من يوقف الثيران حتى لاتنجب حسلان
لما أنزل الله تعالى الخير لك ولغيرك من الناس وبسطه في الارض ، لم يدع لك أنت وأشكالك حرية التصرف فيه على كيفكم وبهواكم ، لا ياحبيبي *، *بل أمر سبحانه ، أن تراعوا هذه النعم وتعطوها حقها *، وتبتعدوا عن الحساله والثواره *، *ما تعثى في الارض فساداً ، وتلعب وتتلف المقدرات والخيرات التي أمتن علينا بها الله سبحانه *، الا تعلم إن نتيجة هذا الفساد خراب ديار ، بل وإنها مما ذكره الله تعالى *في وصف المنافقين ، قال تعالى : وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الارض قالوا إنما نحن مصلحون .. ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون .
وكذلك شنعه الاسلام وجعل الله عقوبته على أصحابه بعدم إصلاح عملهم فقال : إن الله لايصلح عمل المفسدين ..
كما أن الله نهى عن الفساد في مواضع *من كتابه . فقال : ولا تفسدوا في الارض بعد إصلاحها ..
صحصح واترك عنك الحساله *. لا تغضب وتثور، *فلست انت الوحيد.. فكل ثوراً تراه اليوم ، كان حسيلاً مثلك بالامس .. ولكن دعني اهمس في إذنك ..لعلى وعسى .. الإسلام قرر مبدأ وأرسى *قواعد نسير عليها، وأوجب على كل مسلم في بلده ووطنه أن يسعى جاهدا ويحث نفسه وغيره ، الحفاظ على خيرات ومقدرات بلده ، التي وهبها الله وسخرها وجعلها منافع للناس ، *وجعله من التواصي بالحق والخير ، وتطبيق لما جاء به الشارع الحنيف من حفظ الضرورات الخمس الدين والنفس والعقل والنسل والمال. . الله يخليك أنصت لما أقول حتى لا تكن سبباً في طيران فروة راسي ، وافقد أعصابي ، ويجن جنوني وحتى لا أقول لك افهم ياثور .. فأنت لاتزال حسيلاً.
إن الحفاظ على مكتسبات الوطن من حفظ المال الذي جعل أمانة عندنا فلا نضيعه ولا نهدره.
كما أن الحفاظ على مكتسبات الوطن من اتباع سبيل الإصلاح يقول الله تعالى: وأصلح ولا تتبع سبيلَ المفسدين .. إن الحفاظ على مكتسبات الوطن ما هو إلا جزء من معنى الإصلاح الكبير الذي لا يقتصر على شيء بعينه لكل ما فيه تخريب ، فإن إصلاحه داخل في هذا المعنى ، وما هذه الآية إلا جزء من وصية موسى لأخيه هارون ، والإصلاح جاء به الأنبياء بل إن الله تعالى قد أخبر في كتابه أنه حفظ للأمم وأمن لهم من الهلاك فقال: وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون*فلا تكن انت وجماعتك من الحسلان والثيران آلة تخريب أو إفساد ووسيلة للإتلاف ، ومعول هدم .
إن ما نراه يمارس *منكم على بعض المرافق العامة من تكسير أو تخريب أو توسيخ لها وعدم الحفاظ على ما تحتويه تلك المرافق من مزروعات أو وسائل للتسلية أو حتى دورات المياة والتي لم تسلم الأخرى ، أمراً يجعلنا نبتهل الى الله أن يقطع نسلكم ، حتى لانرا ثوراً ينجب لنا حسيلاً ، لماذا كل هذا العبث حتى بالمرافق أو الكتب الدراسية أو المباني الحكومية ، أو حتى الإهدار للأموال في بعض المشاريع كلها صور ثوارية لم تراعي الحفاظ على مكتسبات وثروات الوطن . لماذا كل هذا (الطيش) يا ايه الحسلان ..
إنه بات لزاما علينا التصدي لكم والسعي الحثيث إلى وضع الالية والحلول التي من خلالها سنتوصل بإذن الله تعالى إلى القيام بها ، لردعكم ، ولو بالقدر اليسير الذي يرضي الضمير حتى لو بالقليل ، ووضع ادوار عدة ومن تلك الأدوار: دور الشاب في نفسه في البدء بها وإصلاحها وتعزيز الرادع الديني والوازع الديني الذي يحض على الحفاظ على الممتلكات ويحذر في نفس الوقت من إتلافها ، ونناشد الجهات والمؤسسات التعليمية أن يكن لها الدور الأكبر في التوعية بمثل هذه الأمور ، ولو إنه قد شهد هذا الدور ضعفا كبيرا مع أن المسؤولية كبيرة .
فالطالب يبقى في داخل محيط المدرسة قرابة السبع ساعات يوميا، هذا الدور الذي لو أخذ وضعه الصحيح لأثر تأثيرا كبيرا لأن طول المجالسة يورث أثرا والطلاب يمكثون وقتا طويلا في المدارس ، وكذلك على المدارس أن تحرص على تنمية الحس الاجتماعي الذي لم نرى له في المدارس سوى القليل من المظاهر رغم تعدد مظاهره وكثرتها فلا نرى منه سوى اجتماع الطلاب مع بعضهم والمجالسة بينهم والقيام ببعض الأنشطة معا ، لا ينمى هذا الحس ويفتح على جوانب أخرى خارج المدرسة تصب في صالح هذا الوطن.
*
وايضاً نناشد من تقع عليهم المسؤلية ، أهل التأثير وأهل الصلاح والتقوى الذين يؤخذ منهم القول كأئمة وخطباء المساجد أن يشيروا لهذه الأمور ولو حصل أن تم إقامة بعض الأنشطة التي توعي بعض المستثورين وترشدهم للحفاظ على مقدرات وخيرات وطنهم . ونناشد ايضاً كل أسرة فلهم الدور الأكبر والاساسي الذي لا يمكن أن ينسى أو يهمل دور المنزل(الأم ، والأب) اللذان هما ركيزتان من أعظم ركائز التربية والتعويد للأبناء.
الأم مدرسة إذا أعددتها ** أعددت شعبا طيب الأعراق
ويقول قائل العرب:
وينشأ ناشئ الفتيان فينا ** على ماكان عوّده أبوه
فهم قدوات يقلد الأبناء ما يرون منهم ، فقد ينشأ حسيلاً ويكبر ليصبح ثوراً . حيث أن بعض الأسر نرى منها ما يكتم على أنفاسنا بعد أن تقضي الأسرة وقتا سعيدا في أحد المتنزهات يقومون وقد خربوا المكان خلاف ماكان ،وماخفي أعظم . ،
وفي الختام :
من لم يتبع سبيل المحافظة والإصلاح فإن العاقبة ستكون وخيمه ، فلا نجد من يوقف الثيران حتى لاتنجب لنا حسلان .