طفلان يقتلان.. كيف؟!
الخبر المؤسف: (توءمان حدثان يسحلان والديهما!)؛ سمعنا و قرأنا عنه و تناقلته وسائل الاعلام التقليدية في جولات، و عبر وسائط التواصل الاجتماعي و كذلك مباشرة عبر الجوالات.
فكيف يحدث هذا الحدث الجلل، و هذه المرة على مستوى عائلة الواحد منا في بيته، و بين اهله و بنيه؟
ثم تجدنا بعد كل هذا و ذلك و ذاك نمضي معصوبي الرأس و الأذنين و العينين، مرددين ما تلاوكناه من اعذار، و لا نزال و في تكرار مدرار، فنربت على اكتافنا و كأنّ لا حاجة لنا للنظر في وضع الشباب المتأزم يوماً بعد ليل، و جلـّهم لا يجد ملجأ الاّ في انواع المسكنات و بما يساهم في الهروب؛ و ذلك مع قلة الترويح و لو حتى لساعة من نهار، و لو في فعاليات مرحٍ على سواحل البحار، او في تسلية مسبغة في بر القفار؛ أو تنظيم 'أوپريت' في ساعة من نهار.
فلقد اختصرنا مـُتع الحياة و انواع التسلية في الأكل و في الباذخ من الولائم (و جـُلـّها مآله الى براميل القمائم)؛ او في اقامة حفل زفاف قد تتبعه حفلات (جراء الطلاق، 70%+)، فمعاودة المزواجيات في أنواع من المسيارات؛ ثم ربما في السفرات الغادقة غرباً او الربوع الفسيحة المفسوحة شرقاً.. ثم شرقا.
بينما يبقى الضغط المكبوت؛ و معه تضاؤل فرص اللهو البريء، ناهيك توفير الدفء في البيت ذاته، حيث يتكاثر و يتزاحم الانجاب، بما يحد و يضائل من فرص التلاقي الفردي بخاصة، و الجماعي بعامة، للتحسس التنادمي المباشر او لتلمّس المشاعر.
و كذلك هو الحال في ثلث يوم الطفل و المراهق بالمدرسة، في فصل مزحوم و معلم مأزوم و في ظروف لا يقوى على توفير فرص التجاوب مع سؤال، ناهيك عن التفاعل اللفظي و الشخصي الفعال!
و بينما نجد الحياة بعامة رتيبة غدوَّاً و رواحاً؛ و معبكة بأنواع الشدة و الرهبة و الترهيب؛ و ضامرة في الحنو و الحميمية و الترغيب.
و في نفس الوقت، و فيما يخص غير الشباب، و في حال الأبوين ذاتهم.. فإن 'ضغوطات' الـ24 ساعة(لاحظ فضلاً 'جمع.الجمع' هنا!!) على مدار اليوم، تجعل الأم و الأب..في شغل مشغول و ربما شاغل، في البحث عن كل 'ترفيه' ممكن او متاح، و نحو حلقات القيل و الأقوال و كذلك متواصل الاخبار و دردشائيات الجوال؛ ثم يسعون بشغف لتكملة 'السيرة' في امسيات إلى اطول فترة ممكنة من الوقت المتاح.. إلى سجى الليل، و احياناً حتى تباشير الصباح. و قد نجد الأب في ديوانيته.. أحيانا ليلياً و على مدار الأسبوع؛ و الأم كذلك؛ و كلٌ في فـَلــَكه يسرح!
بينما في كثير من الاحيان، نجد الاطفال في رعاية الأجنبيات، في كنف الشغالة و المربية ايضاً. و ذلك عند شغالة واحدة، كحد ادنى؛ الى شغالتين في عوائل الطبقة المتوسطة؛ الى ثلاث (و معهن ممرضة على البيعة!) في العائلات الأغنى.
و بذلك يجد كل من الوالدين مجالاً لقضاء اوقات السهرة و الترفيه الدسم و المعبك، ليلة بعد ليلة: و: 'فين السهرة الليلة'؟؛ و اين 'نأكلُ' هذا المساء؟'(!)
بينما يُسلّي الوالدُ و الوالدة نفسيهما بأنهما 'ما قصّرا' مع اولادهما في شيئ: فإن الحليب و معه الحفاظات في وفرة، و بالكرتون؛ و كذلك بقية (متطلبات) الدار.
و كذلك -و لكيلا لا ننسى- فينوهان و يصرّحان من حين لآخر بأنهما قد سجّلا اطفالهما في مدارس خاصة (.. 'تدرِّس اللغة الانگليزية، بل و الفرنسية، منذ السنين الأولى!)! فماذا بعدُ يبغون؟ و ماذا يا تُرى بعد كل هذا سيحتاجون؟'(!)
بينما ينسون أو يغفلون عن تقصيراتهم فيما هو (أهم): توفير الوقت و التواجد المأنوس الحنون ..على مدار العام؛ و ليس فقط، و ربما، في فترات.. مثل موسم 'الاختبارات'، او في مناسبات متناثرات ..او نادرات.
