هل حقاً علي أن أتفائل ؟؟
عادة ما نعتبر الواقع ( كما هو الحال بالنسبة للسعادة أو الشقاء ) حالة طبيعية مفروغاً منها ، فنحن نادراً ما نفكر في تعريفنا للواقع ، أو إطلاق الصفات التي تصف حقيقته فقدنكتفي بالإشارة لحدث ما - أنه واقع ملموس - وحتى حينما نربطه بأشخاص وأمكان وأوقات معينة ، لكن الإحساس بالواقع يختلف ؛ من ذات الشخص في كل مرة ، ومن أشخاص آخرون للحدث نفسه .
كيفٓ قد يختلف الحدث من كونه ( واقع ملموس ) إلى واقع مفرح جداً في نظري مرة عن مرة ! .....
لماذا أصادف دوماً أناساً يتحدثون عن ذات الموقف المزعج البغيض بالنسبة لي واصفينه بأبهى وصف ؟!
فإذاً مما لا اختلاف فيه أن الإحساس بالواقع يختلف حسب الحالة الذهنية للفرد ، والزاوية التي ينظر إليها من هذا الواقع . والشاهد ما يبلغ مدى تأثير النظرة للواقع في حالة المختل ذهنياً الذي يرى واقع الأسوياء ذاته بأسلوب مختلف تماماً، مما يؤدي به إلى استجابات لهذه الرؤية بأفعال وسلوكيات غير منطقية لغيره .
و من قوة التنبأ والتوقع أن أحد الأساسيات الهامة في تدريب سائقي سباق السيارات إبعادهم عن التركيز على حافة الطريق وخوف الارتطام بها ، وفي المقابل حثهم على التركيز على الوصول إلى نقطة النهاية قبل منافسيهم .
قال - وليام جامز- " إن أعظم اكتشاف عرفه جيلنا هو أن الإنسان يمكن أن يغيرحياته من خلال تغيير توجهه الذهني" . و هذا المبدأ وجدٓ قديماً جداً .. فقد دعانا له الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم ( تفائلوا بالخير تجدوه ).
إن لم يكن باستطاعتي تغيير واقعي كاملا بالتوجه الذهني ، ألا يمكنني أن أتفائل ، وأرسم صورة حسنة لما سيحدث عوضاً عن التشاؤم والتطيّر ، وفوق ذلك أعتقد بمجيء الخير حقاً لمجرد أني قد توقعته .
وأوكدعلى أنه يمكننا توجيه مسار حياتنا وتحقيق أقصى أحلامنا إذا اعتقدنا جازمين في حتمية تحقيق ما نريد .
فهل هذا معناه وجود ( سر عظيم ) وراء قوة تأثير مانتوقع على حياتنا ؟! ... ألا يفسر هذا كله بالحديث القدسي ( أنا عند ظن عبدي بي ، إن ظن بي خيراً فخير وإن ظن بي شراً فشر ) فهو إذا قانونا كونيا ينص على تأكيد أن حال الإنسان يتشكل بحسب ظنه بالله عز وجل ....
والإطمئنان والراحة النفسية التي تأتي كثمرة من هذا الظن ؛ وإن كنت متيقناً أن قدري مكتوب بسعادة أو شقاء منذ الأزل ، لكني متفائل ،متقبل ، فإذاً مهما حدث لي ومن حولي على الرحب والسعة .... وسأضمن أني أتعامل معه بأفضل الطرق بعيداً عن التعب والقنوط .
يقول الإمام الغزالي : " سعادة الإنسان وشقاوته وقلقه أو سكينته تنبع من نفسه وحدها ، إنه هو الذي يعطي الحياة لونها البهيج أو المقبض كما يتلون السائل بلون الإناء الذي يحتويه " .
فهل مازال السؤال قائماً ؟ : هل حقاً علي أن أتفآئل ؟