المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الأحد 24 نوفمبر 2024

لا يدخل الجنة مَن لا يأمن جاره بوائقه

بقلم- وسيلة الحلبي

الانسان ابن بيئته ودائما يقال في الأمثال ابحث عن الجار قبل الدار، وهكذا علمونا آباؤنا أيضا فالكون بأكمله جيرة وجيران، فإذا نظرنا يمينا ويسارا نجد بيتا لجار، فالإنسان لا يعيش وحده، بل يعيش في مجتمع ينعطف إليه ويتعايش معه، فعندما أوصى جبريل عليه السلام بالجار لم يحدد نوعه وجنسه ودينه، ولم يحدد ديننا الحنيف مواصفات وشروط للجار لذا فالفضل يجب أن يعم جميع الجيران. من أجل العيش بوئام. والمقولة المعروفة الجار قبل الدار.. هي مقولة شائعة بين الناس، وعلى قدر الجار يكون ثمن الدار، والجار الصالح يعتبر من أنواع من السعادة بل وصل الأمر إلى درجة جعل فيها الدين الإسلامي محبة الخير للجيران من الإيمان، قال صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لجاره ما يحب لنفسه ". والذي يحسن إلى جاره هو خير الناس عند الله. "خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره". وقد جعل الله حاجة الناس إلى بعضهم البعض حتى يأتي التعاون بصورة فطرية بينهما، وهنا يظل الترابط كما قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا}. ولم يقل لتتناقضوا أو لتتحاربوا أو لتتباغضوا، فالمغزى من التنوع هو التعارف والتقارب، وأن يحسن بعضنا إلى بعض، ويقضي بعضنا حاجة بعض. ويجب علينا الموازنة في الجيرة بين المحافظة على الخصوصية والتواصل الاجتماعي؟ بحيث لا يؤذي الجار جاره، بل يجب أن يكون معاونا له على الاستقامة، وإن ظهر فيه عيب يخفيه ويعالجه بالحكمة وكأن الجيران جسدا واحدا. ولديننا الإسلامي منهجا في بيان حقوق وواجبات الجار قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} فالتعاون، والنصيحة الطيبة، والعون والمحبة سر الإحسان في معاملة الجيران لأن الحب للجار ناشئ من الحب لله ويجب أن يكون الجار حريصا على جاره، أمينا على مصالحه، ودودا لا يسيء إليه أبدا. وفي الوقت نفسه يكون على دراية بضرورياته ، عونا له إذا احتاج إلى المساندة ، أي يجعل بينه وبين جاره رباطا أساسه التعاون ، فالله عز وجل قال في كتابه العزيز "وَاعْبُدُوا اللهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى" فقد أوصى ديننا الإسلامي بأن يكون الجار موطن رعاية كاملة للإنسان وحبا وتقديرا ورعاية لمصالحه و يتضح هذا من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه "ولو تذكر الإنسان عقائد دينه ، وأنه من التراب وإلى التراب ، وكلنا من نسب آدم ، وساعة الموت مباغتة ، سيحسن علاقته مع الله ، ويرحم جيرانه ويعامل الناس جمعيا بخلق حسن . ويظن بعض الناس أن الجار هو فقط من جاوره في السكن، ولا شك أن هذه الصورة هي واحدة من أعظم صور الجوار ولكن هناك صورًا أخرى تدخل في مفهوم الجوار فهناك الجار في العمل، والسوق، والمزرعة وغير ذلك من صور الجوار، وللجار حقوق كثيرة، أهمها: رد السلام وإجابة الدعوة لما لها من آثار طيبة في إشاعة روح الألفة والمودة. كف الأذى عنه، فقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من أذية الجار أشد التحذير وتنوعت أساليبه في ذلك قال صلى الله عليه وسلم: " والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن. قيل: مَنْ يا رسول الله؟ قال: مَن لا يأمن جاره بوائقه. لذا فإن تحمل أذى الجار من شيم الكرام ذوي المروءات والهمم العالية، إذ يستطيع كثير من الناس أن يكف أذاه عن الآخرين، لكن أن يتحمل أذاهم صابرًا محتسبًا فهذه درجة عالية من الأخلاق قال تعالى " ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ" وقيل: ليس حُسْنُ الجوار كفّ الأذى، حسن الجوار الصبر على الأذى ومن حقوقه أيضا تفقده وقضاء حوائجه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما آمن بي من بات شبعانًا وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم". وإن الصالحين كانوا يتفقدون جيرانهم ويسعون في قضاء حوائجهم، فقد كانت الهدية تأتي الرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيبعث بها إلى جاره، ويبعث بها الجار إلى جار آخر، وهكذا تدور على أكثر من عشرة دور حتى ترجع إلى الأول. ومن الحقوق أيضا ستره وصيانة عرضه، فبحكم الجوار قد يطَّلع الجار على بعض أمور جاره فينبغي أن يوطن نفسه على ستر جاره مستحضرًا أنه إن فعل ذلك ستره الله في الدنيا والآخرة، يقول أحدهم: ما ضـر جاري إذ أجاوره……………. ألا يـكــون لبـيـته ســــتـر أعمى إذا ما جارتي خرجت …………… حتى يواري جارتي الخدر عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال] من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره أما مظاهر التقصير مع الجيران فقد باتت كثيرة جدا منها: مضايقة الجار: كإيقاف السيارة أمام بابه ووضع القمامة أمام بابه وغيرها تصرفات لا حصر لها واحتقار الجار والسخرية منه كأن يسخر منه لفقره أو لجهله أو أصله وقبيلته أو السخرية بملبسه أو أولاده ونحو ذلك. وكشف أسرار الجار فمن المعلوم أن الجار أقرب الناس إلى جاره وهو أعرفهم غالبا بأسراره فمن اللؤم كشف السر وإشاعة أخباره للناس وكثرة الخصومة بين الجيران حيث نجد بعض الجيران كثير المشاكل مع الجيران والتشاجر معهم وكثير ما تكون الأسباب تافهة قلة الوفاء للجار بعد الرحيل فمن الناس من ينسى جيرانه بعد أن يرحل عنهم أو العكس. ومن المروءة أن تكون وفيا لجارك، ويدخل في ذلك ذكرهم بالخير والثناء عليهم. وبعـــــــد إن سعادة المجتمع وترابطه وشيوع المحبة بين أبنائه لا تتم إلا بالقيام بهذه الحقوق وغيرها مما جاءت به الشريعة، وإن واقع كثير من الناس ليشهد بقصور شديد في هذا الجانب حتى إن الجار قد لا يعرف اسم جاره الملاصق له في السكن، وحتى إن بعضهم ليغصب حق جاره، وجميعنا يعرف أن للجار حقوق كثيرة على جاره مع المدنية وتغيير عاداتنا الاجتماعية. وقديماً قالوا الجار وإن جار فما أجمل من أن نمد أيادينا إلى جيراننا مصافحين متعاهدين على الأخوة والوفاء ما عشنا.

*عضو الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين *عضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب

بواسطة :
 16  0  12.4K