البحر غدار
جاء الصيف وحل موسم الإجازة وانطلق الناس إلى البحر لعل مياه البحر تخفف وطأة الحر ونسيم البحر يخفف لظى الشمس وانطلق الأطفال يلعبون في الماء وسط صراخ الأهل وتحذيراتهم ووسط ضحكات الأطفال وسباقهم. نزل محمود بعائلته الصغيرة وأنزل أغراضه ونصب خيمته البلاستيكية ووضع فراشه وأنزل أغراضه وأبنته الصغيرة أسماء ذات السنوات الست تساعده وابنه عمر ذو الثلاث سنوات يحمل بعض الأشياء، أنزل القارب البلاستيكي وماكينة النفخ الآلي ونفخ القارب ووضعه في الماء اختلف الاطفال ايهم الأول فوضع الأب عمر أولا ثم أنزله وصعدت أسماء ومضى وقت ممتع ، دعتهم الأم لتناول بعض المشروبات التي أعدتها،جلسوا يشربون ويأكلون والقارب بجانبهم ، أصر عمر على العودة إلى البحر فقام الأب ووضعه في القارب البلاستيكي وبقي معه، طلبت الأم من الأب إنزال بعض الأغراض من السيارة للطبخ وبقيت الصغيرة مع أخيها بجانب الشاطئ الضحل ، نظر الأب فوجدهما يلعبان فابتسم مسرورا، على الأقل لا خلاف الآن بينهما. وانشغل الجميع في الأغراض لبضع دقائق وفجأة صرخت الطفلة: أخي أخي راح في البحر.. فزع الأب وجرى إلى الشاطئ فإذا القارب قد تحرك بفعل الهواء وابتعد عن الشاطئ ، خيل للأب أن المسافة مئات الأميال فصرخ مستنجدا برواد الشاطئ وانطلق السباحون خلف القارب الذي ابتعد أكثر بفعل زيادة سرعة الرياح فطلبوا قارب حرس الحدود الذي انطلق مسرعا وحاول الاقتراب دون إحداث موج ونزل منقذ محترف وأخذ القارب والطفل وعاد بهم إلى الشاطئ وسط تحيات وتهليل ودموع فرح انسابت من عيون الوالدين والحاضرين.
هذه قصة حقيقية حصلت في أحد شواطئ بلادنا رواها لي أحد رجال حرس الحدود قبل فترة وليست الأولى ولن تكون الأخيرة، والآن ومع فترة التخييم قرب البحر في المدن الساحلية قد تتحول الأفراح إلى أتراح في لحظات لا قدر الله ولذلك من المهم اتخاذ أقصى درجات الحذر خاصة مع الأطفال قرب المياه ويمكن تقسيم وقت مراقبة الأطفال بين الحاضرين بالتناوب ويجب على من يراقب الأطفال ألا ينشغل بأي شيء آخر لا كتاب ولا جوال ولا حديث ، كما يفضل تعليم الأطفال السباحة في سن مبكرة لتفادي حوادث الغرق وايضا تجنب التخييم قرب الأماكن الخطرة غير المخصصة للسباحة أو الابتعاد عنها مسافة كافية بحيث يمكن روية أي طفل متجه ألى البحر قبل أن يصل إليه. وأخيرا على من لا يحسن السباحة والانقاذ ترك هذه المهمة لمن يحسنونها فكثير من حوادث الغرق تأتي من محاولات إنقاذ من غير مختص فتتضاعف أعداد الغرقى لا قدر الله وهي حوادث مشهودة ومآسي متكررة ، حفظ الله الجميع من كل مكروه وجعل العيد فترة تواصل وتواد وتراحم بلا حوادث أو مآسي ، وكل عام وأنتم بخير.