المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الأحد 24 نوفمبر 2024

شهر امتلاء البطون

ها هو رمضان قد أقبل عليك بوجهه المشرق؛ ليطالع الأمة الإسلامية، فتستيقظ القلوب وتنتبه المشاعر ويهتف في كل قلب مسلم بصوت الحق: يا باغي الشر أقصر ويا باغي الخير أقبل، ماذا أعددنا لك يا رمضان؟ تساؤل يدور في خواطرنا، ماذا يعني لنا هذا الشهر؟ إنه شهر العبادة شهر الانتصارات شهر الانطلاقة شهر الوحي والتنزيل، شهر أوله رحمة وآخره عتق من النار.

ولكن من تأمل حالنا اليوم مع شهر رمضان واستقباله تصبيه الدهشة ويغلبه الحزن، أدرون بماذا نستقبل شهر الفضائل؟ نستقبل هذا الشهر الاستعداد للأكل والشراب، فنشاهد المحلات التجارية، وقد امتلأت بكل ما لذ وطاب من المأكولات والمشروبات، وكأنه شهر امتلاء البطون، فنجد التفنن في صنوف الأكل وتقديمها؛ فنجد سفر الطعام، وقد امتلأت بما لذ وطاب من المأكولات والمشروبات؛ متجاهلين هدي الرسول - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الوارد في قوله: "ما*ملأ*آدميٌّ*وعاءً*شرًّا*من*بطنٍ، بحسبِ*ابنِ*آدمَ*أكلاتٍ*يُقمنَ*صُلبَهُ،*فإن كان*لا*محالةَ؛ فثلُث*لطعامِه،*وثُلُثٌ*لشرابِه*وثُلُثٌ*لنفَسِه"[1]، كان هديه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في رمضان كما أخبر سلمان بن عامر رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإنه بركة فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طهور"[2].

وهذا أنس رضي اللَّه عنه خادم رسول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يحدثنا عن فطور الرسول - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيقول :"كان النبي يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم تكن رطبات فعلى تمرات، فإن لم يكن حسا حسوات من الماء"[3]، ومن مفهوم ذلك يتضح أنه يشير إلى قلة الطعام في الإفطار، كما أن كثرة الطعام في الإفطار تسبب الداء، كما قال حكيم العرب الحارث بن كلدة، الحمية رأس الدواء والمعدة بيت الداء، ولا شك أن الصوم يساعد الجسم على التخلص من المواد الزائدة في الجسم التي تتحول في تراكمها في البدن إلى سموم ضارة، تؤذي الجسم وتفتق بالبدن، وهذه من فوائد الصوم.

ولكن وللأسف الشديد، نجد الناس في زماننا هذا يأكلون في رمضان أكثر من الشهور الأخرى؛ حيث نجد في باقي السنة أن الوجبات محددة، وصنف واحد أو صنفين، عكس رمضان الذي تمتلئ فيه أصناف الطعام، مما تشتهي النفس وتلذ به، لذا لا بد علينا أيها الإخوة أن نعيد حساباتنا مع هذا الشهر الكريم؛ لنتعلم منه الصبر على آلام الجوع والعطش، فتتحرك في نفوسنا العطف على الفقراء والمساكين،

[1] رواه الترمذي في سننه، برقم (2380).

[2] رواه ابن حجر العسقلاني في تخريج مشكاة المصابيح، برقم (2/332).

[3] رواه أبو داود في سننه، برقم (2356)، وابن حزم في المحلى، برقم (7/31).

بواسطة :
 0  0  7.6K