المصدر - إن الأمر السامي الكريم الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله- فيما يخص إصدار رخص القيادة للرجال والنساء على حد سواء والسماح للمرأة بقيادة السيارة قرار تأريخي اعتمد فيه ولي أمرنا أيده الله وأعزه بدينه وأعز به دينه على البعد المصلحي والنظرة المقاصدية التي توازن بين المصالح والمفاسد وتغلب أعلى المصالح ،وتدرأ أعلى المفاسد ، وتنظر إلى المآلات باعتباراتها الزمانية والمكانية وظروفها الآنية والمستقبلية ، ومن المعلوم يقينا أن القضية تعد مجتمعية بالدرجة الأولى ولا يمكن لأحد أن يدعي الحسم الشرعي بالنص اليقيني ، ومن هنا تأتي هذه القرارات الحاسمة المراعية للمتغيرات المؤثرة في بناء الأحكام قطعا ، وقد قرر العلماء اعتبار المتغير في استنباط الأحكام للمستجدات والنوازل ؛ قال الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى: «فاعلم أنّ ما جرى ذكره هنا من اختلاف الأحكام عند اختلاف العوائد؛ فليس في الحقيقة باختلافٍ في أصل الخطاب؛ لأنّ الشّرع موضوع على أنّه دائم أبدي لو فُرض بقاء الدّنيا من غير نهاية، والتّكليف كذلك؛ لم يحتج في الشّرع على مزيد، وإنّما معنى الاختلاف أنّ العوائد إذا اختلفت رَجَعَت كلُّ عادةٍ إلى أصلٍ شرعيٍّ يحكم به عليها) وقد عَقَدَ الإمامُ ابن القيم لهذه القاعدة فصلاً مهمّاً؛ فقال: «فصلٌ في تغيّر الفتوى واختلافِها بحسب تغيّر الأزمنة والأمكنة والأحوال والنّيّات والعوائد».
ثمّ قال مبينًّا أهميّتَها: «هذا فصل عظيم النّفع جداً، وقع بسبب الجهل به غلطٌ عظيم على الشّريعة؛ أوجب من الحرج، والمشقة، وتكليف ما لا سبيل إليه؛ ما يُعلم أنّ الشريعة الباهرة الّتي في أعلى رُتَبِ المصالح لا تأتي به، فإنّ الشّريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدلٌ كلُّها، ورحمةٌ كلُّها، ومصالحُ كلُّها، وحِكمةٌ كلُّها، فكلُّ مسألة خرجت عن العدل إلى الجَوْر، وعن الرّحمة إلى ضدِّها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبَث؛ فليست من الشّريعة، وإن أُدخلت فيها بالتّأويل، فالشّريعة عدلُ الله بين عباده، ورحمتُه بين خلقه، وظلُّه في أرضه، وحكمتُه الدالّة عليه وعلى صدق رسوله صلى الله عليه وسلم ) ، ومن القواعد المعتبرة أن الحاكم ينظر في المسائل الخلافية من هذه الزاوية ويختار ما يراه محققا للنظر الشرعي ،ولهذا فإن ما صدر من المقام السامي يتماهى مع هذه القواعد العامة والخاصة .
وهو مبني على أسس شرعية ، فالأصل في هذه العادات الإباحة ، والضبط الاجتماعي يرجع إلى قيام المجتمع والأسرة بمسؤوليتها وتحميل هذه المسألة تبعات وتلازمات هو طبيعة تفرضها الممانعة لكنها تزول مع التدرج في التغيير الذي يعد سنة كونية والقرار السامي كان محكما في مسبباته التي راعت هذه المتغيرات وانطلقت من حيثيات تنظيمية ومعطيات وحقائق وأبعاد مؤثرة ونظرة راعت مصالح كبيرة وظاهرة ، لولم يكن منها إلا تجاوز هذه القضية وحسمها لتكون سببا في مزيد من الاجتماع والألفة والمحبة، وتحقيق أسباب الأمن المجتمعي وحماية المرأة والأسر من الاستغلال ، واستبطنت درء مفاسد متعددة دينية واجتماعية وسلوكية وأخلاقية لاتخفى ، ومن هنا فإن واجبنا تقدير هذه النظرة الحكيمة ، والانطلاق من أصل أهل السنة والجماعة في الوحدة والائتلاف وجمع الكلمة ، والسمع والطاعة ، والتعاون والتكاتف والوقوف صفا واحدا ضد من يستهدف وطننا ووحدتنا ويثير العواطف ويستدعي بعض الاجتهادات السابقة ليجعلها مبررا له ليس في التشويش والتشغيل فحسب بل في التشكيك وتأزيم العلاقة بين أبناء هذا الوطن المتماسك المتلاحم .
