المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الخميس 26 ديسمبر 2024

رجال كان لهم الفضل بعد الله في مسيرة التعليم بالعلا*

تقاس نهضة الامم وحضاراتها بالتعليم . والعلا تلك المدينة الحالمة التي تحتظنها الجبال الجميلة الحمراء الجميلة والتى عرفت بها كعروس الجبال والتي اطلق عليها ذلك الاسم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ايده الله في اول زياره له للعلا عندما كان اميرا للرياض.

والتعليم في العلا قديم قدم التاريخ نفسة. فقد اهتم اهل العلا بالعلم وعرفوا به وكان احد اهم صفات اهل العلا انهم متعلمين وقد ساهم تعليمهم في حفظ وتدوين الانساب وفي تطوير الخط العربي وعلم ودارسة الفلك وقد نعرج على التفاصيل في مقالات قادمة ان شاء الله تعالى. وقد خرجت العلا الكثير من ابنائها المتعلمين والذين ساهموا بنشر العلم بالمملكة العربية السعودية منذو تاسيسها في عهد المؤسس جلالة الملك عبد العزيز رحمه الله واعتلى ابنائها اعلى المناصب بالدولة والرتب العسكرية وكان ولا يزال لهم باع طويل في خدمة الدولة ايدها الله في مختلف المجالات والتخصصات.

وفي هذا المقال ساتتطرق لسيرة عطرة لاحد رواد التعليم في محافظة العلا والذي كان لع الفضل بعد الله بتوطيد التعليم وترسيمه في العلا بعدما كان تعليما بدائيا .. وسنحدثكم باختصار عنه. الا وهو فضيلة الشيخ الفاضل القدير والمربي الناجح الشيخ محمد عبدالرحمن عتيق الصخري وهو الشيخ الذي شارك وحمل هموم التعليم بالعلا جعل من الصبر زاد ومن التحدي شعاراً تحمل المسؤوليه وكان أهلاً لها فسار بمراكب أمنه في أمواج متلاطمة حتى أوصلها إلى بر الأمان علم وصنع صابر وصبر تعلموا منه الوفاء والبذل والعطاء عرفوه كباراً وصغاراً صنع أجيالاً وبنأ عقولاً وشيد معارف وعلوم . رجل مخلص وقائد مبدع كرم من نقش أسمه على صفحات القلوب وطبع ذكره في سجل الذكريات . يسعدني ويسرني أن أكتب نبذه عن حياه رجل معلم ومربي فاضل ولستُ في مستوى من يكتب عن هذا الرجل فكثير هم الرجال الذين يعتذرون عن كتابة التاريخ وخاصة التراجم للمشاهير في المجتمع على صفه العموم وعلماء الدين والمدرسين على وجه الخصوص ولكن للتاريخ ولحفظ الفضل وإرجاعه إلى أهله فهذه صورة من حياه الشيخ الإمام الفاضل المدرس المربي الأب الحنون القدوة الحسنه صاحب الحياة المليئة بالمثابرة والاجتهاد والصبر على العلم . وهو الشيخ الإمام الصالح ومرجع لأهل العــــــلا خاصة وغيرها في الفتوى والعلــــم ولد في العــــلا عام 1312هــ وترعرع فيها وشب وكبر ولم يخرج منها إلا نادرا للحج والعمرة وطلب العلم . نشأ رحمه الله مع والديه في مرابع العلا في بيئة عطرة بأنفاس العلم والهدى والصلاح بعيدة كل البعد عن مظاهر الدنيا ومفاتنها .فعاش الشيخ حياه مثل أقرانه في تلك الفترة إذ لم يكن هناك حضارة تعرف ولا مدارس تفتح إنما حياة بسيطة فلم تكن حياته الرفاهية .ففي هذه البيئة نشأ رحمه الله ولاشك ولا ريب أن القرآن الكريم كان ولا يزال ولله الحمد هو النور الذي يضيء حياته وهو عنوان الفوز والصلاح . فحفظ بعض أجزاءه فوعاه وأتقن سوره وآياته ثم ابتدأ في طلب العلم على يد العلماء بجد وجلد وطول نفس وصبر . تلقى الشيخ تعليمه على ثلاث مراحل كما يلي : المرحلة الأولى تعلم الشيخ القراءة والكتابة من بعض العلماء في العلا ثم درس القرآن الكريم والحديث الشريف على يد والده الشيخ عبد الرحمن بن عتيق رحمه الله حيث كان يجيد القراءة والكتابة ويقرأ القرآن الكريم فتعلم أو تلقى شيخنا محمد القرآن

