المصدر -
باقتراب موعد قيادة المراة في المملكة العربية السعودية أظهر العديد سخريته و شفقته على النساء ظنا منهم أنهن بليدات في عالم قيادة السيارات . كما و قد بادر الكثيرين باطلاق النكات و مقاطع الفيديو الضاحكة حول أهلية المراة للقيادة وضعفها فيها و هذا ما جعلني أتساءل عن حقيقة هذه الصورة النمطية الساخرة التي أطلقها المجتمع حول قيادة المرأه وهل هي نظرة مقتصرة على عالمنا العربي بما فيه المجمتع السعودي خصوصا أم هي ظاهرة عالمية منشرة في جميع مجتمعات العالم . و هل الرجل فعلا أمهر من المراة في القيادة و إن كانت فعلا المراه بليدة في قيادة السيارة فهل لهذه الحقيقة ما يدعمها من قواعد علمية و نفسية أم أنها مجرد إفتراء مبني على إعتقادات مجتمعية سائدة
و بسبب عدم وجود دراسات و أبحاث عربية في هذا الخصوص فقد أخترت أن أبحث بخلاصة الدارسات التي أجريت في الدول الغربية المرتبطة بفحص أفضلية و أهلية كل من المراة والرجل في مهارات القيادة و بحسب علمي فان أول ورقة علمية ناقشت موضوع الفروقات المبينية على الجنس في القيادة كانت في عام 2004 وهي ورقة بحثية مقدمة من مركز أبحاث القضايا الاجتماعية الأمريكي و قد خلصت هذه الورقة الى أن الذكور في قيادتهم للسياراتهم كانوا الأكثر عدوانية و الأكثر عرضة للمجازفة و الأكثر سعيا للحصول على مشاعر الاثارة من خلال القيادة. و قد فسرت الدراسة ذلك السلوك نفسيا وعلميا حيث ربطته بحقيقة معروفة في علم النفس التطوري والتي تنص على أن الصلابة والمغامرة والتهور هي من أهم السمات المرتبطة بالشخصية الذكورية أكثر منها عند النساء
و هذا ما أكدته احد الاستطلاعات وفق الإحصاءات الامريكية للحوادث عام 2007 حيث كشفت أن السائقين الرجال كانوا متورطين في 6.1 مليون حادث مروري بينما تورطت السائقات النساء في 4.4 مليون حادث كما أن نسبة السائقين الذكور المنتهكين لقوانين السير بلغ عددهم ثلاث أضعاف السائقات الاناث. و وفقا لتقرير اعده معهد الطرق السريعة للسلامة على الطرق السريعة عام 2009 تبين أن أعداد الرجال المتوفين سنويا بسبب حوادث السيارات يفوق كثيرا النساء .
وفي دراسة أجنبية تحت عنوان "النساء سائقات سيئات - حقيقة أم خيال؟" نشرت عام 2012 من قبل مجموعة التأمين على السيارات و هي
4autoinsurancequote.org
و جاءت هذه الدراسة لتفحص حقيقة النظرة السلبية الطويلة الأمد والتي تفيد بأن النساء سائقات سيئات وقد استخلصت الدراسة نتائجها من خلال مقارانة المخالفات المرورية بين الجنسين ونسب تورطهم بالحوادث و قد أظهرت نتائج المقارنات بين الجنسين إلى ارتفاع مدى المخالفات المرورية للسائقين الرجال في كل فئة من الفئات تقريباً كما و أظهرت المقارنات تهور السائقين الرجال في القيادة و ارتفاع نسبة اتهاكات الرجال لقوانين السواقة المرتبطة بعدم ارتداء حزام الأمان أو السرعات الزائدة وغيرها من المخالفات . و خلصت الدراسة الى أن 80 % من جميع حوادث السيارات المميتة والخطيرة سببها السائقون الذكور بينما كن السائقات النساء أقل تسببا بحدوث حوادث مرورية بما نسبة 27 %
أما في بريطانيا فتشير الاحصائيات الحكومية البريطانية لعام 2015 الى أن أعداد الرجال المرتكبين للحوادث المرورية هم أكثر من النساء وفي نفس الوقت تشير الاحصائيات الى أن أعداد الرجال المجتازين لفحص القيادة يفوق كثيرا أعداد النساء في كل الاعمار الا أنه وبالرغم من ذلك و من وجه نظر الإداريين في المرور البريطاني فانه تبقى السائقات النساء هن الأكثر انتباه و مراعاة لقواعد السلامة المرورية في الطرق مقارنة بأقرانهن من السائقين الرجال
وبتحليل بيانات المرور خلص فريق مكون من باحثين في جامعة كارنيجي-ميلون في بيتسبيرج الى حقيقة مفادها أن أعدد السائقات الاناث أعلى من الحوادث الصغيرة بينما السائقين الذكور هم الأكثرعرضة للانخراط في حوادث مميتة بنسبة 70 في المائة.
