الإعاقة إعاقة فكر وليس إعاقة عقل
المصدر -
حلمت هبة الشرفا منذ كانت طفلة أن تصبح مدرّسة. الفتاة التي تبلغ من العمر اليوم 26 عاماً، ولدت معوّقة ذهنياً. لكنّ متلازمة داون لديها، لم تشكّل عائقاً أمامها في وجه تحقيق الحلم. وبالفعل، باتت أول مدرّسة معوّقة ذهنياً في قطاع غزة الفلسطيني المحتل.
تعلمت هبة على يد والدتها أول الحروف. ومنذ الطفولة، زاد شغفها واهتمامها بالمعرفة خصوصاً مع حبها للغة العربية والرياضيات. تقول والدتها: "عندما كانت هبة بعمر خمس سنوات، التحقت بجمعية الحق في الحياة. كانت الجمعية الوحيدة التي تهتم بحالات أطفال كابنتي. هيأتها الجمعية في المرحلة الأولى للفصول الدراسية من خلال برامج تثقيفية وتوعوية للأطفال المعوقين، كي يتمكنوا من الاعتماد على أنفسهم في الأكل والشرب واللعب والنظافة".
لهبة شقيق وأربع شقيقات جميعهم أكبر منها. كان نصيبها من دلال وحنان والديها كبيراً كونها "آخر العنقود". ولخصوصية حالتها، لم يتوان الوالدان عن توفير كلّ مقومات الحياة الكريمة لها، كي تعيش حياتها بشكل طبيعي بالكامل. تصف الأم ابنتها: "هبة شخصية مرحة كثيرة الضحك والحركة، نشيطة وحيوية. كما أنّها ذكية وسريعة الاستيعاب والفهم، واجتماعية جداً تحب صديقاتها ومعارفها، وتمضي معظم وقتها في منزل العائلة مع بنات عمها باللعب والمرح".
عدا عن اللهو، تساعد هبة والدتها في الأعمال المنزلية. كما تعتمد على نفسها بشكل كبير في تأدية الواجبات والمهام الخاصة. تقول الوالدة: "كانت تستيقظ كلّ صباح وحدها على موعد ذهابها إلى الجمعية. تصلي وترتدي ملابسها وتخرج لانتظار الباص. وحين ينتهي دوامها وتعود إلى المنزل، ترتب غرفتها وتساعدني في باقي احتياجات البيت".
خارج أسوار المنزل، كان الاهتمام الذي أولته "جمعية الحق في الحياة" لهبة كبيراً، خصوصاً مدرّستها نوال بن سعيد التي لازمتها في الفصل. كانت هبة تتابع مدرّستها جيدًا وتفهم أسلوبها في التدريس، وتعيد تطبيقه مع الأطفال الآخرين. تصف هبة هذه الفترة: "كنت مع المعلمة نوال دائماً. أساعدها في الدروس وأشرحها للأطفال داخل الصف. كما كنت أساعدها في تحضير الدروس للأيام المقبلة، وكنت أشعر برغبة كبيرة في تعلم المزيد وتطوير مهاراتي في التعليم خصوصاً".
في سن التاسعة كانت منال بن سعيد مدرّستها التي شكلت نقطة التحول الأهم في حياتها. يومها استقبلتها وأولتها اهتماماً خاصاً بعد لمسها مواهبها ورغبتها الكبيرة في التعلم. تقول بن سعيد: "اكتشفت في هبة مهارات أكاديمية، بالإضافة إلى حبها للقيادة في الصف. وحين كبرت وأصبحت في الرابعة عشرة، رفضت الانتقال إلى مرحلة ما قبل التعليم المهني، وأصرت على البقاء معنا من أجل التدريس".