من والده رحمهما الله تعالى . المرحلة الثانيـة فقد شرع في طلب العلم فقرأ على يد الكثير من العلماء ولكن الأبرز منهم هو الشيخ محمد الأمين المختار الشنقيطي رحمه الله الإمام المعروف وصاحب كتب يعرفها الكثير من طلبة العلم والشيخ البركاتي وغيرهم كثر . فدرس القرآن الكريم والسنة النبوية ومذهب الإمام مالك حيث كان ذلك هو المذهب السائد بين الناس في تلك الفترة . المرحلة الثالثـة هو التعليم الذاتي حيث أنكب الشيخ محمد على الدراسة الذاتية من خلال القراءة في الكتب الدينية والتاريخية والعربية والأدبية وعلم الفلك مما أعطاه تكوين علمي كبير فأستحق بذلك أن يكون عالم وإمام وشيخ في بلدتة وأكسبه محبة الناس على مختلف درجاتهم وأفكارهم وعقلياتهم . صفاته الشدة والحزم واللطف والحلم تلك أربع خصال وأكثر وهبها الله للشيخ محمد رحمه الله .فقد كان شديد الشخصية مهاب لدى الجميع حازم في الأمور كلها لا يخاف ولا يلومه في الله لومة لائم ومع ذلك كان حليماً عطوفاً محب للخير مشفقاً على الأرامل والمساكين مبدأه المساواة بين الناس جميعاً .كانت له دراية تامة وإطلاع واسع على العلوم الشرعية ومحبته لطلبة العلم والاعتناء بهم مع حسن الأخلاق وكريم الشمائل وطيب التعلم والتدريس .فبرع رحمه الله في العلوم الشرعية لاسيما في علم الحديث والفقه والتجويد ومما يتميز به الشيخ رحمه الله الهيبة وقد حدثني كثير من طلابه وطلبة العلم أن للشيخ هيبة فيها عزة العلماء مع عظيم مكانتهم وكبير منزلهم . وهذه الهيبة قذفها الله في قلوب الناس , وهي تتم من محبةً وإجلالاً وتقديراً له لا من خوف وهلع وجب معه بل أن الشيخ قد فرض احترامه على الناس بجميل شمائله وكريم أخلاقه . مما جعلهم يهابونه حياءً منه ويقدرونه في أنفسهم أشد التقدير ومع هذه المكانة العظيمة والهيبة فانه آيةً في التواضع وحسن المعاشرة وعلو الهمة وصدق العزيمة مع عزة في النفس وإباء في الطبع بعيداً عن التكلف المذموم .ومما يتميز رحمه الله ملكة الحفظ وسرعة البديهة واستحضار مسائل العلم بفهم واسع ووفره في العلم وشدة في الذكاء وغزارة في المادة العلمية . إن نعمه الحفظ وقوه الذاكرة هما من الأسباب القوية – بعد توفيق الله عز وجل – على تمكنه من طلبه للعلم وازدياد ثروته العلمية . بعد أن كبر الشيخ محمد وأصبح رجل علم عاد إلى العلا لينشر التعليم وليفتح المدرسة

لم تكن تعرف العلا ولا غيرها من البلاد كلمة المدرسة الأهلية ولكن أعمال الكتاتيب المنتشرة في البلاد في تلك الفترة كانت تحل محل المدارس الأهلية اليوم . وفي البداية لم يكن للشيخ راتباً ولا هبة ولا عطا حيال ما يقوم به من أعمال بل كان يحتسب كل ذلك عند الله عز وجل . ومع تقدم الدراسة وتطورها في تلك الفترة أجتمع بعض من أهالي العلا لإقرار مرتب أو هبة للشيخ لقاء ما يقدمه من خدمات جليلة في مجال العلم ولكون الأهالي لا يملكون أمور مادية فقد قرروا أن يقدم الطالب في نهاية العام الدراسي أو الختمه القرآنية بعض من الأطعمة التي كانت موجودة في تلك الفترة للشيخ كأجرة مشكورة مقرونة بالعرفان والتقدير والذي لا يستطيع تقديم أطعمة يقدم أعمال خدمة للشيخ كتنظيف منزل الشيخ أو العمل في بستان الشيخ من سقي وتنظيف وغيره .