ونفس هذه الحقيقة تم تأكيدها من قبل تقرير إحصائي سنوي أعده معهد التأمينات المستقلة للسلامة على الطرق السريعة والذي بين أنه في الولايات المتحدة يموت العديد من الرجال في حوادث السيارات أكثر من النساء و في الواقع وجد هذا التقرير أنه في كل عام من عام 1975 حتى عام 2015 ، كان عدد الرجال يفوق عدد النساء من حيث الوفيات الناجمة عن حوادث التصادم. من بين جميع وفيات حوادث السيارات و بلغت أشدها في عام 2014 حيث شكل السائقين المتوفين من الرجال ما نسبته 71 % من المجموع العام للوفيات في حين شكلن النساء ما نسبته 29% من الوفيات. و ذكرت نفس الدراسة أن ضعف عدد الرجال ماتوا في حوادث بين عامي 1975 و 2015 من النساء. أما فيما يتعلق بالوفيات الناجمة عن قيادة الدراجات النارية شكلت الوفايات من السائقين الرجال ما نسبته 91 % من الوفيات. وبين التقرير أن "الرجال غالبا ما ينخرطون في ممارسات القيادة المحفوفة بالمخاطر بما في ذلك عدم استخدام أحزمة الأمان والقيادة بسرعة و تحت تأثير المخدر".
و قد كان الدكتور الأمريكي سيفاك وزميله براندون شوليت أيضا من أبرز الباحثين المهتمين بهذه القضية حيث قاموا بتحليل بيانات من عينة تمثيلية على المستوى الوطني لحوادث التصادم المبلغ عنها في تقارير الشرطة في الولايات المتحدة في الفترة من 1988 إلى 2007.
و قد توصل الدكتور الى أن الحوادث التي تنطوي على اثنين من السائقين من الرجال شكل 36.2 % من جميع حوادث التصادم ، في حين ستشكل حوادث الإناث / الإناث 15.8 % كما توصل الدكتور مايكل سيفاك ان الاناث من الاناث سيشكلن 15.8 % وسيشكل الذكور من الاناث 48 % من الاصطدامات . وبدلاً من ذلك ، أظهر التحليل أن حوادث الإناث إلى النساء شكلت 20.5٪ من جميع الحوادث . هذا وللعلم الى ان نتائج الاحصائيات قديما كانت لصالح السائقين الرجال حيث أن عدد من الباحثين من جامعة ميشيغان قاموا أيضا بتحليل 6.5 مليون حادث سيارة في الولايات المتحدة بين عامي 1998 و 2007. وُجِدوا أن سائقات السيارات يتورطن في 68.1 % من جميع حوادث التصادم الا ان هذه الاحصائيات تغيرت حديثا لتبين أن السائقات الذكور هن الأقل تورطا في حوادث السيارات
و من المثير للجدل والاستغراب ان الصورة النمطية السلبية المظلله عن المراة السائقة منتشرة في بريطانيا و امريكا ومعظم دول العالم رغم ان سجلات و احصائيات تلك الدول تشير الى العكس فعلى سبيل المثال تشير احصائيات مكتب التحقيقات الفيدرالي والإدارة القومية للسلامة على الطرق السريعة ومعهد التأمين للسلامة على الطرق السريعة) ومنظمات أخرى تشير الى ان السائقين الرجال هم الاكثر تسببا بحوادث الطرق من النساء.
