المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الأحد 24 نوفمبر 2024

اللقافة بين القرافة والحرافة*

*

مصلح الخديدي*

*

*
نسمع كثيرًا.. أن اللقافة قرافة ، أي أن الذي يتلقّف أو يحشر نفسه في أمر لا يخصُّه ارتكب شيئا مقزَّزًا ومُقرِفًا، وهي جملة تثير غضب الملقوف الذي لا يريدُ أن يصفه الناس بصفة اللقافة رغم أنه واقعٌ فيها.. إن الفضول وإن لم نكن فضوليين نقع فيه في أكثر الأحيان، ولا عجب في ذلك، ولا غرابة في أن يتّصف به اي إنسان . والناس في اللقافة أنواع: نوعٌ وُلدَ من أجل أن يتلقَّف، كلما رأى صغيرة حشرَ فيها نفسُه، أو رأى كبيرة وضع فيها رجله.. ولا بُد في الأمرين إما أن يُنبَذ نبذ الحصى، أو تُكسر رجله… وأقصد من رجله كرامته.. إذ لا يحبّه الناس من أجل عادته المنبوذة.. أما من كانت هذه حالته فهو في حالة توهان دائمة، لا يدري ماذا يفعل، همه الأول وهاجسه الأكبر أن يرى الناس في أي حال هم؟ ماذا يفعلون؟ ماذا يلبسون؟ وماذا يأكلون ويشربون؟ الخ …ولا يسلم هذا النوع من الحسد، إذ الفضول باب من أبواب الحسد، والحسد باب لجميع الصفات الذميمة… الكذب والخداع والمراء والكبرياء.. و… و… و.. ومن حقنا أن نقول له: اللقافة قرافة . ونوعٌ لا يتلقّف إلا إذا شمَّ في الأمر مؤامرة ضدُّه ليدافع عن نفسه، وهذا النوع من اللقافة مطلوب جدا، لأن الناس أجناس، ينقسمون بين أخيار وأشرار، بين صالح وطالح، بين من يريد الخير لك ، فهم كثر ، ومن يريد أن تقع في المكروهات ، وهم قلة ، والله سبحانه وتعالى ركَّب فيك العقل لتفكر في مثل هذه الأمور والأهم منها ، أن تفرق بين الحق والباطل ، وهذا النوع من اللقافة نستطيع أن نقول لصاحبه: اللقافة حرافة ، لأنَّك بالفعل ستكشف عن المؤامرة لأنك تلقّفت وعرفت الكمين المرصد لك، فأنت حريفٌ، ولا تغضب على من يقولُ لكَ ذلك، لأنَّ هذا مدحٌ وثناء عليك.. وما سوى ذلك، هناك لقافة تزيد الحب بين الأحباب، إذ يتلقف عليك حبيبك للسؤال عن أمر غاب عنه، أو كنت بعيدا عنه وسألك، هذا يعني أنه يبدي لك إهتمامًا ويريدُ أن يطمئن عليكَ.. أنا شخصيا أُحب أن أتلقف مثل هذه اللقافة لأنها تريح الخاطر كثيرًا، وتُشعِرني بالإخلاص.. وتُسعِدُني أيضًا لأن الأحبة لا يسألون ليصلوا إلى نقاط ضعفٍ لديك، إنما يسألون عنك لأنهم يريدون أن يروك في سعادة وهناء.. وهناكَ نوعٌ من اللقافة لا أحبها إطلاقا.. كأن يسألني شخص ما عن شيء لا يمت إليه بصلة، يسألكَ دونَ هدف، هذا الشخص في رأيي يضيِّعُ وقتي وكرامته أمامي.. أشعر بإختناق وضيق الصدر والتنفس حين أقابلُ مثل هذا النوع… أهرِب منه بأسخف عذر لو حصل لي مثل هذا الموقف.. وهُناكَ أُناسٌ يتلقفون عليك بقصد أوبدون قصد ، لأنه ليست لديهم كلمات أو شيء يستطيع أن يعبر به ما في الضمير.. فتراه يصول ويجول يمنة ويسرة ، يبدو لي انه يحس بداخله نقص ، يحاول أن يشعر من حوله بوجوده ، وإنه يفهم ويدرك كل شاردة وواردة . مثل هذا النوع من البشر أَحاول أن أغير مسار تفكيره وأشد إنتباهه إلى موضوع مفيد دون أن يشعر بخطئه.. وأعلِّمه كيفية التعامل مع الآخرين بعملٍ تربوي وبلباقه ، خصوصاً بعض البشر ممن يحاول تصيد الأخطاء عن طريق قنوات التواصل الاجتماعي ، مثل الوات ساب وغيرها ، ولا أقولُ له مباشرة انه تجاوز الحدود ، وظل الطريق ، إنما بالتدرج ، امدحه وارفع من قيمته فوراً من خلال الرد عليه بكلمات جميلة وراقية ، حتى لا ادخل معه في مزايدات ومتاهات أنا في غنى عنها ، وحتى أيضاً ، لا انتقص من قدري واحترامي أمام الآخرين ، وكذلك احتراماً وتقديراً لعقول الآخرين ، بل اترك تصفية الحساب مع ذالك الملقوف لوقت لاحق يكون مناسب ، لعل وعسى أن يترك هذا النوع من اللقافة . وبإختصار ياسادتي اللقافة ليست عموما مقرفة، قد تكون في بعض الأحيان مفرحة أيضا، والكيِّسُ من علم الباطل فأبدله بحق، وعلم الخبيث فبحث عن الطيب.. كفانا الله وإياكم شر اللقافة .
بواسطة :
 0  0  39.2K