الفنان التشكيلي محمد السليم تاريخ تحكيه ريشة
محمد السليم (ولد في مرات في السعودية، عام 1938) هو فنان تشكيلي ويعتبر من أوائل من درس مادة التربية الفنية في المدارس الحكومية في السعودية.
وقد بدأ في تصوير مايحيط به فكانت لوحته ( مدخل مرات ) نقل للبيئة التي يعيش فيها وكان إنتاجه تسجيلا يتبين فيه بساطه في المعالجة، وفي عام 1388هـ/1968م ، تم ابتعاثه للدراسة في إيطاليا في اكاديميه الفنون الجميلة في فلورنسا، فقد سحرته الحضارة الغربية في البداية عند وصوله إيطاليا للدراسة، لذا تأثر بحضارة السنوات الأولى من القرن التاسع عشر، فظهرت أعماله متأثرة في البداية بهذه الحضارة حيث جاءت أعماله الأولى مشابهه للسريالية، ثم خاض تجارب مشابهه لمذهب سيزان وسوراه ، وأخذ يقسم الألوان إلى بقع خفيفة ، كما قام بتجارب لتشكيل الخطوط في اللوحة إلى أشكال هندسيه ، ثم تجاوز هذه المرحلة إلى مرحله الابتكار في الصورة بتركيب الموضوعات بطريقه أقل هندسيه وبنوع من التقدم الواضح ، وقد نجح السليم في ربط حضارته وتقاليده بما تم تحقيقه في مجال الفن التشكيلي.
ولقد واجه عقبات في إثناء دراسته في إيطاليا في التوفيق بين الفن في الغرب والحفاظ على هويته وأصالته ، فاتخذ من بيئته ومحيطه مصدرا يرسم ويصور منه وليبتدع بعد ذلك أسلوبا فنيا خاصاً.
الثقافية محمد المنيف:*
عندما يطلب الحديث عن الفنان التشكيلي السعودي الراحل محمد السليم في لقاء ثقافي أو فني أو حتى من المعجبين به أو حينما ترغب بعض الإصدارات أن أكتب عن تاريخه وسجله الإبداع أسترجع كل تفاصيله التي أعرفها ويعرفها كل منتم للساحة التشكيلية ممن عاصروا نشاطه التي يتشكل منها ذلك الإنسان الرائع رحمه الله وأتعجب كثيرا مع ما أشعر به من الألم والخوف من أن يذوب هذا المبدع الإنسان في ثنايا النسيان رغم ان محبيه كثيرون وأصدقاؤه لا يقلون بأي حال عنهم وان ينتهي العهد به بعد معرض وحيد أقامته الرئاسة العامة لرعاية الشباب عام 1419ه وشارك فيه نخبة من الفنانين من مختلف مناطق المملكة يحمل اسم معرض الوفاء وكنت وقتها أجزم بان المعرض سيكون له موقع في جدول وبرامج أولئك الأصدقاء بأن يقام هذا المعرض مرة واحدة كل عام أو كل عامين يخصص ريعه للأعمال الخيرية ودعم البرامج الفنية في مؤسسات الرعاية الاجتماعية أو جمعية المعاقين، أو أن يتبنى أحد أولئك الأصدقاء تأليف كتاب عن مسيرته الإبداعية وتجربته مع اللوحة، وما حققه خلالها من خصوصية أثبت فيها مدرسته الفنية عبر اللوحة التي أصبحت تعرف انها من صنعه حتى لو لم تحمل إمضاءه بعناصرها وملامحها ونشأتها المحلية مبرزاً فيها الانتماء الصادق والكبير للوطن بكل ما يحتويه من مظاهر الحياة بكل أنماطها مع أن الزميل الفنان التشكيلي سمير الدهام قد أشار انه أتم فصول هذا الكتاب وألمح لي عن انتظاره فرصة الدعم المادي ليظهر للوجود.*
إلا أن هذا لا يكفي من محبيه وتلامذته القريبين منه تماما ممن عاشوا أغلب لحظات سعادته وشقائه ومعاناته مع الفن أو مع ظروفه التي أدت به إلى الإفلاس رغم ما قدمه من مال وجهد في سبيل الفن التشكيلي السعودي، فهذا المبدع والرمز الثقافي التشكيلي يستحق ان يجد مكانا بين محبيه من الزملاء في المجموعات التي تشكلت مؤخرا منها مجموعة الرياض وتضم فنانين هم من كانت تربطهم به علاقات مباشرة، في مقدمتهم رئيس المجموعة علي الرزيزاء كما في مجموعة ألوان أيضا من لهم علاقة لا تقل بأي حال عن البقية ومنهم رفيق دربه واحد رواد المجال التشكيلي الفنان عبدالجبار اليحيا رئيس المجموعة، فالراحل محب للجميع فأحبه من تعرف عليه كما استفاد منه أجيال وأسماء لها صداها التشكيلي فلماذا لا يكون عضوا بينهم تعرض أعماله في معارضهم وتنتقل معهم إلى أعين الآخرين ليسعد بها من لحق بمرحلته الإبداعية ويستفيد منها المواهب الجديدة وان يقوم أعضاء تلك المجموعتين أو من يتبنى الفكرة منهم بالبحث عن تلك الأعمال، وهي كثيرة ولكنها تبعثرت بين مقتني وبين جهات رسمية مع ان من الفنانين من اقتنى له أعمال مع إمكانية الاستعانة بمن يمتلك أي منها كاستعارة للعرض مع ما نبعثه من عتب لابنه طارق مدعما بالعشم في ان يتعاون مع الفكرة أو مع غيرها لنحتفظ بهذا الرمز بشكل متواصل وعبر حقبات من التاريخ والأجيال اعترافاً بدوره وجهوده.*
إعجاب وتقدير كبير*من المسؤولين*