في بداية اتجاهها إلى التدريس، مرت هبة بمراحل صعبة جداً حتى وصلت إلى رتبة مساعدة مدرّسة اليوم. تقول بن سعيد لـ"العربي الجديد": "عانت هبة في بعض المراحل من صعوبات كبيرة في الكتابة وتهجئة الكلمات، إلاّ أنها تحدت الصعوبات بإرادتها، حتى أصبحت تساعد زميلاتها الضعيفات في الكتابة أيضاً". تتابع: "كما أدت هبة أدواراً كبيرة داخل الصف من خلال بنائها علاقات قوية مع الأطفال. لم تكن تشعرهم بفارق السن بينهم وبينها، كانت تقلدني في شرح الدروس ومعاملة الأطفال، وتساعدهم في الكتابة والنطق والتعلم".
امتلأ عالم هبة بالأمل. أحبها الجميع وافتخروا بها، بدءاً من مسؤولي الجمعية مروراً بزميلاتها في الدراسة. تقول بن سعيد: "كانت هبة تتصل بي عندما أمرض، وكان جدول حصصي معها دائماً، تتابع الدروس للتلاميذ في غيابي".
بدورها، تقول هبة: "أكثر ما أحبه في المواد التي أدرّسها للأطفال هي اللغة العربية. كما أحب حفظ القصائد، وألقيها في المهرجانات والفعاليات التي تنظمها الجمعية".
تقول بن سعيد عن ذلك: "تتأثر هبة بمفردات القصائد ومعانيها. يظهر من وجهها إن كانت كلمات القصيدة حزينة أو سعيدة". وعن أسلوبها التعليمي تقول: "تطبق أساليب متقدمة في تعليم الأطفال. من ذلك استخدام التدريس بالبالونات الصغيرة والحلوى والأقلام".
تجدر الإشارة إلى وجود فروقات عقلية بين من لديهم متلازمة داون. فمنهم من لديه ذاكرة قوية جداً، ومنهم من يتمتع بذكاء عالٍ وسرعة بديهة، لكن مع قدرات محدودة في جوانب أخرى. مع ذلك، فالصفة الغالبة فيهم هي حبهم للآخرين وللحياة. تقول هبة: "أحببت التعليم منذ صغري. كبرت ووجدت كل الأجواء المساعدة لتطوير مهاراتي. اجتهدت حتى حققت حلمي. وهذا بفضل الله وأمي ومدرّستي
أتشرف بكونك عربية فلسطينية مبدعة
تعلمت هبة على يد والدتها أول الحروف. ومنذ الطفولة، زاد شغفها واهتمامها بالمعرفة خصوصاً مع حبها للغة العربية والرياضيات. تقول والدتها: "عندما كانت هبة بعمر خمس سنوات، التحقت بجمعية الحق في الحياة. كانت الجمعية الوحيدة التي تهتم بحالات أطفال كابنتي. هيأتها الجمعية في المرحلة الأولى للفصول الدراسية من خلال برامج تثقيفية وتوعوية للأطفال المعوقين، كي يتمكنوا من الاعتماد على أنفسهم في الأكل والشرب واللعب والنظافة".
لهبة شقيق وأربع شقيقات جميعهم أكبر منها. كان نصيبها من دلال وحنان والديها كبيراً كونها "آخر العنقود". ولخصوصية حالتها، لم يتوان الوالدان عن توفير كلّ مقومات الحياة الكريمة لها، كي تعيش حياتها بشكل طبيعي بالكامل. تصف الأم ابنتها: "هبة شخصية مرحة كثيرة الضحك والحركة، نشيطة وحيوية. كما أنّها ذكية وسريعة الاستيعاب والفهم، واجتماعية جداً تحب صديقاتها ومعارفها، وتمضي معظم وقتها في منزل العائلة مع بنات عمها باللعب والمرح".
عدا عن اللهو، تساعد هبة والدتها في الأعمال المنزلية. كما تعتمد على نفسها بشكل كبير في تأدية الواجبات والمهام الخاصة. تقول الوالدة: "كانت تستيقظ كلّ صباح وحدها على موعد ذهابها إلى الجمعية. تصلي وترتدي ملابسها وتخرج لانتظار الباص. وحين ينتهي دوامها وتعود إلى المنزل، ترتب غرفتها وتساعدني في باقي احتياجات البيت".