أما في بريطانيا فتظهر أرقام وكالة القيادة والمركبات البريطانيه أن هناك 113،066 سائقا من الذكور كان متسببا في حوادث عام 2014 معظمهم من الشباب مقارنة مع 69،245 امراة سائقة مما يشكل فارقا يقلب الموازيين لصالح المراة ويثبت انها الأكثر احترافية وامننا في قيادتها للسيارة
كما وتشير أيضا نتائج دراسة قامت بها شركة بريفيليدج البريطانية للتأمين 2015 على عينة مكونه من 250 سائق من الجنسين الى ان عدد كبير من السائقين الذكور يعتمدون اسلوب المجازفة بالقيادة كما أنهم الأكثر سرعة في المرور من أمام اشارات المرور مقارنة بربع العدد من السائقات الاناث حيث بينت الدراسة ان 50% من السائقين الرجال يهمون بقطع الاشارة الضوئية خلال تحول لونها من الأصفر الى اللون الاحمر ، مقارنة بـ 14 % فقط من النساء. قمن بنفس التصرف كما قام 15 % من الرجال بقطع اشارة المرور بشكل خطير جدا في حين قام واحد في المائة من النساء بعمل ذلك اما بالنسبة لاستخدام الجوال اثناء القيادة فقد أقر 24% من الرجال باستخدام الهواتف المحمولة أثناء القيادة مقارنة 16% فقط من النساء ، وقد توافقت نتائج دراسة بريفيليدج مع دراسة مماثلة قامت بها شركة الادمرال انشورنش البريطانية والتي نشرت تفاصيلها صحيفة التغراف في عددها 7 يناير 2016 حيث توصلت الى أن السائقات النساء وبالذات الأمهات هن الأكثر مهارة وحكمة في القيادة مقارنة بالسائقين الرجال و بالذات الرجال العزاب حيث أظهرت الدراسة انهم اكثر السائقين البريطانيين طيشا بالقيادة
و في دراسة حديثة جدا في هذا السياق قام بها نوروجيه و نشرتها ديلي ميل نوفمبر 2017 توصلت الى نتائج في صالح السائقات النساء حيث بينت انهن اكثر انتباها و تركيزا بينما السائقين الذكور اكثر سهوا و اقل انتباها عند القيادة كما أنهم أكثر قابلية و ميولا لارتكاب حوادث مرورية مقارنة بالسائقات النساء
و فيما يتعلق بالنوم أثناء القيادة تعتقد مؤسسة النوم الوطنية
National Sleep Foundation
في دراسة لها اجرتها حول قيادة الرجل والمراة أن هناك فرصة بنسبة 56 % لان يقوم رجل بقيادة سيارته أثناء النوم ، في حين أن هناك احتمالاً بنسبة 45 % لان تقوم المرأة بالتعرض لنفس الخطر. كما و وجدت مؤسسة النوم الوطنية في دراستها أن هناك احتمال بنسبة 22 % لان يغفو الرجال أثناء القيادة بينما هنالك فرصة بنسبة 12 % فقط أن يقمن النساء بنفس الخطأ. و أشارت الدراسة ان "الحوادث و الاصابات المرتبطة بالنوم أثناء القيادة هي الاكثر شيوعا بين الشباب وخاصة الرجال والبالغين الذين لديهم اطفال وعمال النوبات."
الدراسات لم تشر فقط الى قلة تورط السائقات الاناث بحوادث السيارات الممبته وانما الى انهن سائقات حكيمات حيث تشير دراسة اجريت في عام 2012 من قبل مؤسسة "كارينالز" على 700 سائق وسائقة إلى أن النساء سائقات متفوقات
وقال غاريث روبنسون ، المدير الإداري لشركة "كارينالز" : "بينما يرغب الرجال في الاعتقاد بأنهم أفضل من النساء خل عجلة القيادة الا انه من الواضح من خلال نتائج المقابلات التي اجريت خلال الدراسة أن السائقين الذكور كانوا يمتلكون مهارات قيادة متدنية ومخالفات مرورية أعلى و نتائج هذه الدراسة البريطانية تتوافق بنسبة 100% مع الحقائق التي لخصها اتحاد ولاية نيويورك لتوعية بالتشريعات و السلامة المرورية و التي قد تبدو حقائق صادمة لكثير من الرجال وهي :
السائقين الرجال أقل حذراً من النساء في القيادة ومجازفون بطبعهم
السائقين الرجال يعتمدون على القيادة بسرعات أعلى ويعتمدون مسافة أقرب إلى السيارات الأخرى
السائقين الرجال لا يتقيدون بارتداء أحزمة الأمان
السائقين الرجال هم الاكثر قيادة للسيارة أثناء السكر في كثير من الأحيان.