لقد وجد الفنان الراحل السليم احتفاء كبيراً من المسؤولين وعلى أعلى مستوى منذ ان كشف عن موهبته بإقامته أو معارضه في نادي النصر بالرياض عام 1378هـ وافتتحه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض الذي أشاد بإبداعه بكلمة كان رحمه الله شديد الاعتزاز بها لكونها نابعة من الوجدان حيث قال سموه فيها «إنها لفرصة طيبة ان افتتح المعرض الأول للفنان السعودي محمد السليم وبقدر سروري بذلك فلقد كان ما شاهدته دليل بداية طيبة وموفقة إن شاء الله» هكذا كانت البداية وكانت النظرة الثاقبة من سموه لمستقبل هذا الفنان لتأتي بعدها المرحلة المهمة والمنعطف الكبير الذي نقل من خلالها إبداعه إلى العالمية ونعني بها مرحلة الدراسة المتخصصة في مجال الفنون والديكور في أكبر أكاديميات ايطاليا عام 1390هـ بعد تنقل في مهام في نفس مجاله إذا كان رحمه الله معلماً للتربية الفنية ثم موجهاً تربوياً فيها إلى أن انتقل إلى التلفزيون كمهندس ديكور ثم ابتعث إلى ايطاليا ليعود بعد دراسته العليا إلى المملكة مشحوناً ومكتنزاً حماسا وطموحاً ساعياً لتأسيس حركة تشكيلية على قاعدة مدروسة نتيجة ما وجده من دعم رسمي ممثلا في رعاية الشباب التي تحولت إلى الرئاسة العامة لرعاية الشباب وأقيم فيها للفنون التشكيلية قسم خاص لتنظيم المعارض الجماعية والفردية ثم تبعها افتتاح جمعية الثقافة والفنون، فكان له أيضا مساهمة كبيرة في وضع آلية وخطط وبرامج الفن التشكيلي عندما كلف برئاسة لجنة الفنون التشكيلية خلفا لزميله عبدالعزيز الحماد وأصبح خلال هذا التواجد والدعم رافداً قوياً بحضوره وبمساهماته عبر الرأي واللوحة إلى أن وصل به الأمر للدعم التجاري بافتتاحه أول صالة عرض متخصصة للفنون التشكيلية ومستلزمات الفنانين، وخلال هذا النشاط الديناميكي أقام ما يزيد على المائة والخمسين معرضاً شخصياً داخل وخارج المملكة عربياً وعالمياً مسجلاً حضوره العالمي بكل جداره إضافة إلى عضويته في العديد من اللجان والجمعيات التشكيلية منها العربي ومنها العالمي.*
علاقة الفنان السليم بإبداعه*
لم يكن الفنان السليم رحمه الله يتعامل مع الإبداع بحثا عن الثراء المالي رغم ما أتيح له من فرص ومع ما تحقق له من معجبين ومقتنين لأعماله، بقدر ما كان حريصاً على أن يوجد أسلوباً تشكيلياً خاصا أصيلاً في المنشأ والولادة، فكان له ذلك عبر مشوار حافل بالتجارب واكتشاف سبل التعبير ورصد ملامح الخصوصية المحلية من خلال ممازجته بين الشكل والمضمون مستلهماً معطيات واقعه المحلي بكل تفاصيله، وقد بدأ السليم متلمساً دربه في تصوير الواقع بإحساس معاصر مع ما سجله من ملامح البيئة وجمالها في لوحات واقعية في أول مشواره كان لقريته حظ وافر منها مستعيداً في بعضها ما اختزله عقله الباطني من نماذج الحياة القروية والعلاقات الاجتماعية وأنماط البناء فحملها معه إلى ايطاليا خلال دراسته، فكان ذلك المختزل مرجعاً بصرياً تراثياً واجتماعياً مؤطراً بما اكتسبه من عادات وتقاليد أصيلة ليصبح مصدر إلهامه ومنطلق إبداع وقف له معلموه وأساتذته والنقاد بكل احترام مشيرين إليه في تعليقاتهم وكتاباتهم النقدية في صفحهم بعد زيارتهم لمعارضه التي أقامها في روما.*
لم يتوقف السليم رحمه الله عند حدود التأثر أو الإعجاب بأساليب الفنانين الغربيين ممن شاهد أعمالهم خلال دراسته أو بما علق في ذاكرته بعد زيارته للمتاحف وقاعات العرض العلمية بل سعى لإيجاد أسلوب ومدرسة عربية في كل تكوينها شكلا ومضموناً فكانت له المدرسة الآفاقية المأخوذة من الأفق محدثا نقلة مهمة في تاريخ الفن التشكيلي السعودي خاصة والخليجي بوجه عام إلى العربي والعالمي بملامح لم تكن مكررة أو منقولة أو مشابهة لأعمال سابقة، هذه المدرسة كما يطلق عليها في العرف الإبداعي تأثر بها العديد من الفنانين لكونها الأقرب في تجسيد الواقع البيئي البصري للنمط الصحراوي وحركة الخطوط فيه من اليمين إلى الشمال أو العكس بتدرج لوني وإيقاع خطي متتابع يأخذك للأفق عبر مراحل متناغمة من المساحات ودرجات اللون.*
هذه إطلالة على فنان أفنى حياته لإبداعه من منطلق وطني أصبح حقا على محبيه أن يجددوا الوفاء لمن كان منزله ومرسمه حضناً دافئاً وملتقى جماليا إبداعيا كان فيه الراحل كريماً بابتسامته التي تسبق كل مظاهر الاحتفاء لكل من يلتقيه.*
انه في حاجة لموقع على الإنترنت ومعرض يحمل اسمه ولتكن له جائزة تذكارية تحمل اسمه وتحفظ دوره الريادي واضعين الأمل في وزارة الثقافة والإعلام التي كان السليم أحد منسوبيها. الحديث عن هذا الفنان لا تتسع له مثل هذه المساحة لرصد إنجازاته بالتفصيل وإنما حرصنا على أن نساهم بشيء قليل لنعيد ذكراه الطيبة كمواطن مخلص.*
