلوجرام من القنابل والصواريخ التقليدية والنووية وقطع مسافات تتجاوز ألف كم/ساعة بلا توقُّف.