السائقين الرجال يجعلون المنعطفات أكثر خطورة ويأخذون وقتًا أقل عند وقوف السيارات
السائقين الرجال أكثر تعرضا للتهديد بالموت أو الاصابة الخطرة بسبب "القيادة العدوانية" بما نسبته ثلاث أضعاف من النساء
لكن لماذا يعتقد الناس ان النساء غير مؤهلات للقيادة ؟
السبب الرئيسي كما يبرره الكثيرين يعود الى الاعلام وكافة وسائل التواصل الاجتماعية والى الرسائل التي يبثها لاذهان الاشخاص في المجتمع بطريقة مباشرة او مبطنة حيث يقول الصحفي آدم بولت في مقال له في تلغراف 7 يناير 2016 ان الاجابة على سؤال " أيهما الأفضل في السواقة الرجل أم المراة ؟ " هو موضوع نقاش وجدل قديم جدا و خضع للاستهلاك من قبل الكثير من الممثلون والكوميديون الذين عمدوا الى ادخال صورة نمطية سلبية عن قيادة المراة لأذهان أفراد المجتمع كما و تقول سائقة بريطانية تدعى " انجيلا كلارك " (35 عاما) في حوار لها مع صحيفة الجارديان: " هنالك تحيز في المجتمع تجاه جنس المراة فيما يتعلق بالسواقة ولا يوجد أسوا من هذا التحيز حيث أنه يسري بشكل غير رسمي و خفي تجعل الجميع مقتنع أن السائقات الاناث بليدات في القيادة و هو اعتقاد منتشر إلى حد كبير و تعمقه العروض والمسلسلات الكوميدية مثل توب جير وغيرها .
كما أن لتصرفات النساء في هولود من ممثلاث ومغنيات له دور كبير في تعميق هذه النظرة النمطية السلبية عالميا حول قيادة المراة فعلى سبيل المثال تم القبض على المغنية المشهورة سارة هاردينغ لاستخدامها هاتفها المحمول أثناء القيادة ، وتم تغريمها غرامة 500 جنيه استرليني كما وتم حظرها من القيادة لمدة ستة أشهر. و هذه الحوادث تتكرر من قبل العديد من النساء المشهورات عالميا مقارنه باقرانهن من المشاهير الذكور حيث أن حوادث القبض عليهم نتيجة مخالفات محدوده و أقل عددا مما يعمق الهالة السوداء حول السائقات النساء ويجعل وصفهن بسائقات سيئات سهل و مبرر .
فضلا عن تاثير الاعلام و وسائل التواصل الاجتماعي و ما تنشره ويتناقل خلالها من سخرية تجاه قيادة النساء فان المعتقدات التي يعتنقها المجتمع تجاه المراة و عدم الثقة بقدرتها بشكل عام وتفضل الرجل عليها في أي عمل يساهم في اعطاء صورة مقبوله نفسيا لافراد المجتمع حول عدم أهليه المراة في القيادة
ما المطلوب من المجمتع تجاه السائقات الاناث ؟
على الرغم من كثرة الاحصائيات و الابحاث التي اشارت لتفوق المراه ومهارتها على الرجل بالقيادة الا انه، يزعم علماء النفس أنه من الصعب تحديد ما إذا كان الرجال هم السائقون الأفضل فعليًا بشكل أفضل من النساء أو إذا كانوا أكثر ثقة في قيادتهم نظرًا لأنهم ينظرون إلى أنهم أفضل ، مما يعطيهم الثقة وبالتالي يظهرون مزيدًا من الكفاءة. وبالمثل ، فإن الصورة النمطية التي تقول إن النساء لسائقات أضعف قد تؤثر سلبًا على أدائهن وراء عجلة القيادة حتى ولو كن فعلا افضل بالقيادة لذا فلابد لنا اولا تقوية ثقة المراة بنفسها واحطائها حيزا وفرصة للاعتياد على طبيعة الطرق و عدم الحكم على مهارتها بالقيادة بشكل مستعجل فكما هو معروف ان معظم المواطنات السعوديات اللواتي يحملن رخص قيادة هن اما مبتعثات او يقمن بالخارج و من البديهي ان تكون القيادة في الدول الاخرى مختلفة عنها في المملكة ليس من ناحية القوانيين وانما من ناحية الطبيعة الجغرافية و المناخية للمملكة.
ثانيا توفير فرص تدريبية من مدارس تدريب سواقة ومدربين كفوء وبنفس المستوى المتوفر للرجال بحيث لا تكون أقل جودة او صورية
ثالثا الجدية والحزم في تنفيذ عقوبات المرتبطة بأي انتهاكات تحصل فيما يتعلق بقوانين التحرش بين الجنسين
رابع معاملة المراة السائقة معاملة متساوية مع السائق الرجل و عدم اعطائها اعتبارات خاصة حتى تتقوى مهاراتها في القيادة من خلال الممارسة الحقيقة للقيادة في الأخذ في عين الاعتبار النساء الحوامل أو صاحبات الاعاقات الخاصة
خامسا أن يشارك الاعلام في زيادة ثقة المجمتع في مهارة المراة في القيادة وأن يكون الاعلام بكافة وسائطه المقروءة والمسموعة عونا للمراة السائقة لا عليها .
