عقدت منظمة التعاون الإسلامي والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة- إيسيسكو- بالتنسيق مع المركز الثقافي الإسلامي في لندن ندوة هامة جمعت خبراء وإعلاميين وممثلين للمجتمع المدني لبحث ظاهرة الإسلاموفوبيا ومظاهرها واقتراح آليات لمواجهتها من النواحي القانونية والإعلامية.
وقد استغرقت الندوة يومي 15- 16 /7 / 2017 م في مقر المركز الثقافي الإسلامي في لندن ، وحضر الندوة محامون وخبراء إعلاميون وأكاديميون من بعض الجامعات الأوروبية ودبلوماسيون من عدد من السفارات والبعثات.
افتتحت الندوة في بدايتها بكلمات توضح الأهداف وتحدد إطار الندوة ، وكانت الكلمة الأولى للدكتور "أحمد بن محمد الدبيان" المدير العام للمركز الثقافي الإسلامي الذي رحب باسم مجلس الأمناء بالمشاركين وشكر المنظمين الفاعلين مع المركز لطرحهم هذا الموضوع البارز، أوضح الدبيان أنه مع تطور الإرهاب تطورت آليات الإسلاموفوبيا وتحولت من العبارات المسطورة في بُطُون الكتب والدراسات إلى الأفلام والبرامج الإذاعية والتلفزيونية وشبكة الإنترن بل وصلت إلى رجل الشارع وهذا هو التحدي الجديد.
وأشار الدكتور الدبيان أيضا إلى ضرورة تفاعل المسلمين ومؤسساتهم مع المجتمع الغربي بصورة أفضل ليقدموا الصورة الصحيحة للإسلام الذي يدعو إلى التعايش والتسامح والوسطية والإعتدال والمحبة والسلام، وإظهارالسلوك الحقيقي وتشر تعاليم الدين الحنيف وعدم كراهية الآخر والتفاعل مع المجتمع بشكل سليم مما يؤدي إلى تغيير نظرة الآخر ، وتخفيف حدة الكراهية.
تلا ذلك كلمة الدكتور المحجوب بنسعيد، رئيس مركز الإعلام والاتصال في الإيسيسكو الذي شكر المشاركين واستعرض جهود الايسيسكو في خدمة الاقليات وعنايتها بالظواهر الفكرية والثقافية التي تهم المسلمين عالميا وجهودها في مكافحة الإسلاموفوبيا ، وأعرب عن أمله في أن يتمكن الخبراء خلال يومي الندوة من صياغة مقترحات وتوصيات تحال إلى المنظمات التي تتمكن من التعامل معها لإيجاد حلول مناسبة لمعضلة قضية الخوف من الإسلام.
تلا ذلك كلمة الأستاذة "مها عقيل" مديرة إدارة الإعلام بالأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي والتي شكرت الايسيسكو والمركز الثقافي الإسلامي والخبراء المشاركين على جهودهم وألقت الضوء على دور المنظمة ومهمتها في معالجة المخاوف التي تواجه المسلمين في جميع أنحاء العالم ، فمنظمة المؤتمر الإسلامي بمثابة مظلة دولية تهدف إلى التعبير عن صوت جماعي للمسلمين في جميع أنحاء العالم، وأن موضوع الإسلاموفوبيا هو واحد منها وقد كتبت المنظمة فيه العديد من المنشورات ونظمت العديد من اللقاءات والأنشطة لمعالجة هذه القضايا وأوضحت أن إشكالية الإسلاموفوبيا برزت بوصفها قضية ملحة تتعلق بمواطني كثير من الدول وتتعلق بالسلم الاجتماعي وعلاقات الحوار بين الأديان والشعوب.
وتحدث في الندوة اللورد "محمد شيخ" عضو مجلس اللوردات البريطاني - وتناول في حديثه عدداً من القضايا المهمة للأقليات المسلمة في الغرب ومنها ظاهرة الإسلاموفويا وعرج في حديثه على دور التربية وأهمية فتح أبواب من الحوار وأن على المؤسسات الإعلامية أن تتميز بروح من الموضوعية كما أن على المؤسسات الإسلامية أن تتخذ سياسة الانفتاح والعلاقات والمبادرة في علاقاتها مع المجتمع المحيط بها.
شارك في أعمال الندوة على مدى يومين اثنين عدد من الخبراء من داخل بريطانيا وخارجها من المختصين في القانون الدولي وحقوق الإنسان والتنوع الثقافي والحوار بين الحضارات وأتباع الأديان ، وعدد من ممثلي مؤسسات المجتمع المدني المعنيين بمواجهة الكراهية والتمييز والتطرف، وبحضورعدد من الإعلاميين وقنوات التلفزيون.
وتمت خلال الندوة مناقشة مجموعة من القضايا والمواضيع ذات الصلة بالمحاور التالية:
- ظاهرة الإسلاموفوبيا والإساءة للأديان من منظور القانون الدولي وحقوق الإنسان.
- المسؤولية الأخلاقية لوسائل الإعلام في انتشار الصور النمطية عن الآخر وآليات المعالجة المهنية الإعلامية لظاهرة الإسلاموفوبيا.
- دور مؤسسات المجتمع المدني في مواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا من الناحية القانونية.
