النهضة اليوسفية (٤).
*
*عندما نتحدث عن صفات القائد والمربي الفذ أجزم يقيناً أنها متواجدة بحضور راقٍ وعلميٍ بينٍ في أحسن القصص؛ وهنا أرتب تلك الصفات حسب الظهور بالقصة، و وجدت أن الترتيب بفهمي له معنى تربوي عميق . "فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ " على المربي والقائد و الدعاة الفاهمين العاملين الذين يقودون الأمة للتمكين وأستاذية العالم أن يتخلقوا بصفة الصبر، نعم ثم نعم لا بد من الصبر بل والصبر الجميل؛ صبرٌ بلا جزع ولا منة، صبر رضا واحتساب فالطريق ناح فيه نوح وصبر فيه أيوب وابيضت فيه عين يعقوب وسجن فيه يوسف وقتل فيه زكريا وأذي فيه عيسى وضرب فيه محمد، وهؤلاء هم الأصفياء الأنقياء فيا أهلنا بغزة وسوريا ومصر الصبر الصبر والحلم الحلم والنصر آتٍ ومع اكتمال صفات المربي يكتمل النصر ويأتي التمكين فمن الفرش إلى العرش، ومن المر إلى القصر ومن ضيق وتعب التربية إلى سعة ومتعة الثمرة ؛ كن كيعقوب فيرد لك يوسف ( الابن العاق - المؤسسة المنهارة -المجد التليد ....).
"فلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ" على القائد والمربي أن يتمكن ويكون له صلاحيات لكي يفكر وينفذ ومع التمكين (حُكْمًا) صفتين متلازمتين الكفاءة(وَعِلْمًا) والإتقان وما يسمى بمصطلحات العصر والإدارة الجودة (الْمُحْسِنِينَ). ثم تأتي المكانة والتأثير "مَكِينٌ"فأنت كوزير أمير مدير مشرف صاحب شركة مؤثر من منصبك ومكانتك، هي فرصة إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن"فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ" ثم الأمانة في العطاء في الأنتماء في المال في الحب في العمل وفي الرعية أياً من كانت لا تضيعوا من تعولوا من طلاب و عمال و أبناء ( كفى بالمرء إِثما أن يُضَيِّع مَن يقوتُ )). [ أخرجه مسلم ] والقوت ليس مادياً بل الأوجب المعنوي منه والنفسي . ثم تأتي صفة المبادرة لتنادي على ستيفن كوفي صاحب العادات السبع ليتعلم من يوسف " قال اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ" بادر وتحرك وطلب يوسف الإمارة لوجود (حَفِيظٌ) وفيه بلاغة معجزة الحفظ صيانة وحراسة ورعاية؛ وهي المطلوبة بموقف يوسف فهي أعلى من الأمانة هنا(عَلِيمٌ) الكفاءة والخبرة . ثم الوفاء وعدم نكران الجميل لمن سبق ولمن له الفضل ولصاحب الحق والملك "إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ" لم يكتف يوسف بالوفاء؛ بل نفى الظلم لنفسه ولغيره، لا فلاح لأي نهضة بالظلم لا فلاح لأي مؤسسة ولو بظلم عامل ولو بقرش واحد ....
وهذا النجاح لتلك المؤسسات أحياناً مع غياب التخطيط يقيناً لعدم وجود الظلم ولو كان يسيراً . سمة يغفل عنها البعض الأناقة والجمال له من قوة البيان وجميل التأثير ما الله به عليم بل اعتبر كارنيجي انه يمثل ٧٠ ٪ من قوة التأثير "مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ" يجمع بين جمال الخٓلق وروعة الخُلق فله بجماله وطيب خلقه أن يؤثر ويغير حان للورع السطحي أن يغتال، اطلب المكانة بضبط القلب وأرتدي حسن الثياب مع لين الفؤاد . مع ضيق السجن وألم الابتلاء إلا ولطف اللفظ وحلاوة اللسان وتلألأ الكلمة "يا صَاحِبَيِ السِّجْنِ " البعض يخطىء ويعتذر بحجة أنا عصبي مضغوط لن تكون متعرضاً لمثل ما تعرض له يوسف يا أصحاب الشركات والأملاك يا مدراء يا قادة يا سادة كن لطيفاً ( يا صَاحِبَيِ السِّجْنِ ) . تفاوض ولا تتصادم ؛التصادم مع غيرك صغر أم كبر، لن يأتي بخير مع الابن والزوجة والعامل احفظ ماء الوجه وأحط عليهم بجناحيك "فلمَّا اسْتَيْأَسُواْ مِنْهُ خَلَصُواْ نَجِيًّا قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُواْ أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُم مَّوْثِقًا مِّنَ اللَّهِ وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّىَ يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ" ومع الاحتكاك والابتلاءات والتمكين والسلطة هناك نفس تتغير وأخلاق تتبدل إلا الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف عليه السلام " قٓالٓ لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ" ففي عوائلنا ومؤسساتنا - هههه مسكين- من يحمل الحقد والحسد والانتقام من أخيه أو موظفه من موقف سابق أو سوء فهم أو تأويل خاطىء مخافة أن يحل محله أو يكيد له . عقلية اختراع عدو .المسكين يحطم قلبه وفكره وعمره ولا عزاء للصغار نعم لا عزاء للصغار وتباً للصغير الحقير. وللمرة المليون ليتعلم ستيفن كوفي العلامة ورفاقه بالتنمية البشرية والعادة الثانية من عادته السبع للناس الأكثر فاعلية ابدأ والنهاية في ذهنك " وٓمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِم مِّنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ اتَّقَواْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ" النهاية نجاحك دنيا وآخرة . انتظرونا بالنهضة اليوسفية (٥).