المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

  • ×
الثلاثاء 30 ديسمبر 2025
د. ماجد بن ثامر آل سعود  
د. ماجد بن ثامر آل سعود  

أهداف رؤية 2030... نحو مجتمع أكثر صحة وحيوية

تسعى رؤية المملكة العربية السعودية 2030 إلى إحداث تحول شامل في مختلف جوانب الحياة، من خلال تعزيز جودة المعيشة، ودعم الاقتصاد، وتطوير القطاعات الحيوية التي تمس حياة الإنسان اليومية. ومن بين الأهداف الاجتماعية المهمة التي ركزت عليها الرؤية رفع نسبة ممارسي الرياضة مرة واحدة أسبوعياً من 13٪ إلى 40٪، وهو هدف يعكس توجه الدولة نحو بناء مجتمع صحي، فعّال، وقادر على المشاركة في التنمية المستدامة. ويأتي هذا الهدف في إطار برنامج جودة الحياة الذي يهدف إلى تعزيز الخيارات الرياضية والترفيهية، وتمكين الأفراد من ممارسة أنماط حياة أكثر نشاطاً.
إن تحقيق هذا الهدف يتطلب منظومة متكاملة من الجهود الحكومية والمجتمعية، حيث لعبت وزارة الرياضة دوراً محورياً في توفير البنية التحتية المناسبة، مثل إنشاء المراكز الرياضية، وتطوير الملاعب، وتنظيم الفعاليات التي تشجع على ممارسة النشاط البدني. كما أسهمت وزارة التعليم من جانبها في تعزيز ثقافة الرياضة بين الطلاب، من خلال إدراج الأنشطة الرياضية بفعالية أكبر داخل المدارس والجامعات، وتنظيم البطولات التي تسهم في بناء هوية رياضية لدى النشء. وإلى جانب ذلك، قامت وزارة الصحة بدور مهم في توعية المجتمع بأهمية النشاط البدني للوقاية من الأمراض المزمنة، ودمج الرياضة ضمن برامج الصحة العامة.
وقد شهدت المملكة تقدماً ملموساً في هذا المجال خلال السنوات الماضية، حيث أصبحت ممارسة الرياضة أكثر انتشاراً في المدن السعودية، وازداد الإقبال على الصالات الرياضية والمناسبات الرياضية المجتمعية. كما أسهمت الفعاليات الكبرى مثل سباقات الجري، والدراجات، والماراثونات في تعزيز روح المشاركة ورفع الوعي المجتمعي بأهمية النشاط البدني. وترافقت هذه الجهود مع توسع مبادرات القطاع الخاص، مثل عروض الاشتراكات الرياضية وفتح مراكز لياقة متخصصة للنساء والرجال، مما عزز فرص الوصول إلى الخدمات الرياضية لجميع فئات المجتمع.
وأرى شخصياً أن تحقيق هدف رفع نسبة ممارسي الرياضة لا يرتبط فقط بتوفير المنشآت الرياضية، بل يرتبط أيضاً بتعزيز الدافع الداخلي لدى الأفراد لممارسة الرياضة بوصفها أسلوب حياة. فالكثير من الناس يمتلكون الرغبة في ممارسة النشاط البدني، لكنهم يفتقرون إلى البيئة المحفزة أو الجداول الزمنية المناسبة، وهنا يظهر دور المنظومة التعليمية والإعلامية في تعزيز الوعي وبناء العادات الصحية. كما أرى أن تفعيل الرياضة المجتمعية، مثل الرياضات الجماعية أو الأنشطة العائلية، يمكن أن يسهم بشكل كبير في ترسيخ ثقافة الرياضة وتحويلها إلى ممارسة يومية. إضافةً إلى ذلك، أرى أن استمرار الشراكات بين الوزارات والقطاع الخاص سيحقق أثراً أعمق، خصوصاً في توفير خيارات متنوعة تتناسب مع احتياجات جميع الفئات العمرية.
وقد أثبتت التجارب الأخيرة أن تقدم المملكة نحو هذا الهدف يسير في الاتجاه الصحيح، لكن الوصول إلى نسبة 40٪ يتطلب استمرار الجهود وتوسيع نطاق المبادرات التي تعزز مشاركة المجتمع في الأنشطة الرياضية. فالممارسة المنتظمة للرياضة ليست مجرد نشاط صحي، بل هي جزء أساسي من بناء مجتمع أكثر إنتاجية وسعادة، وتجسيد فعلي لطموحات رؤية 2030 في بناء وطن نابض بالحياة.
ختاماً، يمكن القول إن رفع نسبة ممارسي الرياضة يمثل أحد أهم الأهداف التي تجسد رؤية المملكة 2030 في جانبها الاجتماعي، لما له من أثر مباشر على صحة المجتمع وجودة الحياة. ومع التقدم الملحوظ في هذا المجال، فإن تعزيز العمل المشترك بين الوزارات، وتمكين القطاع الخاص، وتوسيع الأنشطة المجتمعية سيظل الطريق الأمثل للوصول إلى مجتمع أكثر نشاطاً وحيوية، قادر على مواجهة تحديات المستقبل بثقة وفاعلية.
 0  0  11.6K