ولما جاءت الحكومة السعودية وجاء الخير مع مقدم الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود رحمه الله إنتشر التعليم وكان هدفاً أساسياً للحكومة بأن تنشر التعليم في أرجاء المملكة للقضاء على الأمية والجهل ففتحت المدارس وكان من ضمن تلك المدارس مدرسة العلا . في عام 1349هــ فتحت أول مدرسة حكومية في العلا وعرفت بإسم المدرسة السعودية وكانت تحمل اسم المدرسة الاميرية ومع مرور الزمن أصبح إسم هذه المدرسة في وقتنا الحاضر مدرسة عبد الرحمن بن عوف . وعندما فتحت المدرسة عين الشيخ السيد بيومي مديراً لها ومعه مجموعة من المدرسين من أبناء العلا من ضمنهم شيخنا الشيخ محمد العتيق ثم عين الشيخ معاوناً للسيد بيومي أي وكيل للمدرسة ثم نقل السيد بيومي فألت إدارة المدرسة للشيخ محمد العتيق رحمه الله . استمر الشيخ محمد مديراً للمدرسة ومدرساً في بعض الأحيان حتى أحيل إلى التقاعد في عام 1383هــ واستلم منه مساعده الأستاذ عبد السلام عتيق العتيق . تطور التعليم وتطورت المدارس فمن الإبتدائية إلى المتوسطة التي فتحت في عهد الشيخ محمد فأصبح مديراً لمدرسة عبد الرحمن بن عوف

ومتوسطة موسى بن نصير . الأعمال التي قام بها الشيخ محمد رحمه الله عمل رحمه الله بكثير من الأعمال نذكرها كما يلي : مدرساً ومديراً كما ذكرنا سابقاً إضافة إلى ذلك قام رحمه الله بعده أعمال منها مأذون شرعي لعقد الأنكحة في العلا فقد صدر أمر قاضي العلا الشيخ محمد الحركان رحمه الله ثم الشيخ عطى رحمه الله بأن يكون الشيخ محمد العتيق عاقد للأنكحة والفصل لها . أيضا من الأعمال التي قام بها إمام للمسجد وخطيباً للجمعة فقد أم الشيخ رحمه الله أكثر من مسجد في العلا وكان آخرها مسجد الجديدة حيث توفى رحمه الله وهو إمام للمسجد أما الخطبة فقد كان رجلاً أعطي البلاغة في الخطبة وجهرية الصوت والأدب في الكلام والمخاطبة الحسنى وكان خطيباً للعيدين والاستسقاء . والشيخ فصيح في اللغة العربية وتبرز فصاحته في محادثته وخطبه وكلماته فهو ذو بيان مشرق ونبرات مؤثرة حزينة وأداء لغوي جميل ويميل دائما إلى الأسلوب النافع فتجده رحمه الله من أكثر الناس بعداً عن التعقيد والتنطع في الكلام والتشدق في اللفظ والمعنى والتكلف والتمتمة بل هو سهل العبارة عذب الأسلوب تتسم عبارته وكتاباته بالإيجاز والإحكام والبيان . ومن المألوف حقاً – في عالم الإسلام – أن الذين يحرمون بصرهم من أهل العلم يمتازون بالفصاحة في الألفاظ والمعاني وقوه الخطابة وإتقانها . الجــوائز منح الشيخ جائزة الدولة التقديرية من الدرجة الثالثة لميدالية الاستحقاق في عام 1400هــ في حفل كبير بحضور صاحب السمو الملكي الأمير عبدا لمحسن بن عبد ا لعزيز أمير منظفة المدينة المنورة رحمه الله نيابة عن الملك خالد رحمه الله .

وفـاتـه توفى الشيخ محمد رحمه الله صباح الجمعة 3 /11/1403هــ وانزعج أحبابه لموته وحزنوا عليه حزناً شديداً وصلوا عليه ظهر يوم الجمعة في جامع الجمعة بالبلدة القديمة بالديره في مدينة العلا.وبعد فراغهم من الصلاة عليه خرجوا به إلى المقبرة وكان الجمع عظيماً والزحام شديداً للمشاركة في دفن علم من أعلام العلم والدين مخلفا الكثير من العلم والكتابات ومخلفا اثنان من الأبناء هما عبد الرحمن وأحمد . رحمه الله رحمةً واسعة وأدخله فسيح جناتــــه والحمد لله رب العالمين أولاً وأخراً . رثــــاءه رثاه الشاعر العميد سليمان بن احمد المطلق رحمه الله بقصيده ذكر فيها الكثير من شخصية عالما وهى …

