رسالة من شجرة يائسة
كعادتي الصباحية، اذهب عملي راجلاً في أجواءٍ فجرية مناسبة، ما بين أذكار الصباح وتأملات الرياح .
وقفت طويلاً طويلاً أمام شجرة يائسة، يابسة، لا تحتاج إلى سؤال لتفصح أو نكزة لتجيب .
تقع الشجرة في شارع فخم وأمام هايبر ضخم، بجوارها الماء بل أحياناً تسقى بمياه معدنية من بعض المارة، وحولها الهواء، وعمال البلدية أسبوعياً يطعموها سماداً مستورداً، وحولها نبت الزهر والورد ،ولكنها أبت أن تفرح... أن تنمو... أن تتطور... استسلمت لهواجس نفس، وأصحاب بؤس، وكأنها تهزني هزاً أدبياً وتقول لو توفرت حولك ولَك كل أسباب الحياة والإبداع ؛راتب جيد، وتأمين ماسي ،وتدريب راقـــــي ، وسكن واسع، وسيارة فارهة ، و........!!!!
لكن الروح ميتة، والقلب هرم، والنية دخنة، والهمة عرجة، والألفة مقتولة، والنفس عجزة....هنا وهنا فقط صَل عليك بأربعة تكبيرات..
قالت لي الشجرة اليائسة البائسة؛ مصيرك مثل مصيري... هيئة رثة، موت حتمي، ضياع آكد .قلت لها: نصيحتك .
قالت: استمتع بما حولك... بعملك، بدعوتك، بأصحابك،و بدينك .فإنها حياة واحدة وموتة واحدة . إياك وخدش القلوب، إياك والاستسلام . كن مبادراً من الطراز الأول،
فعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم.
وتعظم في عين الصغير صغارها وتصغر في عين العظيم العظائم.
فلا تكترث بكثرة العوائق وبنيات الطريق ، فشعارك دائمًا "فإذا عزمت فتوكل على الله "
والذي يلتفت لنعيق الباطل فهو كالظبي ، والظبي أشدُّ سعيًا من الكلب ، ولكنه إذا أحسَّ به التفت إليه ، فحينئذ يضعف فيدركه الكلب فيأخذه .
ولا تلتفت هنا أو هناك ولا تتطلع لغير السماء
كن كالهدهد لم ينتظر من النبي سليمان أمرا أو تكليفا أو تهديدا أو مكافأة ليتحرك بهمة تحرج الجميع من الشام إلى سبأ ذهاباً وإياباً أربعة ضرب ٢٠٠٠ كيلومتر حوالي ٨٠٠٠ كيلو في جو حار وبارد ونسور وصقور وجوع وعطش.
فالإيجابي....ذو همة لا تلين وجد لا يحيد .... يقول: ينبغي أن يكون هذا...
بعزائم فالقة!.. وحزائم رائقة!... وإرادات فائقة .. .
فيكون بإذن الله.كقول الراشد الفقيه إذا قال:... فَعَل ….
وإذا نوى:... اقتحم...
وله من ميراث يحيى عليه السلام لما قيل له: "يا يحيى خذ الكتاب بقوة "
يصعد في طريق الإبداع .. ..
ويبتكر .. .. و يبادر
ولكون إبداعه كثير التنوع، لا يحده إطار، و إنما هو واسع ... سعة الزمان والمكان.. يعبد الله الواسع .. الفتاح.
ثم قالت :بلهجة قوية حادة أخيرة
احذر من الفتور، وألحق العمل بالعمل، والتعب بالنصب، والجهد بالمشقة، فتيار الحياة صغير، وفرصة العيش محدودة، وإياك وضياع الوقت، وذهاب العمر...
"فإذا فرغت فانصب"
للتواصل مع الكاتب
[email protected]