المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

  • ×
الأربعاء 24 ديسمبر 2025
وسميه محمد العبيدان
وسميه محمد العبيدان

الزواج في زمن المستحيل … حين تقتل الشروط حلم الاستقرار

في وقتٍ بات فيه الزواج حلماً مؤجلاً لكثير من الشباب والفتيات، لم تعد العوائق مقتصرة على الجانب المادي، بل تحولت إلى شروط تعجيزية تُثقل كاهل الطرفين، وتفرغ الزواج من معناه الحقيقي كشراكة إنسانية تقوم على المودة والتفاهم.

ولا يمكن إنكار أن تكاليف الحياة اليوم أصبحت باهظة، وأن متطلبات المعيشة تثقل كاهل الجميع، ومن الطبيعي أن تطمح الفتاة إلى زوج يوفر لها قدراً من الاستقرار المادي تشعر معه بالأمان، كما أنه من حق الشاب أن يبحث عن زوجة تفهم وضعه، وتقدّر ظروفه، وتشاركه الطريق بدل أن تثقل كاهله بالمطالب.

لكن الإشكال لا يكمن في الطموح المشروع، بل في غياب العقل والإدراك، وتحويل الرغبات إلى شروط تعجيزية تُقصي الواقع وتستبعد الممكن.

فمن جهة، يضع بعض الشباب قائمة طويلة من المتطلبات؛ يريد زوجة منقبة، او محجبه، موظفة، جميلة، بيضاء وطويلة، دون أن يقف مع نفسه وقفة صادقة ليقيّم إمكاناته أو استعداده لتحمل المسؤولية. والمفارقة أن هذا الشاب قد يستنكر أو يغضب إذا طُلب منه ما يطلبه من غيره، في ازدواجية واضحة في المعايير.

ومن الجهة الأخرى، تظهر بعض الفتيات بشروط لا تقل غرابة؛ تطلب عريساً وسيماً، ذا منصب مرموق، يسكن في أفخم الأحياء، ويقود سيارة فاخرة، وكأن الزواج نتيجة جاهزة لا رحلة تُبنى مع الزمن. ويتم تجاهل حقيقة أن كثيراً من الشباب اليوم في مقتبل العمر، موظفون جدد، برواتب متوسطة، وأن الحياة الزوجية تبدأ بخطوات بسيطة لا بقفزات خيالية، واقع مقلق.

هذه الشروط المبالغ فيها خلقت واقعاً مقلقاً؛ شباب يعزفون عن الزواج هرباً من المطالب، وفتيات يتخوفن من الارتباط خوفاً من زوج متحكم، يعيش في عالم مثالي بعيد عن الواقع، ولا يتحمل مسؤوليات الحياة.

الأخطر من ذلك، أن معايير الاختيار انزلقت إلى العنصرية، والتعصب القبلي، والنظر للون والنسب والمكانة الاجتماعية، في تناقض صريح مع تعاليم ديننا الحنيف التي جعلت التفاضل في الدين والخلق، لا في المظهر ولا في المال.
العودة إلى الأصل.

ديننا لم يُلغِ الجمال ولا المال، لكنه أعاد ترتيب الأولويات، حين قال النبي ﷺ:
"إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه"،
وحين أوصى:
"فاظفر بذات الدين".

رسالة أخيرة
نحن بحاجة إلى مراجعة جادة لمفهوم الزواج، وإلى وعي متبادل يقوم على العقل والإدراك لا على المبالغة والمقارنات. فالزواج لا يُبنى على شروط مثالية، بل على تفاهم واقعي، وصبر مشترك، وتحمل مسؤولية من الطرفين.
هو بداية طريق… لا نهاية جاهزة.

فهل نختار شريك حياة بعقل ووعي … أم نستمر في مطاردة صورة مثالية لا وجود لها؟
 0  0  1.3K