حيث لا شيء,, يمحو الهواجس الأولى,, هواجس مبعثرة,, مثل الغرباء في ليل يقظ,, حيث السنوات التي عرفت حقول الدمع وينابيع الرجاء,, من نور الشمس الى ثرى الأرض في ثياب آلاف السنين الممتدة عجبا على مداخل العيون العاشقة للجمال والمدن البعيدة وأحلام السراب التي هي كالحلم المتجول ما بين النوم واليقظة كوشاح وقور,, بتنامي الذاكرة والرغبة الراكدة في مسار الوجوه المعروقة بالحزن والتعب وعتبات الذكرى الوحيدة,, بأننا مثل تلك اللوحة الأولى والأخيرة في فن اللوحة عند محمد السليم وهو ذاك الفارس الذي امتشق الفرشاة ومربع اللوحة وازميل التصاميم والمجسمات,, كوجه أحد الأبطال الملحميين في معركة الوجود اليومي وهو الذي شق مجراه بأصابع سمراء عرفت الكرم والعطاء وآهات ضرورة الفن في جسد المدن البعيدة والصحراء ليرفع في اعماق ارواحنا,, الكلمات الصادقة وزند ارتعاشه ليالي السفر الطويل في رداء أحمر او برتقالي أو أصفر مشتعل دائما بالغبار والورق الخريفي وسعف النخيل الممشوق على الارض وحبات الجمر في تلك الشموس الحارقة وتلك الأصوات المشدوهة بالمدى السديمي وقد اغرقتنا رياح القمح والتغير الى ذاك المربع المرسوم باحلام,, فناننا الرائد وهو يحارب طواحين الهواء المترامية الأطراف في الصحراء المترامية الأطراف,, وقد تمادت رقصا اقدام الفلاحين والرعاة على تداعيات الانتماء والتناقض في صخب هذه الروح وهي في مخاضها على صدر هذه الأرض الحنونة بالتناص الهارموني الذي يرفض نفسه امام أعين الآخرين.
محمد السليم : أحد الأوائل الرواد الذين استطاعوا ان يكونوا رصدا معقولا في الساحة التشكيلية العربية وهو من أهم مقوماتها التي نسعى فيها حتى نكون حجرا في رقعة ذاك السؤال الذي انكسر مع رحيل احد الأبطال وهو يودع أفكاره والوانه واهتماماته النفسية وعمله كفنان حقيقي من ضمن توتر معين مفتوحة على حساسية معينة, وخير مثال على ذلك لوحاته وأحاديث اصحابه عنه والذين هم المرجع الذاتي لأي دارس في فنه وما تخلفه امكانيات البحث والانطباعات في فنه ومن ربوع تلك الذكريات الغالية ومن جميع ما تحمل من احاسيس ومشاعر,, في خبرة الواقع ومفهوم السياحة النفسية في عالم الفنون الجميلة التي لا يمكننا إلا ان نوزع في اضافاته الى ذلك الدفء في اللون والفكرة والعمل وان نكون معه كحكم تطويري لأسلوب الواقع التصويري وهو المتزمت في عالم الريشة واللون والخط والكتلة والمتناول في ابداعاته على البساطة والشكل والحس والروح والمعاندة والاختلاف,, كما هي مجمل اعماله الفنية في فنه الباقي,, كشواهد على هذا العصر,, الذي امتلىء بالكثير من هوامش الحياة عبر مناخاتها اللونية المختلفة.
في فن محمد السليم : لحن بصري يلامس التكوينات التجريدية في تحديد ذي مقام لوني يلامس لعبة الظل والنور,, والتي اظهرت براعة في ضبط امكنة تحديد المؤثرات للإنسان المعاصر وهو يحاصر فجيعة الإنسان في حياته ومرآة واقعه الذي انعكست على استخداماته الجديدة في لغة التشكيل التصويري كتفصيلات روائية مفتوحة على مثل هذا الزمن الراقص رقصة جماعية في الهواء الطلق في سمفونية الاحتكاكات الواقعية للاشكال والزخارف والبيوت وحكايا الناس في ملاعب الطفولة مع طفولة الرمال الصحراوية وهي تتشكل كمناخات قابلة للاستعمال اليدوي والابداعي في وسيلة جديدة من حضارة الأفق البعيد في حضارتنا وفي ضرورة الإنشاء الجمالي عندما يسابق ترهات الظروف في سباقات الحياة الاستهلاكية وهي تحاصر فعل قوة الفن والاعراف الفنية في قطب المظاهر التجسيدية لفلسفة ضرورة الفن وعلاقة اللوحة بالواقع او عندما يرسم الإنسان بكلمة خالدة قال فيها:
بدأت علاقتي مع الفن التشكيلي منذ طفولتي,, عندما كنت اتعشق الفن والرسم معا في رسومات وخربشات على رمال هذه الحياة والصحراء وجد ان البيوت الطينية التي دغدغت الأحاسيس وخاطبت معي العقل والقلب بما في ذلك الكثير من الألوان ومنتهى الشفافية وكأنني امام قصيدة لونية تبدو فيها القصائد اللونية والخطية,, هي الموضوع والمحرض وهي الأداة والمساحة الزمنية والواقع الجوهري لإنسان البادية والجزيرة العربية ومعه قصة رقيق الشمائل,, في ذاك التوزع الإنشائي وحيث هو ماخل في اللوحة في الازدحام برغم صغر المساحة الزمنية لوجودنا العظيم والممتدة حتى اعمق احساساتنا العظيمة باللون والأساليب ومعنا تعابير عاطفة الأمومة التي تكسوها الكشف الجميل في الأضافة والتمايز لأي فعل جمالي هو في مقومات العمل الفني الناجح والذي به يزدهر تجاربنا الفنية الممتدة منذ القديم وحتى يومنا هذا رغم كل ما فيها من الاضاءات الذهبية في حلي امهاتنا الرائعات في صورة حلي الشرق لإكسسواراتنا الشرقية عندما تخضب اعمالنا بالإبداع والجوانب المزدهرة على مجموع توهجها الإنساني والحياتي والفني في أساس مقومات عملنا الفني الناجح الذي ينحو فينا الى المستقبل كمعادلة صحيحة تتأرجح في أفعالنا لما بين الواقعية المبسطة والسريالية الحلم والهواجس وقد ادخلتنا في ذلك مع بعض مفردات البيئية المحيطة بنا والتي تتعشق فينا لغة الزخارف الهندسية الطينية المثلثة الشكل وتلك القباب ذات الانحناءات المتوهجة بفعل اللون الواحد وتدرجاته والذي اخذته من عمق الشرق القديم وهو لا يزال يعيد نفسه في اللوحة وكأنه الحدث الأهم في حياتنا وتقاليدنا البصرية والجمالية مع بعض المظاهر للحياة اليومية بأسلوب يتناسب مع روح العصر,, وصياغة مقاسات اللوحة الحديثة على معزوفة الألوان الزيتية والمائية والترابية ومختف الخامات والأصول,,, .