و بعد، و بالنسبة لعموم الأطفال، فيحسن النظر اليهم بنظرة كثيبة و حثيثة و حريصة خلال سيرورة حياتهم اليومية؛ و اليقظة بحرص نحو امكانات الضعف و احتمالات الخلل و الضياع ..و هي عديدة، خارج البيت و داخله! و حتى لا ينشأ ناشء الفتيان فينا على كفاف التواصل و جفاف الاتصال. و إنه، و كما هو معلوم عند الوالدين المسؤولين:-
فليس اليتيمُ من انتهى ابواهُ من همِّ الحياة و خلـّـفاهُ ذليلا ×
إنَّ اليتيمَ هو الذي تــَلقىَ له أمّاً تخلـّت او أباً مشغولا !
و يحسن أن يأتي فحص و تفقد اوضاع و حالات الطفل في متنوع الأحوال، و دون انتظار حادث من خلل، و لا تعليق ظرف ما تلقائياً بحادث ارهابي حصل.
و إن من الضروري مراجعة كافة الأسباب الاجتماعية و النفسية و البيئية و المرافقية و الترفيهية، و تسليط الضوء عليها و ابرازها؛ و التوجه بجد و واقعية في التعامل معها.
و مع ندرة البهجة و 'البهجوان' في الحياة العامة، و مساحات و مواقع الترفيه العام و الترويح البريء: السينما، و الموسيقى، و المسارح.. الخ في الفضاء العام خارج البيت؛ و مع انشغال الوالدين -كليهما- عن اطفالهما داخل البيت.. فكيفّ لنا و المجتمع بتنشئة سوية و متوازنة للطفل منذ الرضاعة الى سني اليفاعة؛ و انىّ له إلاّ ان يكون غريباً و هو في عقر الدار! فيجد ملاذاً له في الخارج المتواسع المدار، ثم قد يمضي في تيه عام يقوده الى رفقة الارهاب و عصبة الأشرار!
و في هكذا وَضعٍ، و بجوٍ مثل هذا، فإذا ما زيد عليه بالتمادي في الانجاب و الافراط في النسل، فأنىّ للطفل ان يلحقَ على قدر لائق من الرعاية الحقة و المريحة، ناهيك عن لمّ الشمل في جوٍ من الحبور و السعادة و المحبة و الحنان؛ محمياً -و لو حتى في اوقات رمضان، من رفاق السوء و دعاة العنف و البغض و ممارسي الارهاب و العنفوان!؟
عميدسابق بجامعةالبترول
فكيف يحدث هذا الحدث الجلل، و هذه المرة على مستوى عائلة الواحد منا في بيته، و بين اهله و بنيه؟
ثم تجدنا بعد كل هذا و ذلك و ذاك نمضي معصوبي الرأس و الأذنين و العينين، مرددين ما تلاوكناه من اعذار، و لا نزال و في تكرار مدرار، فنربت على اكتافنا و كأنّ لا حاجة لنا للنظر في وضع الشباب المتأزم يوماً بعد ليل، و جلـّهم لا يجد ملجأ الاّ في انواع المسكنات و بما يساهم في الهروب؛ و ذلك مع قلة الترويح و لو حتى لساعة من نهار، و لو في فعاليات مرحٍ على سواحل البحار، او في تسلية مسبغة في بر القفار؛ أو تنظيم 'أوپريت' في ساعة من نهار.
فلقد اختصرنا مـُتع الحياة و انواع التسلية في الأكل و في الباذخ من الولائم (و جـُلـّها مآله الى براميل القمائم)؛ او في اقامة حفل زفاف قد تتبعه حفلات (جراء الطلاق، 70%+)، فمعاودة المزواجيات في أنواع من المسيارات؛ ثم ربما في السفرات الغادقة غرباً او الربوع الفسيحة المفسوحة شرقاً.. ثم شرقا.
بينما يبقى الضغط المكبوت؛ و معه تضاؤل فرص اللهو البريء، ناهيك توفير الدفء في البيت ذاته، حيث يتكاثر و يتزاحم الانجاب، بما يحد و يضائل من فرص التلاقي الفردي بخاصة، و الجماعي بعامة، للتحسس التنادمي المباشر او لتلمّس المشاعر.
و كذلك هو الحال في ثلث يوم الطفل و المراهق بالمدرسة، في فصل مزحوم و معلم مأزوم و في ظروف لا يقوى على توفير فرص التجاوب مع سؤال، ناهيك عن التفاعل اللفظي و الشخصي الفعال!
و بينما نجد الحياة بعامة رتيبة غدوَّاً و رواحاً؛ و معبكة بأنواع الشدة و الرهبة و الترهيب؛ و ضامرة في الحنو و الحميمية و الترغيب.
