المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الثلاثاء 18 نوفمبر 2025
د. ماجد بن ثامر آل سعود  
د. ماجد بن ثامر آل سعود  

تعزيز رأس المال الاجتماعي في رؤية 2030

يسعى هدف رؤية 2030 للارتقاء بمؤشر رأس المال الاجتماعي من المرتبة 26 إلى المرتبة 10 إلى بناء مجتمع أكثر تماسكاً وثقةً ومشاركة، إذ يمثل رأس المال الاجتماعي شبكة العلاقات المتبادلة بين الأفراد والمؤسسات والتي تسهم في تعزيز التعاون والالتزام بالقواعد والأنظمة ودعم المبادرات العامة. ولتحقيق هذا الهدف تعمل الدولة على تفعيل دور المجتمع المدني، وتشجيع العمل التطوعي، وتطوير أطر الحوكمة والثقة بين المواطنين والجهات الحكومية، كما تركز البرامج الحكومية على خلق فضاءات تواصل مجتمعي مدعومة بخدمات نوعية في التعليم والثقافة والصحة والرياضة لتقوية الروابط الاجتماعية ونشر ثقافة المشاركة والمسؤولية المشتركة.
ويُنظر إلى رفع ترتيب الدولة في مؤشرات رأس المال الاجتماعي كخطة تكاملية تتطلب إصلاحات مؤسسية وزيادة مستوى الشفافية وتطوير سياسات تمكّن القطاع غير الربحي والقطاع الخاص من المساهمة الفاعلة إلى جانب تمكين المواطن من المبادرة والمشاركة في صنع القرار المحلي.
وتعمل الوزارات المعنية على ترجمة هذا الهدف إلى مبادرات عملية من خلال برامج واضحة ومترابطة، فعلى سبيل المثال تقوم وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بدعم الجمعيات الأهلية وتنظيم بيئة العمل التطوعي وتقديم الحوافز والتدريب للمتطوعين، بينما تضطلع وزارة التعليم بتعزيز برامج المواطنة وتنمية المهارات الاجتماعية لدى الطلبة عبر المناهج والأنشطة المدرسية والجامعية، وتساهم وزارة الثقافة والإعلام في نشر قيم الانتماء والتعاون من خلال الفعاليات الثقافية والمشروعات المجتمعية، أما وزارة الداخلية والجهات الرقابية فتسهم في بناء الثقة عبر تطبيق نظم العدالة وحماية الحقوق وتعزيز الشفافية في الإجراءات الحكومية.
ويتطلب تقدم المؤشر أيضاً توفير بيانات دقيقة وقياسات منتظمة لقياس الثقة والتماسك الاجتماعي، لذا تعمل الجهات الإحصائية على تطوير مؤشرات قابلة للقياس وتقارير دورية توضح الإنجاز وتحدد الثغرات، كما تُعطى الأولوية لتطوير البنى التحتية الرقمية التي تسهل تواصل المجتمع مع الجهات الرسمية وتدعم المنصات المجتمعية التي تعزز النقاش العام والمبادرات التطوعية.
من وجهة نظري، أرى أن التركيز على رأس المال الاجتماعي هو استثمار إستراتيجي طويل الأمد لأنه يعزز القدرة المجتمعية على مواجهة التحديات ودعم التجدد الاقتصادي والاجتماعي. إن نجاح هذا التوجه يعتمد بالدرجة الأولى على قدرة السياسات على تحويل القيم إلى ممارسات يومية، وليس فقط إلى برامج مرحلية. كما أعتقد أن إشراك الشباب والنساء بشكل أوسع في مبادرات القيادة المجتمعية سيكون له أثر كبير في تسريع الارتقاء بالمؤشر عبر تجديد طاقات المجتمع وإثراء المشاريع التطوعية.
أرى كذلك أن الشفافية والمساءلة يجب أن تكونا في قلب أي سياسة لرفع رأس المال الاجتماعي لأن المواطن سيبني ثقته عندما يرى نتائج ملموسة ومحاسبة عادلة عند الخطأ. كما أؤمن بأن التعاون بين القطاعين العام والخاص والمنظمات المجتمعية يمكن أن يخلق نماذج مستدامة تمكّن المجتمع من توليد حلول محلية تلائم خصوصية الثقافة السعودية وتضمن فاعلية طويلة الأمد.
وختاماً: إن الارتقاء بمؤشر رأس المال الاجتماعي إلى المرتبة العاشرة هدف طموح لكنه قابل للتحقق عبر برامج ممنهجة تركز على تمكين المجتمع المدني وتعزيز ثقافة التطوع والشفافية وبناء منصات تواصل فعالة، كما يتطلب التقييم المستمر وتضافر جهود الوزارات والمجتمع والقطاع الخاص، فإذا استمرت المملكة في تكثيف هذه الجهود فإنها ستعزز أساسها الاجتماعي وتحقق قفزة نوعية في جودة الحياة والتماسك الوطني.
 0  0  1.5K