باقتراب موعد قيادة المراة في المملكة العربية السعودية أظهر العديد سخريته و شفقته على النساء ظنا منهم أنهن بليدات في عالم قيادة السيارات . كما و قد بادر الكثيرين باطلاق النكات و مقاطع الفيديو الضاحكة حول أهلية المراة للقيادة وضعفها فيها و هذا ما جعلني أتساءل عن حقيقة هذه الصورة النمطية الساخرة التي أطلقها المجتمع حول قيادة المرأه وهل هي نظرة مقتصرة على عالمنا العربي بما فيه المجمتع السعودي خصوصا أم هي ظاهرة عالمية منشرة في جميع مجتمعات العالم . و هل الرجل فعلا أمهر من المراة في القيادة و إن كانت فعلا المراه بليدة في قيادة السيارة فهل لهذه الحقيقة ما يدعمها من قواعد علمية و نفسية أم أنها مجرد إفتراء مبني على إعتقادات مجتمعية سائدة
و بسبب عدم وجود دراسات و أبحاث عربية في هذا الخصوص فقد أخترت أن أبحث بخلاصة الدارسات التي أجريت في الدول الغربية المرتبطة بفحص أفضلية و أهلية كل من المراة والرجل في مهارات القيادة و بحسب علمي فان أول ورقة علمية ناقشت موضوع الفروقات المبينية على الجنس في القيادة كانت في عام 2004 وهي ورقة بحثية مقدمة من مركز أبحاث القضايا الاجتماعية الأمريكي و قد خلصت هذه الورقة الى أن الذكور في قيادتهم للسياراتهم كانوا الأكثر عدوانية و الأكثر عرضة للمجازفة و الأكثر سعيا للحصول على مشاعر الاثارة من خلال القيادة. و قد فسرت الدراسة ذلك السلوك نفسيا وعلميا حيث ربطته بحقيقة معروفة في علم النفس التطوري والتي تنص على أن الصلابة والمغامرة والتهور هي من أهم السمات المرتبطة بالشخصية الذكورية أكثر منها عند النساء
و هذا ما أكدته احد الاستطلاعات وفق الإحصاءات الامريكية للحوادث عام 2007 حيث كشفت أن السائقين الرجال كانوا متورطين في 6.1 مليون حادث مروري بينما تورطت السائقات النساء في 4.4 مليون حادث كما أن نسبة السائقين الذكور المنتهكين لقوانين السير بلغ عددهم ثلاث أضعاف السائقات الاناث. و وفقا لتقرير اعده معهد الطرق السريعة للسلامة على الطرق السريعة عام 2009 تبين أن أعداد الرجال المتوفين سنويا بسبب حوادث السيارات يفوق كثيرا النساء .
وفي دراسة أجنبية تحت عنوان "النساء سائقات سيئات - حقيقة أم خيال؟" نشرت عام 2012 من قبل مجموعة التأمين على السيارات و هي
4autoinsurancequote.org
و جاءت هذه الدراسة لتفحص حقيقة النظرة السلبية الطويلة الأمد والتي تفيد بأن النساء سائقات سيئات وقد استخلصت الدراسة نتائجها من خلال مقارانة المخالفات المرورية بين الجنسين ونسب تورطهم بالحوادث و قد أظهرت نتائج المقارنات بين الجنسين إلى ارتفاع مدى المخالفات المرورية للسائقين الرجال في كل فئة من الفئات تقريباً كما و أظهرت المقارنات تهور السائقين الرجال في القيادة و ارتفاع نسبة اتهاكات الرجال لقوانين السواقة المرتبطة بعدم ارتداء حزام الأمان أو السرعات الزائدة وغيرها من المخالفات . و خلصت الدراسة الى أن 80 % من جميع حوادث السيارات المميتة والخطيرة سببها السائقون الذكور بينما كن السائقات النساء أقل تسببا بحدوث حوادث مرورية بما نسبة 27 %
أما في بريطانيا فتشير الاحصائيات الحكومية البريطانية لعام 2015 الى أن أعداد الرجال المرتكبين للحوادث المرورية هم أكثر من النساء وفي نفس الوقت تشير الاحصائيات الى أن أعداد الرجال المجتازين لفحص القيادة يفوق كثيرا أعداد النساء في كل الاعمار الا أنه وبالرغم من ذلك و من وجه نظر الإداريين في المرور البريطاني فانه تبقى السائقات النساء هن الأكثر انتباه و مراعاة لقواعد السلامة المرورية في الطرق مقارنة بأقرانهن من السائقين الرجال
وبتحليل بيانات المرور خلص فريق مكون من باحثين في جامعة كارنيجي-ميلون في بيتسبيرج الى حقيقة مفادها أن أعدد السائقات الاناث أعلى من الحوادث الصغيرة بينما السائقين الذكور هم الأكثرعرضة للانخراط في حوادث مميتة بنسبة 70 في المائة.