الفنان محمد السليم : من ألمع المصورين في الخليج العربي اسما في تاريخية الفن وهو بمثابة الواقع الجوهري لإنسان هذه المناطق العربية الطافحة بالاحتكاكات الساخنة وهو الذي يشبه معها دراما المؤثرات العامة في فنوننا التشكيلية والحضارية والإنسانية في ثوران الانفعال على مداه او عندما يتحول الى لون يتماهى مع سمفونية ألم الوجود الكبرى,, في شبه شمس غاربة برتقالية اللون تتآخى مع الشعاع لتجعلنا ننساب مع كل الأشياء الجميلة الى غير رجعة حيث بذلك تكون قيمة الاخلاقيين في نهايات تمضي مع قصة احلامنا التي انتصبت على زمن الاحتراق اليومي لصخرة الظروف والأشياء فكانت له سلسلة من المعارض الفردية والجماعية التي بدأت فنيا من فنون هذا الفنان الرائد وهو السباق الى الجزء الشرقي من ثقافتنا الخجولة امام ذاك الطابع الحركي لثقافة نجوم عصر النهضة الإيطالية,, في آخر ملاجىء احلام محمد السليم الفنية لتكون الدار السعودية للفنون في منطقة الديرة واسواقها القريبة في قصر المصمك التاريخي نواة عمل لمحمد السليم في تأسيس مشاريعه الجمالية العظيمة,, وكنقطة ارتكاز وشاهد على أورام العقل البشري وهو يقاوم الرطوبة والاختراق لتكون النهايات بدون تواقيع او شهادات تقدير او كما اضاعه الغسق مع شمس هاربة، وما حادثه ذلك في سباقات الهجن والخيل مع المدى والخطوط والألوان في تكوينات ترابطت معه وكأنها لوحة وحياة معاشة فيها التجربة على نار هادئة احرقت فيها أنامل الفنان الذهبية والرقيقة في ذات الألوان المتلاطمة والمتجاورة على ذاك التناغم المتهالك مع كل ما هو هارومني مصيره الفضاءات الخارجية المفتوحة الأطراف والآفاق على كل ما نقرأه في اللوحة كلوحة افقية في كل ما يختلط مع حرارة الطبيعة بدون اي إطار ذهبي مزيف ليؤطرها ويحدد من تفاعل الفنان مع محيطه.
محمد السليم ,, في مشاهده الخلوية وأحداثه وافكاره وواقعه في كل أبعاده النفسية والخارجية وكل ما يدور في حياته من قصص وايقاعات حسية يدفع الفنان فاتورته على مرآة احلامه الواسعة,, هو مثال الفنان الرائد المؤسس الذي ترك الكثير للأجيال اللاحقة التي تعلمت منه الصدق وعنفوان التجربة وقيمة الجد والاحساس الانطباعي الشفاف الذي صاغه هذا الفنان الرائد المبدع على حيز الصورة الفنية وكأنه الفضاء الجمالي الخالص في مساحات في الاضاءة الذهبية التي ارتبطت بفنان خاص ومن نوع خاص وفن خاص وهو في اجوائه الشاعرية الساخنة سابح في عناصر انفسنا كتجربة تشخصية متفردة الأجواء والصياغات,, حيث هو الفن في الطبيعة مضافا اليها الإنسان,, كما قالها ذات يوم الفنان العالمي الهولندي,, فان غوغ.
وهو واحد من أهم الفنانين الذين احبوا طبيعة بلادهم وتأملوا فيها وحاولوا اكتشاف أسرار الطبيعة والألوان فيها,, من خلال حسه العفوي الصادق وعشقه الدائم لعلائق الظل والنور وتفاصيل تدرج الاشكال والحجوم والرموز في أرشيف ارضه وداره وهو الذاكرة والزاد والزوادة في حقيبة أي مسافر في ساحة التشكيل العربي السعودي المعاصر,, وقد علقت ابصارنا به على ألوانه وحياته وابتسامته الغامضة ونظراته الساحرة التي رحلت باكرا معه,, فكانت لنا موقد الأبصار في جديد وعن اضاءات معرض حياته,, مازلنا نبحث في أسراره على مختلف ابداعاته,, وما معرض تكريمه إلا جزء من جماليات دروسه المستفادة في حياته ومن واقع لهذا المبدع زمانيا ومكانيا في قمة دورهم الريادي في خواص جماليات الحضارة العربية والجماليات الحنونة التي ما صنعت من مكنوناتها التي تسري وتشع على محيط جميع العيون العاشقة للجمال وذكرى الآخرين,, وكأنها المبارزة الواقعية لتفاصيل المهارات الذهنية وهي تجزي المساحات الى مجموعة بقع لونية تشكل بمجموعها الإحساس العالم لحجوم محبتنا الى ذكرى هذا الرائد الفنان,, فتحية الأبوة الصادقة والوفاء والاخلاص لرائد الفن المعاصر في التشكيل السعودي الحديث.
