المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

  • ×
السبت 20 ديسمبر 2025
د.هاشم بن محمد الحبشي
د.هاشم بن محمد الحبشي

تساؤلات منهجية حول نموذج نضوب النفط، بين الزمن البشري والزمن الكوني

تُقدَّم نظرية نضوب النفط غالبًا كحقيقة شبه نهائية، مبنية على الأصل الأحفوري، إذ تُصور النفط كمورد محدود ضمن الزمن البشري والاقتصادي. لكن المنهج العلمي الحقيقي، القائم على التواضع المعرفي، يدعونا للتساؤل: هل نحن أمام حقيقة مطلقة، أم أمام نموذج تفسيري ناجح وعملي، ربما قابل للتطوير مع تقدم أدوات الرصد والفهم؟

الندرة والزمن، منظور فلسفي علمي

مفهوم "النضوب" يرتبط بالمقارنة بين معدل الاستهلاك السريع (عقود) ومعدل التكوين البطيء (ملايين السنين). السؤال الجوهري: هل النفط "ناضب" بطبيعته، أم أن هذه صفة لعلاقتنا نحن به ضمن أطرنا الزمنية والاقتصادية الضيقة؟ إذا سلمنا بأن المادة والطاقة تخضع لدورات تحول كونية، كدورة الكربون العميقة، فهل يجوز النظر إلى النفط كمرحلة مؤقتة ضمن مسار تحولي مستمر، قد تكون وتيرته أبطأ من أن ندركها، لكنها ليست منعدمة؟

التاريخ العلمي، نماذج سقطت وأخرى تطورت

النماذج العلمية ليست مقدسة. فيزياء نيوتن كانت حقيقة مطلقة إلى أن قدم آينشتاين منظورًا أوسع. نظرية الأصل الأحفوري نجحت في التنبؤ واكتشاف المكامن التقليدية، لكن وجود أبحاث حول أصول غير حيوية، أو ملاحظة هيدروكربونات على كواكب بلا حياة، يذكّر بأن الباب لم يُغلق بالكامل. السؤال المشروع: هل نجاح التطبيق العملي للنموذج يفسر كل ما نعرفه، أم أنه أفضل ما لدينا حتى الآن ضمن حدود تقنيات الاستكشاف؟

شيفرة 9630 إطار تأملي لفهم التحول.

يمكن النظر إلى شيفرة النانو 9630 كإطار استعاري لفهم تحولات المادة، لا كنظرية قابلة للاختبار. تبدأ المادة من حالة الإمكانية (0)، ثم مرحلة الاهتزاز والطاقة (3)، يليها التشكّل البنيوي (6)، ثم التحول أو العودة إلى دورة جديدة (9). ضمن هذا المنظور، ما نسميه "نفطًا" قد يكون مجرد مرحلة من ديناميكية الكربون الأرضية، وليس نقطة النهاية. الفكرة توسع أفق التساؤل دون أن تنفي الكيمياء أو الجيولوجيا، بل تضعها في سياق ديناميكي أوسع.

مسار بحثي عملي

بدل الاستقطاب بين "نضوب مؤكد" و"وفرة دائمة"، يمكن توجيه البحث نحو:
1. إعادة تعريف المخزون بالتكنولوجيا: تقدم تقنيات الاستشعار عن بعد والذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات الجيولوجية قد يكشف عن مخزونات جديدة غير تقليدية، ويعيد تعريف الاحتياطيات القابلة للاستخراج اقتصاديًا.

2. استخراج أذكى: توظيف تقنيات النانو والكيمياء التحفيزية يمكن أن يزيد كفاءة استخراج النفط من المكامن الحالية بشكل كبير، ما يماثل عمليًا "اكتشاف" موارد جديدة.

3. محاكاة الدورات الطبيعية صناعيًا: فهم آليات تحول الكربون، سواء كانت حيوية أو غير حيوية، قد يمكّن من تطوير عمليات صناعية تحول الكتلة الحيوية أو ثاني أكسيد الكربون إلى وقود سائل، مشاركين في دورة الكربون بدل الاستهلاك السلبي للمخزون.


التواضع المعرفي كمدخل للإبداع

النقاش الحقيقي ليس بين صواب وخطأ، بل بين منظور عملي قصير المدى يتعامل مع النفط كمورد محدود لأغراض التخطيط والقرار، ومنظور استكشافي بعيد المدى يفتح باب إعادة التفكير الجذري في أصل الموارد وعلاقتنا بها.

السؤال الأكبر، إلى أي درجة حدّت افتراضاتنا المسبقة عن أصل النفط وتوقعاتنا الزمنية من أفق البحث عن حلول طاقية جديدة؟
التواضع المعرفي هنا ليس ضعفًا، بل خطوة نحو معرفة أوسع، وربما حلول أكثر عبقرية.


image
 0  0  1.1K