ونفس هذه الحقيقة تم تأكيدها من قبل تقرير إحصائي سنوي أعده معهد التأمينات المستقلة للسلامة على الطرق السريعة والذي بين أنه في الولايات المتحدة يموت العديد من الرجال في حوادث السيارات أكثر من النساء و في الواقع وجد هذا التقرير أنه في كل عام من عام 1975 حتى عام 2015 ، كان عدد الرجال يفوق عدد النساء من حيث الوفيات الناجمة عن حوادث التصادم. من بين جميع وفيات حوادث السيارات و بلغت أشدها في عام 2014 حيث شكل السائقين المتوفين من الرجال ما نسبته 71 % من المجموع العام للوفيات في حين شكلن النساء ما نسبته 29% من الوفيات. و ذكرت نفس الدراسة أن ضعف عدد الرجال ماتوا في حوادث بين عامي 1975 و 2015 من النساء. أما فيما يتعلق بالوفيات الناجمة عن قيادة الدراجات النارية شكلت الوفايات من السائقين الرجال ما نسبته 91 % من الوفيات. وبين التقرير أن "الرجال غالبا ما ينخرطون في ممارسات القيادة المحفوفة بالمخاطر بما في ذلك عدم استخدام أحزمة الأمان والقيادة بسرعة و تحت تأثير المخدر".
و قد كان الدكتور الأمريكي سيفاك وزميله براندون شوليت أيضا من أبرز الباحثين المهتمين بهذه القضية حيث قاموا بتحليل بيانات من عينة تمثيلية على المستوى الوطني لحوادث التصادم المبلغ عنها في تقارير الشرطة في الولايات المتحدة في الفترة من 1988 إلى 2007.
و قد توصل الدكتور الى أن الحوادث التي تنطوي على اثنين من السائقين من الرجال شكل 36.2 % من جميع حوادث التصادم ، في حين ستشكل حوادث الإناث / الإناث 15.8 % كما توصل الدكتور مايكل سيفاك ان الاناث من الاناث سيشكلن 15.8 % وسيشكل الذكور من الاناث 48 % من الاصطدامات . وبدلاً من ذلك ، أظهر التحليل أن حوادث الإناث إلى النساء شكلت 20.5٪ من جميع الحوادث . هذا وللعلم الى ان نتائج الاحصائيات قديما كانت لصالح السائقين الرجال حيث أن عدد من الباحثين من جامعة ميشيغان قاموا أيضا بتحليل 6.5 مليون حادث سيارة في الولايات المتحدة بين عامي 1998 و 2007. وُجِدوا أن سائقات السيارات يتورطن في 68.1 % من جميع حوادث التصادم الا ان هذه الاحصائيات تغيرت حديثا لتبين أن السائقات الذكور هن الأقل تورطا في حوادث السيارات
و من المثير للجدل والاستغراب ان الصورة النمطية السلبية المظلله عن المراة السائقة منتشرة في بريطانيا و امريكا ومعظم دول العالم رغم ان سجلات و احصائيات تلك الدول تشير الى العكس فعلى سبيل المثال تشير احصائيات مكتب التحقيقات الفيدرالي والإدارة القومية للسلامة على الطرق السريعة ومعهد التأمين للسلامة على الطرق السريعة) ومنظمات أخرى تشير الى ان السائقين الرجال هم الاكثر تسببا بحوادث الطرق من النساء.
