المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الأحد 24 نوفمبر 2024

ربِّ ابنك قبل أن يعقك

الولد نعمة من أجلِّ نعم اللَّه - عز وجل - على عباده بها تكون النصرة، وبها تكون النصرة وبها تدوم الذكرى، يتجلى ذلك في دعاء زكريا - عليه السلام – لربه: {رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ} (الأنبياء:89)، ومن حق النعمة شكرها، وشكر نعمة الأولاد تكون بتربيتهم على الأخلاق الحسنة، وترغيبهم في الدين القويم، وغرس تعاليم الإسلام في نفوسهم الصافية حتى يشبوا على الفضيلة فتقر بهم أعين الآباء والأمهات، ويكون بهجة الدنيا وزينة الحياة.

لذا استودع اللَّه - عز وجل - في قلب الأبوين شعور بالرحمة والشفقة والعطف على الأبناء، فهو شعور كريم له نتائج عظيمة وآثار عظيمة، ولقد حث الشارع الحكيم على تربية الأولاد والاهتمام بهم منذ الصغر، فقال تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} (طه:132)، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} (التحريم:8)، وقال تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّه فِي أَوْلَادِكُمْ} (النساء:11).

وقال المصطفى - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها"[1]، وقال - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لأن يؤدب الرجل ولده خير من أن يتصدق بصاع"[2]، والأحاديث في هذا الباب كثيرة، وتربية الأولاد تبدأ من قبل مولده، فلا بد أن يختار الأب الزوجة الصالحة، لقوله - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "فاظفر بذات الدين تربت يداك"[3]، ومما لا شك فيه أن الأولاد الذين يتشاورون في بيت يظله الإيمان والتقوى، يتربون على الخلق الحسن تكون تربيتهم فاضلة، وكذلك حينما تكون الزوجة أجنبية فإن هذا سلامة لجسم الولد من الأمراض السارية والعاهات الوراثية، وتوسيع لدائرة التعارف الأسرية، في هذا تزداد أجسامهم قوة ووحدتهم تماسك وصلابة وتعارفهم سعة وانتشار.

وكما أهتم الإسلام بنشأته الجسمانية، فقد اهتم بنشأته الأخلاقية؛ لذا حث على الزواج من ذوات الأصل والشرف المعروفة بالصلاح والخل؛ لكون الناس معادن يتفاوتون فيما بينهم، فخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا آمنوا، فقد قال - - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - -: "اطلبوا مواضع الأكفاء لنطفكم فإن الرجل أشبه أخواله"[4].

وتحقيقًا لهذا الاختيار وهذا الاهتمام بالولد نقف مع هذه القصة البسيطة العظيمة في معانيها إنه في زمن الخليفة عمر بن الخطاب - رضي اللَّه عنه - جاء رجل إلى الخليفة عمر بن الخطاب يشكون ابنه ويشكو عقوق ابنه، فاستعجب الخليفة كيف الابن يعق أباه؟ فقال: مهلًا عليّ يا أمير المؤمنين! فما هي حق الوالد على ابنه؟ فإنه لم ينتقِ أمي، بل كانت مجوسية، ولم يحسن اسمي، ولم يعلمني القرآن، فهو لم يقم بحقوقه عليَّ. فقال الخليفة للأب: أتعق ابنك وتشكوه حينما عقك؟!

فليحذر الآباء من عقوق أبنائهم، حتى لا يعقوهم وليحسنوا تربيتهم، وليتمثلوا بهم قول الشاعر:

وينشأ ناشئ الفتيان مِنَّا

على ما كان عوده أبوه

فالرسول - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول : "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه"[5].

فمسؤولية الأب تجاه ابنه عظيمة، لا بد من غرس التوحيد الخالص في قلب الابن، ولا بد من تعليمهم الحلال والحرام وأحكامه.

بقلم المدير العام لتحرير والنشر بصحيفة غرب المستشار / احمد محمد السعدي

[1] أخرجه البخاري في صحيحه، حديث رقم (2751)، وأخرجه ابن حبان، وصححه الألباني.

[2] أخرجه الترمذي، وابن حجر، والألباني في ضعيف الجامع رقم (4642).

[3] رواه البخاري، في صحيحه برقم (5090)، ومسلم (1466)، وأبو داود (2047).

[4] حسنه السخاوي في المقاصد الحسنة، رقم (186).

[5] رواه البخاري في صحيحه، وأبي داود، واللفظ للبخاري برقم (1358).

بواسطة :
 0  0  8.1K