وبعد المناقشة وتبادل وجهات النظر والاستماع الى أوراق الخبراء المشاركين اختتمت الندوة بمجموعة التوصيات والمقترحات التي قدمت إلى منظمة المؤتمر الإسلامي والإيسيسكو والمركز الثقافي الإسلامي والجهات المعنية بمثل هذه الظواهر وسيتم إرسال نسخ منها إلى بعض المسؤولين والمهتمين في المملكة المتحدة ومن أهمها:
1 - التأكيد على أن ظاهرة الإسلاموفوبيا تَـتعارَضُ كليًا مع ميثاق الأمم المتحدة، ومع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
2 - الدعوة إلى تكثيف التنسيق والتعاون بين الحكومات ومؤسسات المجتمع المدني ووسائل الإعلام للتصدي لظاهرة الإسلاموفوبيا ومروجي مشاعر الكراهية لأن الترويج لها يفسد الجهود الدولية الهادفة إلى تعزيز الحوار بين الثقافات، ونشر قيم التسامح والاحترام بين الأمم
3 - دعوة المنظمات الدولية الحكومية ومنظمات المجتمع المدني معاً الى تنسيق جهودها من أجل تفعيل المواثيق، والعهود والاتفاقيات، والإعلانات والقرارات، والقوانين الوطنية والدولية، المؤكدة للحدود الفاصلة بين حرية الرأي والتعبير، والإساءات إلى الأديان التي يتم ارتكابها أحيانا من طرف وسائل الإعلام تحت غطاء حرية الرأي والتعبير.
4 - دعوة وسائل الإعلام الغربية إلى الالتزام بمبادئ الموضوعية والنزاهة والإنصاف وعدم الكيل بمكيالين في تغطية الأحداث، والحرص على المساهمة في بناء علاقات إنسانية سليمة، وإيجاد أجواء من التفاهم والتعايش والحوار بين المجتمعات الإنسانية.
5 - الدعوة إلى ربط حرية التعبير بالمسؤولية، وحث مؤسسات الإنتاج الإعلامي على العمل على ترويج رسائل إعلامية تراعى ثراء التراث الثقافي الإنساني.
6 - دعوة الأقليات الإسلامية في الدول الغربية إلى تطوير وتعزيز ثقافتها القانونية ذات الصلة بمجال الإعلام وحقوق الإنسان، بما يسمح لها بالدفاع عن هويتها وثقافتها الإسلامية في إطار القوانين والمعاهدات الدولية.
7 - دعوة المؤسسات الإسلامية في الدول الغربية إلى تطوير وتعزيز خطابها الإعلامي وتفاعلها بإيجابية مع وسائل الإعلام وإطلاق حملات وبرامج إعلامية وثقافية لإبراز الصورة الحقيقية السمحة للإسلام وخلق أجواء من الحوار والتعارف والتلاحم بين أفراد المجتمع.
وقد أشاد الخبراء المشاركون بجهود منظمة التعاون الإسلامي ومنظمة الإيسيسكو في مواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا ومعالجتها إعلاميا وقانونيا وجهود المركز الثقافي الإسلامي في لندن في تنظيم ورشات عمل وحلقات دراسية لفائدة الإعلاميين المسلمين المقيمين بأوربا للتعريف بالوثائق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وبحرية التعبير وعدم التمييز الديني والعرقي، والكراهية، ونبذ التطرف والإرهاب، والإساءة إلى الأديان.
وأدان المشاركون خلال الندوة جميع الأعمال الإرهابية التي وقعت في المملكة المتحدة مع التأكيد على أن القائمين بهذه العمليات الإرهابية لا يمثلون الإسلام ولا القانون البريطاني اللذين يحرمان القتل ويدعوان إلى التسامح والعيش المشترك .
وأكد الدكتور محجوب بن سعيد، رئيس العلاقات العامة في الإيسيسكو على أن مؤسسات مثل المركز الثقافي الإسلامي في مقدمتها تعمل جاهدة في إظهار الصورة الحقيقية والسليمة للإسلام بصفته ديناً يدعو إلى التسامح والتعايش بين جميع الامم والشعوب ، كما شكر الدكتور بنسعيد منظمة المؤتمر الإسلامي على دعمها للعمل في هذه الندوة في هذا الوقت المناسب
كما تحدث المديرة التنفيذية لشبكة علاقات الأديان الدكتورة هارييت كرابتري عن دور الأديان في العمل معا ، ليس فقط لمعالجة الإسلاموفوبيا ولكن أيضا لجميع أنواع العداء، ولقد ذكرت الدكتورة هارييت أن توفير منصة للحوار والمناقشات بين الأديان سوف يساعد على تعزيز الانسجام والتفاهم بين المصلين من جميع الأديان .
شارك في الندوة مجموعة من المحامين العرب والمسلمين والأكاديميين وخبراء من منظمات مدنية مثل مثل ( تل ماما ) و ( فيث ماتر ) وهم ممن يقدمون الدعم لضحايا الإسلاموفوبيا والكراهية.
وكانت هذه الندوة فرصة سانحة لحديث السيدة آني دريك مندوبة من ( جمعية ذكرى مذبحة سربرينتسا ) حيث أشارت في كلمتها إلى أن هذه المذبحة هي نتيجة للعنف والكراهية للآخر، وأن من ارتكبها لو تمتع بقدر من الفهم والحوار والاحترام للآخر لما حدثت مثل هذه الأعمال. وكان مجموعة من أعضاء الجمعية قد انطلقوا من المركز الثقافي الإسلامي في مسيرة للتذكير بمأساة سربرينتسا مخترقين العاصمة لندن بدءاً بالمركز الثقافي الإسلامي مروراً ببعض الكنائس والمعابد في إشارة إلى أن العنف وكراهية الآخر هي ضد تعاليم الأديان.
ختاماً أشاد الدكتور الدبيان بجهود منظمة التعاون الإسلامي والإيسيسكو وشكرالباحثين على جهودهم القيمة وورقاتهم المفيدة وشكر الحاضرين من الجميع.