أما في بريطانيا فتظهر أرقام وكالة القيادة والمركبات البريطانيه أن هناك 113،066 سائقا من الذكور كان متسببا في حوادث عام 2014 معظمهم من الشباب مقارنة مع 69،245 امراة سائقة مما يشكل فارقا يقلب الموازيين لصالح المراة ويثبت انها الأكثر احترافية وامننا في قيادتها للسيارة
كما وتشير أيضا نتائج دراسة قامت بها شركة بريفيليدج البريطانية للتأمين 2015 على عينة مكونه من 250 سائق من الجنسين الى ان عدد كبير من السائقين الذكور يعتمدون اسلوب المجازفة بالقيادة كما أنهم الأكثر سرعة في المرور من أمام اشارات المرور مقارنة بربع العدد من السائقات الاناث حيث بينت الدراسة ان 50% من السائقين الرجال يهمون بقطع الاشارة الضوئية خلال تحول لونها من الأصفر الى اللون الاحمر ، مقارنة بـ 14 % فقط من النساء. قمن بنفس التصرف كما قام 15 % من الرجال بقطع اشارة المرور بشكل خطير جدا في حين قام واحد في المائة من النساء بعمل ذلك اما بالنسبة لاستخدام الجوال اثناء القيادة فقد أقر 24% من الرجال باستخدام الهواتف المحمولة أثناء القيادة مقارنة 16% فقط من النساء ، وقد توافقت نتائج دراسة بريفيليدج مع دراسة مماثلة قامت بها شركة الادمرال انشورنش البريطانية والتي نشرت تفاصيلها صحيفة التغراف في عددها 7 يناير 2016 حيث توصلت الى أن السائقات النساء وبالذات الأمهات هن الأكثر مهارة وحكمة في القيادة مقارنة بالسائقين الرجال و بالذات الرجال العزاب حيث أظهرت الدراسة انهم اكثر السائقين البريطانيين طيشا بالقيادة
و في دراسة حديثة جدا في هذا السياق قام بها نوروجيه و نشرتها ديلي ميل نوفمبر 2017 توصلت الى نتائج في صالح السائقات النساء حيث بينت انهن اكثر انتباها و تركيزا بينما السائقين الذكور اكثر سهوا و اقل انتباها عند القيادة كما أنهم أكثر قابلية و ميولا لارتكاب حوادث مرورية مقارنة بالسائقات النساء
و فيما يتعلق بالنوم أثناء القيادة تعتقد مؤسسة النوم الوطنية
National Sleep Foundation
في دراسة لها اجرتها حول قيادة الرجل والمراة أن هناك فرصة بنسبة 56 % لان يقوم رجل بقيادة سيارته أثناء النوم ، في حين أن هناك احتمالاً بنسبة 45 % لان تقوم المرأة بالتعرض لنفس الخطر. كما و وجدت مؤسسة النوم الوطنية في دراستها أن هناك احتمال بنسبة 22 % لان يغفو الرجال أثناء القيادة بينما هنالك فرصة بنسبة 12 % فقط أن يقمن النساء بنفس الخطأ. و أشارت الدراسة ان "الحوادث و الاصابات المرتبطة بالنوم أثناء القيادة هي الاكثر شيوعا بين الشباب وخاصة الرجال والبالغين الذين لديهم اطفال وعمال النوبات."
الدراسات لم تشر فقط الى قلة تورط السائقات الاناث بحوادث السيارات الممبته وانما الى انهن سائقات حكيمات حيث تشير دراسة اجريت في عام 2012 من قبل مؤسسة "كارينالز" على 700 سائق وسائقة إلى أن النساء سائقات متفوقات
وقال غاريث روبنسون ، المدير الإداري لشركة "كارينالز" : "بينما يرغب الرجال في الاعتقاد بأنهم أفضل من النساء خل عجلة القيادة الا انه من الواضح من خلال نتائج المقابلات التي اجريت خلال الدراسة أن السائقين الذكور كانوا يمتلكون مهارات قيادة متدنية ومخالفات مرورية أعلى و نتائج هذه الدراسة البريطانية تتوافق بنسبة 100% مع الحقائق التي لخصها اتحاد ولاية نيويورك لتوعية بالتشريعات و السلامة المرورية و التي قد تبدو حقائق صادمة لكثير من الرجال وهي :
السائقين الرجال أقل حذراً من النساء في القيادة ومجازفون بطبعهم
السائقين الرجال يعتمدون على القيادة بسرعات أعلى ويعتمدون مسافة أقرب إلى السيارات الأخرى
السائقين الرجال لا يتقيدون بارتداء أحزمة الأمان
السائقين الرجال هم الاكثر قيادة للسيارة أثناء السكر في كثير من الأحيان.