وقد بدأ في تصوير مايحيط به فكانت لوحته ( مدخل مرات ) نقل للبيئة التي يعيش فيها وكان إنتاجه تسجيلا يتبين فيه بساطه في المعالجة، وفي عام 1388هـ/1968م ، تم ابتعاثه للدراسة في إيطاليا في اكاديميه الفنون الجميلة في فلورنسا، فقد سحرته الحضارة الغربية في البداية عند وصوله إيطاليا للدراسة، لذا تأثر بحضارة السنوات الأولى من القرن التاسع عشر، فظهرت أعماله متأثرة في البداية بهذه الحضارة حيث جاءت أعماله الأولى مشابهه للسريالية، ثم خاض تجارب مشابهه لمذهب سيزان وسوراه ، وأخذ يقسم الألوان إلى بقع خفيفة ، كما قام بتجارب لتشكيل الخطوط في اللوحة إلى أشكال هندسيه ، ثم تجاوز هذه المرحلة إلى مرحله الابتكار في الصورة بتركيب الموضوعات بطريقه أقل هندسيه وبنوع من التقدم الواضح ، وقد نجح السليم في ربط حضارته وتقاليده بما تم تحقيقه في مجال الفن التشكيلي.
ولقد واجه عقبات في إثناء دراسته في إيطاليا في التوفيق بين الفن في الغرب والحفاظ على هويته وأصالته ، فاتخذ من بيئته ومحيطه مصدرا يرسم ويصور منه وليبتدع بعد ذلك أسلوبا فنيا خاصاً.
الثقافية محمد المنيف:*
عندما يطلب الحديث عن الفنان التشكيلي السعودي الراحل محمد السليم في لقاء ثقافي أو فني أو حتى من المعجبين به أو حينما ترغب بعض الإصدارات أن أكتب عن تاريخه وسجله الإبداع أسترجع كل تفاصيله التي أعرفها ويعرفها كل منتم للساحة التشكيلية ممن عاصروا نشاطه التي يتشكل منها ذلك الإنسان الرائع رحمه الله وأتعجب كثيرا مع ما أشعر به من الألم والخوف من أن يذوب هذا المبدع الإنسان في ثنايا النسيان رغم ان محبيه كثيرون وأصدقاؤه لا يقلون بأي حال عنهم وان ينتهي العهد به بعد معرض وحيد أقامته الرئاسة العامة لرعاية الشباب عام 1419ه وشارك فيه نخبة من الفنانين من مختلف مناطق المملكة يحمل اسم معرض الوفاء وكنت وقتها أجزم بان المعرض سيكون له موقع في جدول وبرامج أولئك الأصدقاء بأن يقام هذا المعرض مرة واحدة كل عام أو كل عامين يخصص ريعه للأعمال الخيرية ودعم البرامج الفنية في مؤسسات الرعاية الاجتماعية أو جمعية المعاقين، أو أن يتبنى أحد أولئك الأصدقاء تأليف كتاب عن مسيرته الإبداعية وتجربته مع اللوحة، وما حققه خلالها من خصوصية أثبت فيها مدرسته الفنية عبر اللوحة التي أصبحت تعرف انها من صنعه حتى لو لم تحمل إمضاءه بعناصرها وملامحها ونشأتها المحلية مبرزاً فيها الانتماء الصادق والكبير للوطن بكل ما يحتويه من مظاهر الحياة بكل أنماطها مع أن الزميل الفنان التشكيلي سمير الدهام قد أشار انه أتم فصول هذا الكتاب وألمح لي عن انتظاره فرصة الدعم المادي ليظهر للوجود.*
إلا أن هذا لا يكفي من محبيه وتلامذته القريبين منه تماما ممن عاشوا أغلب لحظات سعادته وشقائه ومعاناته مع الفن أو مع ظروفه التي أدت به إلى الإفلاس رغم ما قدمه من مال وجهد في سبيل الفن التشكيلي السعودي، فهذا المبدع والرمز الثقافي التشكيلي يستحق ان يجد مكانا بين محبيه من الزملاء في المجموعات التي تشكلت مؤخرا منها مجموعة الرياض وتضم فنانين هم من كانت تربطهم به علاقات مباشرة، في مقدمتهم رئيس المجموعة علي الرزيزاء كما في مجموعة ألوان أيضا من لهم علاقة لا تقل بأي حال عن البقية ومنهم رفيق دربه واحد رواد المجال التشكيلي الفنان عبدالجبار اليحيا رئيس المجموعة، فالراحل محب للجميع فأحبه من تعرف عليه كما استفاد منه أجيال وأسماء لها صداها التشكيلي فلماذا لا يكون عضوا بينهم تعرض أعماله في معارضهم وتنتقل معهم إلى أعين الآخرين ليسعد بها من لحق بمرحلته الإبداعية ويستفيد منها المواهب الجديدة وان يقوم أعضاء تلك المجموعتين أو من يتبنى الفكرة منهم بالبحث عن تلك الأعمال، وهي كثيرة ولكنها تبعثرت بين مقتني وبين جهات رسمية مع ان من الفنانين من اقتنى له أعمال مع إمكانية الاستعانة بمن يمتلك أي منها كاستعارة للعرض مع ما نبعثه من عتب لابنه طارق مدعما بالعشم في ان يتعاون مع الفكرة أو مع غيرها لنحتفظ بهذا الرمز بشكل متواصل وعبر حقبات من التاريخ والأجيال اعترافاً بدوره وجهوده.*
إعجاب وتقدير كبير*من المسؤولين*