ومن ينظر في واقع دولتنا المباركة وتأريخ بعض القرارات يجد أن بعض ردود الأفعال متوقع ولا ينفك منها تحول بحكم الطبيعة وأول من يلحق بالركب هم الممانعون لكن الحذر من الانجرار وراء من يريدون خلخلة وحدتنا واجتماع كلمتنا بعواطف يوظفونها في انحرافات لا تخفى بل ربما يخدمون بها أعداء الدين والوطن ونحن نعلم يقينا أن دولتنا دولة دين وعقيدة وولاة أمرنا أيدهم الله ينطلقون في قراراتهم ومواقفهم مماتقرره مبادئ الشريعة الأسلامية وأصولها ومقاصدها العامة والخاصة ولهذا جعلوا بطانتهم العلماء واعتمدوا في هذه القرارات على ما تقرره الشريعة الاسلامية وما يقوله علماؤنا .
ونسأل الله جل وعلا أن يوفق مليكنا المفدى وإمامنا خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وأن يكتب على أيديهما كل خير لوطننا الغالي وأن يحفظ وطننا آمنا مطمئنا ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
كتبه / أ.د. إبراهيم بن محمد قاسم الميمن وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لشؤون المعاهد العلمية
ثمّ قال مبينًّا أهميّتَها: «هذا فصل عظيم النّفع جداً، وقع بسبب الجهل به غلطٌ عظيم على الشّريعة؛ أوجب من الحرج، والمشقة، وتكليف ما لا سبيل إليه؛ ما يُعلم أنّ الشريعة الباهرة الّتي في أعلى رُتَبِ المصالح لا تأتي به، فإنّ الشّريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدلٌ كلُّها، ورحمةٌ كلُّها، ومصالحُ كلُّها، وحِكمةٌ كلُّها، فكلُّ مسألة خرجت عن العدل إلى الجَوْر، وعن الرّحمة إلى ضدِّها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبَث؛ فليست من الشّريعة، وإن أُدخلت فيها بالتّأويل، فالشّريعة عدلُ الله بين عباده، ورحمتُه بين خلقه، وظلُّه في أرضه، وحكمتُه الدالّة عليه وعلى صدق رسوله صلى الله عليه وسلم ) ، ومن القواعد المعتبرة أن الحاكم ينظر في المسائل الخلافية من هذه الزاوية ويختار ما يراه محققا للنظر الشرعي ،ولهذا فإن ما صدر من المقام السامي يتماهى مع هذه القواعد العامة والخاصة .
وهو مبني على أسس شرعية ، فالأصل في هذه العادات الإباحة ، والضبط الاجتماعي يرجع إلى قيام المجتمع والأسرة بمسؤوليتها وتحميل هذه المسألة تبعات وتلازمات هو طبيعة تفرضها الممانعة لكنها تزول مع التدرج في التغيير الذي يعد سنة كونية والقرار السامي كان محكما في مسبباته التي راعت هذه المتغيرات وانطلقت من حيثيات تنظيمية ومعطيات وحقائق وأبعاد مؤثرة ونظرة راعت مصالح كبيرة وظاهرة ، لولم يكن منها إلا تجاوز هذه القضية وحسمها لتكون سببا في مزيد من الاجتماع والألفة والمحبة، وتحقيق أسباب الأمن المجتمعي وحماية المرأة والأسر من الاستغلال ، واستبطنت درء مفاسد متعددة دينية واجتماعية وسلوكية وأخلاقية لاتخفى ، ومن هنا فإن واجبنا تقدير هذه النظرة الحكيمة ، والانطلاق من أصل أهل السنة والجماعة في الوحدة والائتلاف وجمع الكلمة ، والسمع والطاعة ، والتعاون والتكاتف والوقوف صفا واحدا ضد من يستهدف وطننا ووحدتنا ويثير العواطف ويستدعي بعض الاجتهادات السابقة ليجعلها مبررا له ليس في التشويش والتشغيل فحسب بل في التشكيك وتأزيم العلاقة بين أبناء هذا الوطن المتماسك المتلاحم .
ومن ينظر في واقع دولتنا المباركة وتأريخ بعض القرارات يجد أن بعض ردود الأفعال متوقع ولا ينفك منها تحول بحكم الطبيعة وأول من يلحق بالركب هم الممانعون لكن الحذر من الانجرار وراء من يريدون خلخلة وحدتنا واجتماع كلمتنا بعواطف يوظفونها في انحرافات لا تخفى بل ربما يخدمون بها أعداء الدين والوطن ونحن نعلم يقينا أن دولتنا دولة دين وعقيدة وولاة أمرنا أيدهم الله ينطلقون في قراراتهم ومواقفهم مماتقرره مبادئ الشريعة الأسلامية وأصولها ومقاصدها العامة والخاصة ولهذا جعلوا بطانتهم العلماء واعتمدوا في هذه القرارات على ما تقرره الشريعة الاسلامية وما يقوله علماؤنا .
ونسأل الله جل وعلا أن يوفق مليكنا المفدى وإمامنا خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وأن يكتب على أيديهما كل خير لوطننا الغالي وأن يحفظ وطننا آمنا مطمئنا ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
كتبه / أ.د. إبراهيم بن محمد قاسم الميمن وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لشؤون المعاهد العلمية