السائقين الرجال يجعلون المنعطفات أكثر خطورة ويأخذون وقتًا أقل عند وقوف السيارات
السائقين الرجال أكثر تعرضا للتهديد بالموت أو الاصابة الخطرة بسبب "القيادة العدوانية" بما نسبته ثلاث أضعاف من النساء
لكن لماذا يعتقد الناس ان النساء غير مؤهلات للقيادة ؟
السبب الرئيسي كما يبرره الكثيرين يعود الى الاعلام وكافة وسائل التواصل الاجتماعية والى الرسائل التي يبثها لاذهان الاشخاص في المجتمع بطريقة مباشرة او مبطنة حيث يقول الصحفي آدم بولت في مقال له في تلغراف 7 يناير 2016 ان الاجابة على سؤال " أيهما الأفضل في السواقة الرجل أم المراة ؟ " هو موضوع نقاش وجدل قديم جدا و خضع للاستهلاك من قبل الكثير من الممثلون والكوميديون الذين عمدوا الى ادخال صورة نمطية سلبية عن قيادة المراة لأذهان أفراد المجتمع كما و تقول سائقة بريطانية تدعى " انجيلا كلارك " (35 عاما) في حوار لها مع صحيفة الجارديان: " هنالك تحيز في المجتمع تجاه جنس المراة فيما يتعلق بالسواقة ولا يوجد أسوا من هذا التحيز حيث أنه يسري بشكل غير رسمي و خفي تجعل الجميع مقتنع أن السائقات الاناث بليدات في القيادة و هو اعتقاد منتشر إلى حد كبير و تعمقه العروض والمسلسلات الكوميدية مثل توب جير وغيرها .
كما أن لتصرفات النساء في هولود من ممثلاث ومغنيات له دور كبير في تعميق هذه النظرة النمطية السلبية عالميا حول قيادة المراة فعلى سبيل المثال تم القبض على المغنية المشهورة سارة هاردينغ لاستخدامها هاتفها المحمول أثناء القيادة ، وتم تغريمها غرامة 500 جنيه استرليني كما وتم حظرها من القيادة لمدة ستة أشهر. و هذه الحوادث تتكرر من قبل العديد من النساء المشهورات عالميا مقارنه باقرانهن من المشاهير الذكور حيث أن حوادث القبض عليهم نتيجة مخالفات محدوده و أقل عددا مما يعمق الهالة السوداء حول السائقات النساء ويجعل وصفهن بسائقات سيئات سهل و مبرر .
فضلا عن تاثير الاعلام و وسائل التواصل الاجتماعي و ما تنشره ويتناقل خلالها من سخرية تجاه قيادة النساء فان المعتقدات التي يعتنقها المجتمع تجاه المراة و عدم الثقة بقدرتها بشكل عام وتفضل الرجل عليها في أي عمل يساهم في اعطاء صورة مقبوله نفسيا لافراد المجتمع حول عدم أهليه المراة في القيادة
ما المطلوب من المجمتع تجاه السائقات الاناث ؟
على الرغم من كثرة الاحصائيات و الابحاث التي اشارت لتفوق المراه ومهارتها على الرجل بالقيادة الا انه، يزعم علماء النفس أنه من الصعب تحديد ما إذا كان الرجال هم السائقون الأفضل فعليًا بشكل أفضل من النساء أو إذا كانوا أكثر ثقة في قيادتهم نظرًا لأنهم ينظرون إلى أنهم أفضل ، مما يعطيهم الثقة وبالتالي يظهرون مزيدًا من الكفاءة. وبالمثل ، فإن الصورة النمطية التي تقول إن النساء لسائقات أضعف قد تؤثر سلبًا على أدائهن وراء عجلة القيادة حتى ولو كن فعلا افضل بالقيادة لذا فلابد لنا اولا تقوية ثقة المراة بنفسها واحطائها حيزا وفرصة للاعتياد على طبيعة الطرق و عدم الحكم على مهارتها بالقيادة بشكل مستعجل فكما هو معروف ان معظم المواطنات السعوديات اللواتي يحملن رخص قيادة هن اما مبتعثات او يقمن بالخارج و من البديهي ان تكون القيادة في الدول الاخرى مختلفة عنها في المملكة ليس من ناحية القوانيين وانما من ناحية الطبيعة الجغرافية و المناخية للمملكة.
ثانيا توفير فرص تدريبية من مدارس تدريب سواقة ومدربين كفوء وبنفس المستوى المتوفر للرجال بحيث لا تكون أقل جودة او صورية
ثالثا الجدية والحزم في تنفيذ عقوبات المرتبطة بأي انتهاكات تحصل فيما يتعلق بقوانين التحرش بين الجنسين
رابع معاملة المراة السائقة معاملة متساوية مع السائق الرجل و عدم اعطائها اعتبارات خاصة حتى تتقوى مهاراتها في القيادة من خلال الممارسة الحقيقة للقيادة في الأخذ في عين الاعتبار النساء الحوامل أو صاحبات الاعاقات الخاصة
خامسا أن يشارك الاعلام في زيادة ثقة المجمتع في مهارة المراة في القيادة وأن يكون الاعلام بكافة وسائطه المقروءة والمسموعة عونا للمراة السائقة لا عليها .