المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الجمعة 10 مايو 2024

زائر

قبل أن نختلف

ثمة مقولة لفولتير وهو كما هو معروف فيلسوف وكاتب فرنسي من عصر النهضة يقول فيها كنموذج غربي لاحترام الرأي والرأي الآخر..

{قد أختلف معك في الراي ولكني مستعد لدفع حياتي لقاء نصرة رأيك*] *وقد سبق ديننا الإسلامي الحنيف كل الأديان السماوية لهذا المفهوم الراقي يقول الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تعالى في تفسيره [

( كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ۚ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۖ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ ۗ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) البقرة (213)

( أي: كان الناس ) [ أي: كانوا مجتمعين على الهدى، وذلك عشرة قرون بعد نوح عليه السلام، فلما اختلفوا في الدين فكفر فريق منهم وبقي الفريق الآخر على الدين، وحصل النزاع وبعث الله الرسل ليفصلوا بين الخلائق ويقيموا الحجة عليهم، وقيل بل كانوا ] مجتمعين على الكفر والضلال والشقاء, ليس لهم نور ولا إيمان، فرحمهم الله تعالى بإرسال الرسل إليهم ( مُبَشِّرِينَ ) من أطاع الله بثمرات الطاعات, من الرزق, والقوة في البدن والقلب, والحياة الطيبة, وأعلى ذلك, الفوز برضوان الله والجنة.

( وَمُنْذِرِينَ ) من عصى الله, بثمرات المعصية, من حرمان الرزق, والضعف, والإهانة, والحياة الضيقة, وأشد ذلك, سخط الله والنار.

( وَأَنزلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ ) وهو الإخبارات الصادقة, والأوامر العادلة، فكل ما اشتملت عليه الكتب, فهو حق, يفصل بين المختلفين في الأصول والفروع، وهذا هو الواجب عند الاختلاف والتنازع, أن يرد الاختلاف إلى الله وإلى رسوله، ولولا أن في كتابه, وسنة رسوله, فصل النزاع, لما أمر بالرد إليهما.

ولما ذكر نعمته العظيمة بإنزال الكتب على أهل الكتاب, وكان هذا يقتضي اتفاقهم عليها واجتماعهم، فأخبر تعالى أنهم بغى بعضهم على بعض, وحصل النزاع والخصام وكثرة الاختلاف.

فاختلفوا في الكتاب الذي ينبغي أن يكونوا أولى الناس بالاجتماع عليه, وذلك من بعد ما علموه وتيقنوه بالآيات البينات, والأدلة القاطعات, فضلوا بذلك ضلالا بعيدا.

( فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا ) من هذه الأمة ( لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ ) فكل ما اختلف فيه أهل الكتاب, وأخطأوا فيه الحق والصواب, هدى الله للحق فيه هذه الأمة ( بِإِذْنِهِ ) تعالى وتيسيره لهم ورحمته.

( وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) فعمَّ الخلق تعالى بالدعوة إلى الصراط المستقيم, عدلا منه تعالى, وإقامة حجة على الخلق, لئلا يقولوا: مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ وهدى - بفضله ورحمته, وإعانته ولطفه - من شاء من عباده، فهذا فضله وإحسانه, وذاك عدله وحكمته.] كما قال الشافعي [رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب ]لوتمعنا جيداً في هذه المقولات النيرة لو وجدنا أن احترام قيمة الاختلاف المتحضر دون تسفيه أي رأي وإن اختلفنا معه هو أمر محمود مطلوب اليوم ولكن للأسف لا نجد اليوم من يتقن حتى أدب الحوار الهادئ الجاد فحوارتنا إلا ما رحم ربي دوماً متشجنة يشوبه التوجس وافتراض سوء النية في كل حرف فيزعمون أنهم يحسنون قراءة مابين السطور ويفهمون من حروفنا أموراً لم نك نقصدها بأي شكل عجباً مالهم كيف يحكمون؟!* وهنا لابد من وقفة تأمل فقبل أن نختلف يجب أن نتعقل ولا نتعجل في إطلاق الأحكام جزافا على النوايا بغير دليل ولا مستند واقعي مستمد من الهدى والكتاب المنير... وأقول ماقاله الله تعالى في كتابه العزيز {ولا يجرمنكم شنآن قوم ألا تعدلوا} ففي قمة العداوة يجب التحاور بهدوء وموضوعية حتى مع من نناصبهم العداء ونفصل مابين الأمور الشخصية ورأينا في شخص الإنسان وآرائه فقد آن الأوان للسلام والمحبة الإنسانية فما خلقنا إلا للحوار الفاعل البناء وليس للقتال والصراعات فالحياة قصيرة جدا وهي أقصر من أن تضيع في الشحناء والبغضاء وقبل أن نختلف فلنعش في عالم مفعم بالحب ولنفش السلام بيننا وقبل أن نختلف لنشيع مبادئ التحضر والمدنية فتلك غاية المنى

 
بواسطة : زائر
 0  0  7.2K