و في نفس الوقت، و فيما يخص غير الشباب، و في حال الأبوين ذاتهم.. فإن 'ضغوطات' الـ24 ساعة(لاحظ فضلاً 'جمع.الجمع' هنا!!) على مدار اليوم، تجعل الأم و الأب..في شغل مشغول و ربما شاغل، في البحث عن كل 'ترفيه' ممكن او متاح، و نحو حلقات القيل و الأقوال و كذلك متواصل الاخبار و دردشائيات الجوال؛ ثم يسعون بشغف لتكملة 'السيرة' في امسيات إلى اطول فترة ممكنة من الوقت المتاح.. إلى سجى الليل، و احياناً حتى تباشير الصباح. و قد نجد الأب في ديوانيته.. أحيانا ليلياً و على مدار الأسبوع؛ و الأم كذلك؛ و كلٌ في فـَلــَكه يسرح!
بينما في كثير من الاحيان، نجد الاطفال في رعاية الأجنبيات، في كنف الشغالة و المربية ايضاً. و ذلك عند شغالة واحدة، كحد ادنى؛ الى شغالتين في عوائل الطبقة المتوسطة؛ الى ثلاث (و معهن ممرضة على البيعة!) في العائلات الأغنى.
و بذلك يجد كل من الوالدين مجالاً لقضاء اوقات السهرة و الترفيه الدسم و المعبك، ليلة بعد ليلة: و: 'فين السهرة الليلة'؟؛ و اين 'نأكلُ' هذا المساء؟'(!)
بينما يُسلّي الوالدُ و الوالدة نفسيهما بأنهما 'ما قصّرا' مع اولادهما في شيئ: فإن الحليب و معه الحفاظات في وفرة، و بالكرتون؛ و كذلك بقية (متطلبات) الدار.
و كذلك -و لكيلا لا ننسى- فينوهان و يصرّحان من حين لآخر بأنهما قد سجّلا اطفالهما في مدارس خاصة (.. 'تدرِّس اللغة الانگليزية، بل و الفرنسية، منذ السنين الأولى!)! فماذا بعدُ يبغون؟ و ماذا يا تُرى بعد كل هذا سيحتاجون؟'(!)
بينما ينسون أو يغفلون عن تقصيراتهم فيما هو (أهم): توفير الوقت و التواجد المأنوس الحنون ..على مدار العام؛ و ليس فقط، و ربما، في فترات.. مثل موسم 'الاختبارات'، او في مناسبات متناثرات ..او نادرات.
و بعد، و بالنسبة لعموم الأطفال، فيحسن النظر اليهم بنظرة كثيبة و حثيثة و حريصة خلال سيرورة حياتهم اليومية؛ و اليقظة بحرص نحو امكانات الضعف و احتمالات الخلل و الضياع ..و هي عديدة، خارج البيت و داخله! و حتى لا ينشأ ناشء الفتيان فينا على كفاف التواصل و جفاف الاتصال. و إنه، و كما هو معلوم عند الوالدين المسؤولين:-
فليس اليتيمُ من انتهى ابواهُ من همِّ الحياة و خلـّـفاهُ ذليلا ×
إنَّ اليتيمَ هو الذي تــَلقىَ له أمّاً تخلـّت او أباً مشغولا !
و يحسن أن يأتي فحص و تفقد اوضاع و حالات الطفل في متنوع الأحوال، و دون انتظار حادث من خلل، و لا تعليق ظرف ما تلقائياً بحادث ارهابي حصل.
و إن من الضروري مراجعة كافة الأسباب الاجتماعية و النفسية و البيئية و المرافقية و الترفيهية، و تسليط الضوء عليها و ابرازها؛ و التوجه بجد و واقعية في التعامل معها.
و مع ندرة البهجة و 'البهجوان' في الحياة العامة، و مساحات و مواقع الترفيه العام و الترويح البريء: السينما، و الموسيقى، و المسارح.. الخ في الفضاء العام خارج البيت؛ و مع انشغال الوالدين -كليهما- عن اطفالهما داخل البيت.. فكيفّ لنا و المجتمع بتنشئة سوية و متوازنة للطفل منذ الرضاعة الى سني اليفاعة؛ و انىّ له إلاّ ان يكون غريباً و هو في عقر الدار! فيجد ملاذاً له في الخارج المتواسع المدار، ثم قد يمضي في تيه عام يقوده الى رفقة الارهاب و عصبة الأشرار!
و في هكذا وَضعٍ، و بجوٍ مثل هذا، فإذا ما زيد عليه بالتمادي في الانجاب و الافراط في النسل، فأنىّ للطفل ان يلحقَ على قدر لائق من الرعاية الحقة و المريحة، ناهيك عن لمّ الشمل في جوٍ من الحبور و السعادة و المحبة و الحنان؛ محمياً -و لو حتى في اوقات رمضان، من رفاق السوء و دعاة العنف و البغض و ممارسي الارهاب و العنفوان!؟
عميدسابق بجامعةالبترول