لقد وجد الفنان الراحل السليم احتفاء كبيراً من المسؤولين وعلى أعلى مستوى منذ ان كشف عن موهبته بإقامته أو معارضه في نادي النصر بالرياض عام 1378هـ وافتتحه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض الذي أشاد بإبداعه بكلمة كان رحمه الله شديد الاعتزاز بها لكونها نابعة من الوجدان حيث قال سموه فيها «إنها لفرصة طيبة ان افتتح المعرض الأول للفنان السعودي محمد السليم وبقدر سروري بذلك فلقد كان ما شاهدته دليل بداية طيبة وموفقة إن شاء الله» هكذا كانت البداية وكانت النظرة الثاقبة من سموه لمستقبل هذا الفنان لتأتي بعدها المرحلة المهمة والمنعطف الكبير الذي نقل من خلالها إبداعه إلى العالمية ونعني بها مرحلة الدراسة المتخصصة في مجال الفنون والديكور في أكبر أكاديميات ايطاليا عام 1390هـ بعد تنقل في مهام في نفس مجاله إذا كان رحمه الله معلماً للتربية الفنية ثم موجهاً تربوياً فيها إلى أن انتقل إلى التلفزيون كمهندس ديكور ثم ابتعث إلى ايطاليا ليعود بعد دراسته العليا إلى المملكة مشحوناً ومكتنزاً حماسا وطموحاً ساعياً لتأسيس حركة تشكيلية على قاعدة مدروسة نتيجة ما وجده من دعم رسمي ممثلا في رعاية الشباب التي تحولت إلى الرئاسة العامة لرعاية الشباب وأقيم فيها للفنون التشكيلية قسم خاص لتنظيم المعارض الجماعية والفردية ثم تبعها افتتاح جمعية الثقافة والفنون، فكان له أيضا مساهمة كبيرة في وضع آلية وخطط وبرامج الفن التشكيلي عندما كلف برئاسة لجنة الفنون التشكيلية خلفا لزميله عبدالعزيز الحماد وأصبح خلال هذا التواجد والدعم رافداً قوياً بحضوره وبمساهماته عبر الرأي واللوحة إلى أن وصل به الأمر للدعم التجاري بافتتاحه أول صالة عرض متخصصة للفنون التشكيلية ومستلزمات الفنانين، وخلال هذا النشاط الديناميكي أقام ما يزيد على المائة والخمسين معرضاً شخصياً داخل وخارج المملكة عربياً وعالمياً مسجلاً حضوره العالمي بكل جداره إضافة إلى عضويته في العديد من اللجان والجمعيات التشكيلية منها العربي ومنها العالمي.*
علاقة الفنان السليم بإبداعه*
لم يكن الفنان السليم رحمه الله يتعامل مع الإبداع بحثا عن الثراء المالي رغم ما أتيح له من فرص ومع ما تحقق له من معجبين ومقتنين لأعماله، بقدر ما كان حريصاً على أن يوجد أسلوباً تشكيلياً خاصا أصيلاً في المنشأ والولادة، فكان له ذلك عبر مشوار حافل بالتجارب واكتشاف سبل التعبير ورصد ملامح الخصوصية المحلية من خلال ممازجته بين الشكل والمضمون مستلهماً معطيات واقعه المحلي بكل تفاصيله، وقد بدأ السليم متلمساً دربه في تصوير الواقع بإحساس معاصر مع ما سجله من ملامح البيئة وجمالها في لوحات واقعية في أول مشواره كان لقريته حظ وافر منها مستعيداً في بعضها ما اختزله عقله الباطني من نماذج الحياة القروية والعلاقات الاجتماعية وأنماط البناء فحملها معه إلى ايطاليا خلال دراسته، فكان ذلك المختزل مرجعاً بصرياً تراثياً واجتماعياً مؤطراً بما اكتسبه من عادات وتقاليد أصيلة ليصبح مصدر إلهامه ومنطلق إبداع وقف له معلموه وأساتذته والنقاد بكل احترام مشيرين إليه في تعليقاتهم وكتاباتهم النقدية في صفحهم بعد زيارتهم لمعارضه التي أقامها في روما.*
لم يتوقف السليم رحمه الله عند حدود التأثر أو الإعجاب بأساليب الفنانين الغربيين ممن شاهد أعمالهم خلال دراسته أو بما علق في ذاكرته بعد زيارته للمتاحف وقاعات العرض العلمية بل سعى لإيجاد أسلوب ومدرسة عربية في كل تكوينها شكلا ومضموناً فكانت له المدرسة الآفاقية المأخوذة من الأفق محدثا نقلة مهمة في تاريخ الفن التشكيلي السعودي خاصة والخليجي بوجه عام إلى العربي والعالمي بملامح لم تكن مكررة أو منقولة أو مشابهة لأعمال سابقة، هذه المدرسة كما يطلق عليها في العرف الإبداعي تأثر بها العديد من الفنانين لكونها الأقرب في تجسيد الواقع البيئي البصري للنمط الصحراوي وحركة الخطوط فيه من اليمين إلى الشمال أو العكس بتدرج لوني وإيقاع خطي متتابع يأخذك للأفق عبر مراحل متناغمة من المساحات ودرجات اللون.*
هذه إطلالة على فنان أفنى حياته لإبداعه من منطلق وطني أصبح حقا على محبيه أن يجددوا الوفاء لمن كان منزله ومرسمه حضناً دافئاً وملتقى جماليا إبداعيا كان فيه الراحل كريماً بابتسامته التي تسبق كل مظاهر الاحتفاء لكل من يلتقيه.*
انه في حاجة لموقع على الإنترنت ومعرض يحمل اسمه ولتكن له جائزة تذكارية تحمل اسمه وتحفظ دوره الريادي واضعين الأمل في وزارة الثقافة والإعلام التي كان السليم أحد منسوبيها. الحديث عن هذا الفنان لا تتسع له مثل هذه المساحة لرصد إنجازاته بالتفصيل وإنما حرصنا على أن نساهم بشيء قليل لنعيد ذكراه الطيبة كمواطن مخلص.*
حيث لا شيء,, يمحو الهواجس الأولى,, هواجس مبعثرة,, مثل الغرباء في ليل يقظ,, حيث السنوات التي عرفت حقول الدمع وينابيع الرجاء,, من نور الشمس الى ثرى الأرض في ثياب آلاف السنين الممتدة عجبا على مداخل العيون العاشقة للجمال والمدن البعيدة وأحلام السراب التي هي كالحلم المتجول ما بين النوم واليقظة كوشاح وقور,, بتنامي الذاكرة والرغبة الراكدة في مسار الوجوه المعروقة بالحزن والتعب وعتبات الذكرى الوحيدة,, بأننا مثل تلك اللوحة الأولى والأخيرة في فن اللوحة عند محمد السليم وهو ذاك الفارس الذي امتشق الفرشاة ومربع اللوحة وازميل التصاميم والمجسمات,, كوجه أحد الأبطال الملحميين في معركة الوجود اليومي وهو الذي شق