بواسطة :
22-03-2015 08:46 صباحاً
9.7K
المصدر - متابعة - مؤيد حسين*
قصة مأساوية جديدة من العراق الذي يغيب عنه القانون وتسيطر عليه الجماعات المسلحة، وهذه المرة من ناحية "جرف الصخر" في محافظة بابل (100 كم جنوب بغداد)، والتي داهمتها مليشيات الحشد الشعبي قبل أيام، بحثاً عمن تصفهم بـ "المطلوبين".
وعادة ما تقتحم عناصر المليشيات المنازل وتتصرف بطريقة انتقائية مع المواطنين، على أسس طائفية ضيقة، لا تنحصر في الضرب والسرقة أو الإعدام الميداني، بل تتعدى إلى الاعتداء على النساء، اغتصاباً وقتلاً.وقال أحد وجهاء الناحية، الشيخ عبود الشمري لإن عناصر المليشيات حرقوا عدداً من المنازل بعد أن قتلوا واعتقلوا عشرات الشباب واعتدوا على النساء والشيوخ بالسبّ والشتم، كما اعتدى بعضهم على نساء جنسياً، ما اضطر السكان المحليين إلى مقاومتهم حفاظاً على حياتهم.
أبو أحمد الجنابي، عراقي يعمل في بقالة على أطراف الناحية، قاوم المليشيات ببندقيته القديمة خوفاً على نفسه وزوجته من الاعتداء، وبحسب ما يحكي الشيخ الشمري فإن "أبو أحمد شاهد ما حل بالمنازل في القرى المجاورة بعد أن دخلتها المليشيات، وبعد أن رأى أن بندقيته لا تحوي غير بضع رصاصات، وأن مسلحي المليشيات يحيطون منزله، وبعضهم تسور سياج الدار وصار في حديقتها، قرر أن يقتل زوجته، ثم خرج ليطلق عليهم ما تبقى من رصاصات حتى قتلوه".
*وتابع الشمري الذي وصل حديثاً إلى الفلوجة هارباً من بطش المليشيات مع أسرته، أن "أبو أحمد خشي من تكرار سيناريو دخول المليشيات والاعتداء على زوجته أمامه قبل أن يقتلوهما معاً، فاختصر الموضوع طهارة لشرفه ولكرامته" على حد تعبيره.*
وأوضح أن "الجنابي وجد عند مدخل المنزل مقتولاً، بينما كانت زوجته ممددة في الغرفة المجاورة، وقد وضعت القرآن بين يديها".
أما أطفالهم الثلاثة أحمد (12 عاماً) وحسن (9 أعوام) وعمر (4 أعوام)، فوجدوا بعد يومين في بلدة الإسكندرية بعد هربهم، وكانوا ينامون في مستودع لتبديل زيوت الشاحنات، وتم إيصالهم إلى عمهم الأكبر في منطقة بضواحي بغداد الجنوبية.
وأشار الشمري إلى أن عشرات الأسر التي لا تزال محاصرة داخل الناحية، تعاني من أوضاع أمنية وإنسانية قاسية بسبب تنامي نفوذ المليشيات، والتي اعتقلت جميع الشباب، ثم أطلقت سراح بعضهم بعد أن تعهدوا بالانتماء إلى "الحشد الشعبي"، فيما عثر على جثث بعضهم في مناطق قريبة من جرف الصخر.
وانتقد الوجيه العراقي الصمت الحكومي عن الانتهاكات التي ترتكبها هذه المليشيات التي وصفها بأنها "عصابات"، بحق الإنسان العراقي في بابل وديالى وصلاح الدين وبغداد، وناشد المنظمات الدولية والأمم المتحدة للتدخل العاجل لوقف جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكب في العراق.
وتثير سيطرة المليشيات العراقية على مناطق واسعة من البلاد قلق كثيرين، وقال القائد السابق للجيش الأميركي ديفيد بترايوس إن خطر المليشيات على العراق أصبح أكبر من خطر تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، مشيراً في حديث لصحيفة "واشنطن بوست" إلى تنامي النفوذ الإيراني الذي يهدّد استقرار العراق على المدى البعيد عبر المليشيات الشيعية المدعومة من إيران.
ويأتي تنامي نفوذ المليشيات في العراق، في وقتٍ أكدت فيه الأمم المتحدة احتمال ارتكاب القوات العراقية والمليشيات المساندة لها، جرائم حرب في البلاد، داعيةً الحكومة العراقية للتحقيق في الانتهاكات بحق المدنيين، والتي يجري الحديث عنها في تكريت.