الاحتجاج على النعم حين يتحوّل العطاء إلى شكوى
النّعم التي يمنحها الله للإنسان ليست محل اعتراض بل موضع وعي وتقدير غير أن بعض الناس يقعون في خطأ شائع يتمثل في الاحتجاج على النعمة لا بإنكارها بل بعدم الرضا عنها أو التقليل من شأنها وكأن العطاء لا يكون نعمة إلا إذا وافق التوقعات الشخصية
ويظهر هذا الاحتجاج في التذمر المستمر والمقارنة بالآخرين والنظر إلى ما في أيديهم بدل الالتفات إلى ما بين أيدينا وهنا لا تكمن المشكلة في قلة النعم بل في غياب الرضا وضعف إدراك أن التفاوت بين الناس سنة كونية وحكمة إلهية
كما أن سوء استخدام النعمة أو نسبتها للجهد الفردي وحده يعد صورة أخرى من صور الاحتجاج غير المباشر فالأسباب لا تنفي أن التوفيق أصل كل عطاء فالنعمة تصان بالشكر العملي قبل اللفظي
إن الرضا لا يعني التوقف عن السعي أو قتل الطموح بل هو اتزان داخلي يجعل الإنسان يعمل دون سخط ويطمح دون اعتراض ويخفق دون أن يفقد سلامه النفسي
وفي زمن تكثر فيه المقارنات وتتضخم التوقعات يصبح الوعي بالنعم ضرورة لحفظ التوازن الشخصي والاجتماعي فالعطاء الإلهي لا يحتاج إلى من يعترض عليه بل إلى من يفهمه ويحسن التعامل معه