ســقاك يـا قبر الإمام غمام **** وعليك مناع من المروج رهام أن كنت تدري قد حويت مبجـلا **** ً أنـا تـجـود بمثـلـه الأيــام أفــنـى الحيـاة بعــلمـه متفضلا **** شيـخ لـه كـل القلـوب مقـام متعلـم ومعلـم حـتى غـــــــدا **** في قمـة المجـد الرفيـع سنـام من أول الـرواد ســـاع دائــب **** لا ينثنـي قـي عزمـه وهمـام ومكافحً لعق المرار وما انحنت **** يوما ً لزخرفة الحياة الهـام شيخ المشايخ حين يأتي مقبلا **** صمتوا وهم بين الأنام كرام عرفوا له الفضل العميم لعلمـه **** وبـه عليهـم تُفصـل الأحكـام أعطى المهابة والفخامة والحجى **** وهـوالـذي بتواضع بـسام وعليه سيما العلم نورٌ مشرقٌ **** وعليه من كـل الفنون وسـام للفقه والتوحيد خير ُ معـلم **** ومفسر ومحدث ومصحح وإمام ومـدرس ومـهـذب ومــــــؤدب **** يلقـى الـدروس كأنهـا إلهـام وعلى المنبـر لا يشق غـباره **** فهـو الخطيـب وبالهـدى قـوام ومقامه المحراب حيـن صلاتـه **** فـإذا يقـوم فالصفـوف تـقـام وإذا تحـدث تستبيـك بـلاغـــــــة **** وفصاحـة ومنـاهـج وكــلام وهو البداية فـي نـوادي قومـه **** وبـه مجالسهـم يكـون خـتـام علم هوى فهوت عليه قلوبنا **** والدمع صارمن المصاب سجام وغدت عليـه نفوسنـا مكروبــه **** وبـكل جـارحــــــــة بـنـا آلام والله لــولا سـنـة محتـومـــة **** فينـا بمـوت مافجـأه ُ رحــــمـام إنـا نـودع كـل يـوم عالمـــــا ً **** افيـا تـرى تستعجـل الأعــــلام يا ابن عتيق قد أقـول قصائـــدا ً **** أمـا مقيـك لتعجـز الأقـــــلام مضت السنون وأنت فيهاصامدا **** حتى أطاعـت صبرك الأيـــام إلا المنـون فقـد ألان قناتـهـا **** تلـك العزيمـة والـردى هـــــــزام قد عشت للتعليـم تنشـر هدية ً **** كنت الرئيس وللأمور زمـــــام حتى ارتوت من بحرعلمك أكبدا **** وتنورت من علمك الأفـــــهام والمال عنـدك ليـس إلا زائـل ٌ**** وزخارف الدنيا لديـك حطـــــــام يا شيخ نم في الخلد إنـك أهلـــه **** والله إنــك صـائـم قـــــــــوام فلأنت حي فـي القلـوب مكــــرم **** وعطـاء ربـك كـلـه إنـــــــعام وعليك من رب البرية رحمة **** وعليك من شعب النعام ســـــلام

الجدير بالذكر ان الشيخ رحمه الله حصل على ميدالية الاستحقاق والعديد من شهادات الشكر والثناء من الكثر من المسؤلين في الدولة شكرا وعرفانا لما بذله رحمه الله.

وفي الختام اسال الله العلى القدير ان يجعل الفردوس منزله وان يجزاه عنا وعن اهل العلا والمسلمين خير الجزاء وان يضاعف له الاجر والمثوبة وان يكتبه من خيار الامة الذين تعلموا القرآن وعلموه ونشروا العلم وثبتوه في قلوب المتعلمين وعلى نشره للعلم في اوساط الجزيرة العربية. وبارك الله في ابنائه واحفاده وتلاميذه. رحم الله شيخنا واستاذنا . وادام الله علينا وعلى مملكتنا الحبيبة نعمة الامن والايمان والعلم والصحة. وجعلها منارا للعالم يقتدى ويهتدى بها في ظل حكومتنا الرشيده ايدها الله . واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على مرشد المعلمين والهادي الى سواء السبيل وطريق الحق المبين وعلى آله وصحبة وسلم اجمعين.

اديب وكاتب .. مكة المكرمة

بواسطة :
 0  0  10.8K