خارج أسوار المنزل، كان الاهتمام الذي أولته "جمعية الحق في الحياة" لهبة كبيراً، خصوصاً مدرّستها نوال بن سعيد التي لازمتها في الفصل. كانت هبة تتابع مدرّستها جيدًا وتفهم أسلوبها في التدريس، وتعيد تطبيقه مع الأطفال الآخرين. تصف هبة هذه الفترة: "كنت مع المعلمة نوال دائماً. أساعدها في الدروس وأشرحها للأطفال داخل الصف. كما كنت أساعدها في تحضير الدروس للأيام المقبلة، وكنت أشعر برغبة كبيرة في تعلم المزيد وتطوير مهاراتي في التعليم خصوصاً".
في سن التاسعة كانت منال بن سعيد مدرّستها التي شكلت نقطة التحول الأهم في حياتها. يومها استقبلتها وأولتها اهتماماً خاصاً بعد لمسها مواهبها ورغبتها الكبيرة في التعلم. تقول بن سعيد: "اكتشفت في هبة مهارات أكاديمية، بالإضافة إلى حبها للقيادة في الصف. وحين كبرت وأصبحت في الرابعة عشرة، رفضت الانتقال إلى مرحلة ما قبل التعليم المهني، وأصرت على البقاء معنا من أجل التدريس".
في بداية اتجاهها إلى التدريس، مرت هبة بمراحل صعبة جداً حتى وصلت إلى رتبة مساعدة مدرّسة اليوم. تقول بن سعيد لـ"العربي الجديد": "عانت هبة في بعض المراحل من صعوبات كبيرة في الكتابة وتهجئة الكلمات، إلاّ أنها تحدت الصعوبات بإرادتها، حتى أصبحت تساعد زميلاتها الضعيفات في الكتابة أيضاً". تتابع: "كما أدت هبة أدواراً كبيرة داخل الصف من خلال بنائها علاقات قوية مع الأطفال. لم تكن تشعرهم بفارق السن بينهم وبينها، كانت تقلدني في شرح الدروس ومعاملة الأطفال، وتساعدهم في الكتابة والنطق والتعلم".
امتلأ عالم هبة بالأمل. أحبها الجميع وافتخروا بها، بدءاً من مسؤولي الجمعية مروراً بزميلاتها في الدراسة. تقول بن سعيد: "كانت هبة تتصل بي عندما أمرض، وكان جدول حصصي معها دائماً، تتابع الدروس للتلاميذ في غيابي".
بدورها، تقول هبة: "أكثر ما أحبه في المواد التي أدرّسها للأطفال هي اللغة العربية. كما أحب حفظ القصائد، وألقيها في المهرجانات والفعاليات التي تنظمها الجمعية".
تقول بن سعيد عن ذلك: "تتأثر هبة بمفردات القصائد ومعانيها. يظهر من وجهها إن كانت كلمات القصيدة حزينة أو سعيدة". وعن أسلوبها التعليمي تقول: "تطبق أساليب متقدمة في تعليم الأطفال. من ذلك استخدام التدريس بالبالونات الصغيرة والحلوى والأقلام".
تجدر الإشارة إلى وجود فروقات عقلية بين من لديهم متلازمة داون. فمنهم من لديه ذاكرة قوية جداً، ومنهم من يتمتع بذكاء عالٍ وسرعة بديهة، لكن مع قدرات محدودة في جوانب أخرى. مع ذلك، فالصفة الغالبة فيهم هي حبهم للآخرين وللحياة. تقول هبة: "أحببت التعليم منذ صغري. كبرت ووجدت كل الأجواء المساعدة لتطوير مهاراتي. اجتهدت حتى حققت حلمي. وهذا بفضل الله وأمي ومدرّستي
أتشرف بكونك عربية فلسطينية مبدعة