المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

  • ×
الأحد 23 نوفمبر 2025
طارق محمود نواب _ رئيس مجلس الادارة - كاتب ومحرر
طارق محمود نواب _ رئيس مجلس الادارة - كاتب ومحرر

د.ماجد بن ثامر آل سعود… الفكرة التي مشت على قدمين

كأن القدر كان يُمهّد لظهور عقلٍ مختلف، يعرف كيف يلتقط الفكرة، وكيف يصوغها رؤية، وكيف يجعل منها مسارًا يصبّ في نهر التطور الوطني المتدفق. فمنذ بداياته الأكاديمية، كان الدكتور ماجد بن ثامر بن ثنيان آل سعود نموذجًا للطالب الذي لا يكتفي بالتفوق، بل يتعامل مع المعرفة كمسؤولية، ومع العلم كأمانة.
حصل على الدكتوراه في الدراسات الاستراتيجية، وتوّج مسيرته بأن يكون الأول على دفعته، ويحمل مرتبة الشرف الأولى، وكأن التميز كان ينتظره ليصافحه في أول الطريق. لكن الإنجاز الأهم لم يكن في الشهادة، بل في الوعي الذي حمله معها، ذلك الوعي الذي قاده نحو مشروع فكري استراتيجي لافت.
وحين كتب كتابه الفريد "الأبعاد الفكرية في التوجهات الاستراتيجية لوزارة الخارجية السعودية"، لم يكن يكتب بحثًا جامعيًا، بل كان يقدم أول قراءة منهجية من نوعها في هذا الحقل الحساس. لم يلامس الموضوع من الأطراف، بل دخل إليه من عمقه الفكري، ليكشف كيف تصنع الفكرة مسار القرار الاستراتيجي، وكيف تُبنى الرؤية من جذورها الأولى.
وكان طبيعيًا أن يحظى هذا العمل بـ قبول وتميّز من معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية، حتى أصبح مرجعًا تدريسيًا في برنامج الأمن الفكري، وضمن مقررات العلوم السياسية، شاهداً على قيمة الفكرة حين تُكتب بوعي، وحين تُقرأ بعيون تهتم بما وراء النص.
ثم جاءت خطابات الشكر والتقدير التي تلقاها، لا بوصفها تكريمًا بروتوكولياً، بل اعترافًا رسميًا بأن وراء هذا الجهد عقلًا لا يكرر نفسه، وبأن ما قدّمه من تحليل واستنباط يضيف لبنة جديدة في صرح المعرفة السياسية السعودية.
ويمتلك الدكتور ماجد حضورًا من النوع الذي لا يحتاج إلى ضوء كي يراه الناس،
حضور مبني على الاتزان، لا على الضجيج،
وعمق يعرف كيف يضع الفكرة في مكانها، ويترك أثرها يتحدث عنه.
فهو من الذين يمنحونك يقينًا بأن المملكة في زمن التحولات الكبرى التي يقودها سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظه الله تحتاج إلى هذه العقول التي تفكر بصمت، وتعمل بتركيز، وتبني وعيًا استراتيجيًا يليق بدولة فتحت أبواب المستقبل، وتقدمت بثقة لا تخطئها العين.
وما بين الهدوء الذي يحيط بشخصيته، والصلابة التي تميّز فكره، تتشكل صورة رجلٍ يعرف قيمة الفكرة، ويعرف مسؤولية الوطن، ويعرف كيف يجمعهما في مسار واحد.
لهذا لم تكن سيرته مسيرة أكاديمية فحسب، بل رحلة فكرية تسير بثبات، كالسهم يعرف وجهته، ولا ينحرف عنها.
ومن يقرأ سيرته يدرك أن العلم ليس درجات تُعلّق،
بل أثرٌ يبقى.
وأن الفكر ليس صخبًا إعلاميًا،
بل بناءٌ هادئ يُعاد تشكيله كل يوم.
وأن الهدوء، حين يسكن عالِمًا استراتيجيًا، يتحول إلى قوة لا تُرى… لكنها تُشعر.
فالدكتور ماجد بن ثامر آل سعود ليس مجرد اسم، ولا مجرد باحث،
إنه نموذج لما يحدث حين تتحول المعرفة إلى مسؤولية،
والفكرة إلى مشروع،
والعلم إلى حضورٍ لا يغيب.
 0  0  7.6K