العلاقات الإجتماعية.. مالها وما عليها
بقلم ـ المستشارـ احمد محمد السعدي*
الحمد لله الذي خلق الإنسان من ذكر وأنثى، وجعل لكلٍّ دورًا في الحياة، وتكون المجتمع من هذين الصنفين الرجل والمرأة، فكانت العلاقة بينهما من أسمى العلاقات، علاقة المودة والمحبة، ولقد حث الإسلام على تماسك المجتمع وترابطه وجعل لكل فرد في المجتمع حقوقًا وواجباتٍ، ينبغي الأخذ بها حتى يسير المجتمع إلى التماسك والتلاحم، فجعل للزوج حقوقًا على زوجته، وكذلك للزوجة حقوقًا على زوجها، وجعل للأب حقوقًا وواجبات، وكذلك جعل للأم كما جعل للجار حقًا وواجبًا.
ولكل فرد في هذا المجتمع له حقوق وواجبات، ولقد حث الإسلام على التعاون، فقال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (المائدة:2).
كما أمرنا بحسن معاشرة الآخرين؛ حيث إنها تؤدي إلى نشر المحبة بين الناس، والمحبة تؤدي إلى التآلف والترابط، وقد قال تعالى {وَآتِي ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ} (الإسراء:26).
فيجب على كل قريب أن يصل قريبه بالمعروف ببذل الجاه والنفع البدني والمالي، بحسب ما تتطلبه قوة القرابة والحاجة، وهذا ما يقتضه الشرع والعقل والفطرة، وقد كثرت النصوص في الحث على صلات الرحم ففي الصحيحين عن أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - قال: قال رسول اللَّه – صلى اللَّه عليه وسلم -:"إن اللَّه خلق الخلقَ حتى إذا فرغ منهم قامت الرحمُ، فقالت: هذا مقامُ العائذِ من القطيعةِ، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطعَ من قطعك؟ قالت: بلى، قال: فذاك لك. ثم قال رسولُ اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "اقرؤا إن شئتم: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّه فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ}(محمد:22-23)"[1].
وقال - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "من كان يؤمن باللَّه واليوم الآخر فليصل رحمه"[2]، ولكن وا أسفاه! لقد تغيرت المفاهيم في زمننا، وكثر المضيعون لهذا الحق المفرطون فيه لا يعرف قربته بصلة لا بمال ولا بجاه ولا بالخلق الحسن، تمضي الأيام والشهور، بل وربما السنوات، ما رآهم ولا قام بزيارتهم ولا تودد إليهم ولا دفع عنهم الضرر، بل ربما أساء إليهم بالقول والفعل.
يصل البعيد ويترك القريب، ومن الناس من يصل أقرباء نصروه ويقطعهم إذا قطعوه، وهذا ليس بواصل في الحقيقة إنما هو مكافئ للمعروف بمثله والواصل الحقيقي، هو الذي يصل قرابته للَّه ولا يبالي سواء وصوله أم لا، كما في الصحيح عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، أن النبي - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: " ليسَ الواصِلُ بالمُكافِئِ، ولَكنِ الواصلُ الَّذي إذا قُطِعتْ رَحِمُه وصلَها "[3]، وسأله رجل وأحسن إليهم ويسيئون لي وأحلم عليهم ويشهدون عليّ، فقال النبي - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لأن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من اللَّه ظهير عليهم ما دمت على ذلك"[4].
فينبغي لنا أيها الإخوة الكرام أن نهتم بالعلاقات الاجتماعية من صلة رحم وغيرها؛ حتى يقوى مجتمعنا ويزداد تمسكًا وترابطًا بدلًا من هذا التفكك الذي لم يأمر اللَّه به.