مجراه بأصابع سمراء عرفت الكرم والعطاء وآهات ضرورة الفن في جسد المدن البعيدة والصحراء ليرفع في اعماق ارواحنا,, الكلمات الصادقة وزند ارتعاشه ليالي السفر الطويل في رداء أحمر او برتقالي أو أصفر مشتعل دائما بالغبار والورق الخريفي وسعف النخيل الممشوق على الارض وحبات الجمر في تلك الشموس الحارقة وتلك الأصوات المشدوهة بالمدى السديمي وقد اغرقتنا رياح القمح والتغير الى ذاك المربع المرسوم باحلام,, فناننا الرائد وهو يحارب طواحين الهواء المترامية الأطراف في الصحراء المترامية الأطراف,, وقد تمادت رقصا اقدام الفلاحين والرعاة على تداعيات الانتماء والتناقض في صخب هذه الروح وهي في مخاضها على صدر هذه الأرض الحنونة بالتناص الهارموني الذي يرفض نفسه امام أعين الآخرين.
محمد السليم : أحد الأوائل الرواد الذين استطاعوا ان يكونوا رصدا معقولا في الساحة التشكيلية العربية وهو من أهم مقوماتها التي نسعى فيها حتى نكون حجرا في رقعة ذاك السؤال الذي انكسر مع رحيل احد الأبطال وهو يودع أفكاره والوانه واهتماماته النفسية وعمله كفنان حقيقي من ضمن توتر معين مفتوحة على حساسية معينة, وخير مثال على ذلك لوحاته وأحاديث اصحابه عنه والذين هم المرجع الذاتي لأي دارس في فنه وما تخلفه امكانيات البحث والانطباعات في فنه ومن ربوع تلك الذكريات الغالية ومن جميع ما تحمل من احاسيس ومشاعر,, في خبرة الواقع ومفهوم السياحة النفسية في عالم الفنون الجميلة التي لا يمكننا إلا ان نوزع في اضافاته الى ذلك الدفء في اللون والفكرة والعمل وان نكون معه كحكم تطويري لأسلوب الواقع التصويري وهو المتزمت في عالم الريشة واللون والخط والكتلة والمتناول في ابداعاته على البساطة والشكل والحس والروح والمعاندة والاختلاف,, كما هي مجمل اعماله الفنية في فنه الباقي,, كشواهد على هذا العصر,, الذي امتلىء بالكثير من هوامش الحياة عبر مناخاتها اللونية المختلفة.
في فن محمد السليم : لحن بصري يلامس التكوينات التجريدية في تحديد ذي مقام لوني يلامس لعبة الظل والنور,, والتي اظهرت براعة في ضبط امكنة تحديد المؤثرات للإنسان المعاصر وهو يحاصر فجيعة الإنسان في حياته ومرآة واقعه الذي انعكست على استخداماته الجديدة في لغة التشكيل التصويري كتفصيلات روائية مفتوحة على مثل هذا الزمن الراقص رقصة جماعية في الهواء الطلق في سمفونية الاحتكاكات الواقعية للاشكال والزخارف والبيوت وحكايا الناس في ملاعب الطفولة مع طفولة الرمال الصحراوية وهي تتشكل كمناخات قابلة للاستعمال اليدوي والابداعي في وسيلة جديدة من حضارة الأفق البعيد في حضارتنا وفي ضرورة الإنشاء الجمالي عندما يسابق ترهات الظروف في سباقات الحياة الاستهلاكية وهي تحاصر فعل قوة الفن والاعراف الفنية في قطب المظاهر التجسيدية لفلسفة ضرورة الفن وعلاقة اللوحة بالواقع او عندما يرسم الإنسان بكلمة خالدة قال فيها:
بدأت علاقتي مع الفن التشكيلي منذ طفولتي,, عندما كنت اتعشق الفن والرسم معا في رسومات وخربشات على رمال هذه الحياة والصحراء وجد ان البيوت الطينية التي دغدغت الأحاسيس وخاطبت معي العقل والقلب بما في ذلك الكثير من الألوان ومنتهى الشفافية وكأنني امام قصيدة لونية تبدو فيها القصائد اللونية والخطية,, هي الموضوع والمحرض وهي الأداة والمساحة الزمنية والواقع الجوهري لإنسان البادية والجزيرة العربية ومعه قصة رقيق الشمائل,, في ذاك التوزع الإنشائي وحيث هو ماخل في اللوحة في الازدحام برغم صغر المساحة الزمنية لوجودنا العظيم والممتدة حتى اعمق احساساتنا العظيمة باللون والأساليب ومعنا تعابير عاطفة الأمومة التي تكسوها الكشف الجميل في الأضافة والتمايز لأي فعل جمالي هو في مقومات العمل الفني الناجح والذي به يزدهر تجاربنا الفنية الممتدة منذ القديم وحتى يومنا هذا رغم كل ما فيها من الاضاءات الذهبية في حلي امهاتنا الرائعات في صورة حلي الشرق لإكسسواراتنا الشرقية عندما تخضب اعمالنا بالإبداع والجوانب المزدهرة على مجموع توهجها الإنساني والحياتي والفني في أساس مقومات عملنا الفني الناجح الذي ينحو فينا الى المستقبل كمعادلة صحيحة تتأرجح في أفعالنا لما بين الواقعية المبسطة والسريالية الحلم والهواجس وقد ادخلتنا في ذلك مع بعض مفردات البيئية المحيطة بنا والتي تتعشق فينا لغة الزخارف الهندسية الطينية المثلثة الشكل وتلك القباب ذات الانحناءات المتوهجة بفعل اللون الواحد وتدرجاته والذي اخذته من عمق الشرق القديم وهو لا يزال يعيد نفسه في اللوحة وكأنه الحدث الأهم في حياتنا وتقاليدنا البصرية والجمالية مع بعض المظاهر للحياة اليومية بأسلوب يتناسب مع روح العصر,, وصياغة مقاسات اللوحة الحديثة على معزوفة الألوان الزيتية والمائية والترابية ومختف الخامات والأصول,,, .
