المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الأربعاء 19 نوفمبر 2025
فادي زواد السمردلي - الاردن
فادي زواد السمردلي - الاردن
فادي زواد السمردلي - الاردن

كيف يغيّر الأمير محمد بن سلمان خريطة النفوذ الاقتصادي السعودي في أمريكا



في زيارة لافتة إلى البيت الأبيض، أعلن الأمير محمد بن سلمان رفع قيمة الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة من 600 مليار دولار إلى تريليون دولار، في خطوة تُعد من أجرأ التحركات الاقتصادية تجاه أكبر اقتصاد في العالم. لم يكن الإعلان مجرد زيادة مالية، بل إشارة استراتيجية واضحة إلى أن المملكة تعيد صياغة تموضعها الدولي عبر الاستثمار في قلب الصناعات التي تصنع مستقبل الاقتصاد العالمي.
هذه القفزة الضخمة تعكس تحوّلًا جوهريًا في فلسفة الاستثمار السعودي.

فالمملكة لم تعد تنظر إلى الولايات المتحدة كسوق مالية تقليدية، وإنما كمنصة استراتيجية لبناء نفوذ عالمي، وعقد شراكات طويلة المدى، والدخول إلى دائرة الابتكار المتقدم. وعندما ترفع السعودية استثماراتها بهذه الجرأة، فإنها تنتقل إلى مرحلة جديدة من الحضور الاقتصادي تتجاوز العوائد المالية إلى التأثير في مراكز القرار داخل السوق الأمريكي.

ويجمع المختصون على أن هذه الخطوة تأتي منسجمة مع التحولات العميقة لرؤية 2030، التي تستهدف تنويع الاقتصاد والابتعاد عن الاعتماد على النفط. ولهذا تتوجه الاستثمارات السعودية نحو القطاعات الأكثر تنافسية في المستقبل: الذكاء الاصطناعي، التكنولوجيا المتقدمة، الطاقة المتجددة، والبنية التحتية الحديثة. هذا التوجه لا يعكس فقط اختيارًا اقتصاديًا، بل رغبة سعودية في أن تكون جزءًا من صناعة المستقبل لا مجرد مستهلك له.

إن توسيع الاستثمار داخل الولايات المتحدة يتيح للمملكة فرصة الوصول المباشر إلى أحدث التقنيات العالمية، ما يفتح الباب أمام نقل الخبرات والمعرفة إلى الداخل السعودي. فالسعودية اليوم لا تراهن على المال فقط، بل على الابتكار بوصفه العنصر الأهم في بناء صناعاتها الجديدة، ومع تواجد صندوق استثماري ضخم داخل أمريكا تصبح الشركات الكبرى شريكًا معرفيًا يمكن توظيفه في تطوير المشاريع الوطنية.

كما يشكل رفع الاستثمارات إلى تريليون دولار رسالة سياسية واقتصادية مزدوجة؛ رسالة ثقة متبادلة واستقرار في العلاقة الممتدة بين البلدين، وتأكيد على رغبة المملكة في إرساء روابط استراتيجية طويلة الأمد بعيدًا عن تقلبات الظروف الآنية.

ومن زاوية أوسع، يمنح هذا التوسع المملكة قدرة أكبر على بناء شبكات نفوذ اقتصادي، واستشراف التحولات العالمية قبل وقوعها، والوصول إلى موقع يمنحها دورًا مؤثرًا في توجيه اتجاهات الأسواق الدولية.

وللداخل السعودي، يفتح هذا التوجه آفاقًا واسعة لفرص اقتصادية جديدة: مشاريع مشتركة، نقل خبرات، وتطوير قطاعات مستقبلية قائمة على التكنولوجيا، بما يخلق فرص عمل ويُسهم في بناء اقتصاد متوازن ومتنوّع.

باختصار، رفع الاستثمارات السعودية في أمريكا إلى تريليون دولار ليس مجرد زيادة في رأس المال، بل قفزة استراتيجية تُجسد طموح المملكة لأن تكون لاعبًا عالميًا مؤثرًا، وتصنع لنفسها موقعًا في قلب مراكز الابتكار والاقتصاد الدولي.

نتمنى للمملكة العربية السعودية التوفيق ومزيد من التقدم في ضل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولى عهده وفقهم الله
بواسطة : فادي زواد السمردلي - الاردن
 0  0  961