الفنان محمد السليم : من ألمع المصورين في الخليج العربي اسما في تاريخية الفن وهو بمثابة الواقع الجوهري لإنسان هذه المناطق العربية الطافحة بالاحتكاكات الساخنة وهو الذي يشبه معها دراما المؤثرات العامة في فنوننا التشكيلية والحضارية والإنسانية في ثوران الانفعال على مداه او عندما يتحول الى لون يتماهى مع سمفونية ألم الوجود الكبرى,, في شبه شمس غاربة برتقالية اللون تتآخى مع الشعاع لتجعلنا ننساب مع كل الأشياء الجميلة الى غير رجعة حيث بذلك تكون قيمة الاخلاقيين في نهايات تمضي مع قصة احلامنا التي انتصبت على زمن الاحتراق اليومي لصخرة الظروف والأشياء فكانت له سلسلة من المعارض الفردية والجماعية التي بدأت فنيا من فنون هذا الفنان الرائد وهو السباق الى الجزء الشرقي من ثقافتنا الخجولة امام ذاك الطابع الحركي لثقافة نجوم عصر النهضة الإيطالية,, في آخر ملاجىء احلام محمد السليم الفنية لتكون الدار السعودية للفنون في منطقة الديرة واسواقها القريبة في قصر المصمك التاريخي نواة عمل لمحمد السليم في تأسيس مشاريعه الجمالية العظيمة,, وكنقطة ارتكاز وشاهد على أورام العقل البشري وهو يقاوم الرطوبة والاختراق لتكون النهايات بدون تواقيع او شهادات تقدير او كما اضاعه الغسق مع شمس هاربة، وما حادثه ذلك في سباقات الهجن والخيل مع المدى والخطوط والألوان في تكوينات ترابطت معه وكأنها لوحة وحياة معاشة فيها التجربة على نار هادئة احرقت فيها أنامل الفنان الذهبية والرقيقة في ذات الألوان المتلاطمة والمتجاورة على ذاك التناغم المتهالك مع كل ما هو هارومني مصيره الفضاءات الخارجية المفتوحة الأطراف والآفاق على كل ما نقرأه في اللوحة كلوحة افقية في كل ما يختلط مع حرارة الطبيعة بدون اي إطار ذهبي مزيف ليؤطرها ويحدد من تفاعل الفنان مع محيطه.
محمد السليم ,, في مشاهده الخلوية وأحداثه وافكاره وواقعه في كل أبعاده النفسية والخارجية وكل ما يدور في حياته من قصص وايقاعات حسية يدفع الفنان فاتورته على مرآة احلامه الواسعة,, هو مثال الفنان الرائد المؤسس الذي ترك الكثير للأجيال اللاحقة التي تعلمت منه الصدق وعنفوان التجربة وقيمة الجد والاحساس الانطباعي الشفاف الذي صاغه هذا الفنان الرائد المبدع على حيز الصورة الفنية وكأنه الفضاء الجمالي الخالص في مساحات في الاضاءة الذهبية التي ارتبطت بفنان خاص ومن نوع خاص وفن خاص وهو في اجوائه الشاعرية الساخنة سابح في عناصر انفسنا كتجربة تشخصية متفردة الأجواء والصياغات,, حيث هو الفن في الطبيعة مضافا اليها الإنسان,, كما قالها ذات يوم الفنان العالمي الهولندي,, فان غوغ.
وهو واحد من أهم الفنانين الذين احبوا طبيعة بلادهم وتأملوا فيها وحاولوا اكتشاف أسرار الطبيعة والألوان فيها,, من خلال حسه العفوي الصادق وعشقه الدائم لعلائق الظل والنور وتفاصيل تدرج الاشكال والحجوم والرموز في أرشيف ارضه وداره وهو الذاكرة والزاد والزوادة في حقيبة أي مسافر في ساحة التشكيل العربي السعودي المعاصر,, وقد علقت ابصارنا به على ألوانه وحياته وابتسامته الغامضة ونظراته الساحرة التي رحلت باكرا معه,, فكانت لنا موقد الأبصار في جديد وعن اضاءات معرض حياته,, مازلنا نبحث في أسراره على مختلف ابداعاته,, وما معرض تكريمه إلا جزء من جماليات دروسه المستفادة في حياته ومن واقع لهذا المبدع زمانيا ومكانيا في قمة دورهم الريادي في خواص جماليات الحضارة العربية والجماليات الحنونة التي ما صنعت من مكنوناتها التي تسري وتشع على محيط جميع العيون العاشقة للجمال وذكرى الآخرين,, وكأنها المبارزة الواقعية لتفاصيل المهارات الذهنية وهي تجزي المساحات الى مجموعة بقع لونية تشكل بمجموعها الإحساس العالم لحجوم محبتنا الى ذكرى هذا الرائد الفنان,, فتحية الأبوة الصادقة والوفاء والاخلاص لرائد الفن المعاصر في التشكيل السعودي الحديث.