حين أبحث عن ماذا أكتب وأتحدث؟!؟!
أحيانًا أجلس أمام الورقة البيضاء أمسك القلم وأتساءل: عن ماذا أكتب؟ عن ماذا أتحدث؟
ثم أبتسم في داخلي فكل ما حولي يستحق أن يُكتب عنه… كل لحظة كل إنسان، كل وجعٍ وكل ابتسامة.
أكتب عن الحياة التي تشبه طريقًا طويلًا، نتعب فيه
نسقط لكننا ننهض لأن فينا بريقًا لا ينطفئ.
أكتب عن الأب، ذاك السند الذي لا يعوضه أحد. وجوده في حياتنا نعمة لا تُقدّر بثمن مجرد صوته يزرع الطمأنينة في القلب ونظرته كأنها وعدٌ بالأمان.
وحين يغيب ندرك كم كانت الدنيا متزنة بوجوده وكم صارت فارغة بعد رحيله.
وأكتب عن الأم، عن دعائها الذي يشبه جناح الملائكة عن لمسة يدها التي تُطفئ الحزن، عن كلماتها التي تُعيدنا من تيهنا مهما بعدنا.
دعاء الأم نجاة صدقوني… هو الباب الذي يُفتح حتى عندما تُغلق كل الأبواب.
وحين نفقدها نشعر أننا فقدنا الاتجاه، وأن كل شيء بعد رحيلها يصبح بلا لون.
أكتب عن الأصدقاء الذين مرّوا في حياتنا كزهورٍ في طريقٍ طويل بعضهم ذبل سريعًا وبعضهم ما زال يروينا حضورُه رغم المسافات.
عن الأيام القديمة التي نشتاقها، وعن الليالي التي بكينا فيها بصمت، وخرجنا منها أقوى مما كنا نظن.
أكتب عن الدعاء حين يكون القلب مثقلاً وعن الرجاء الذي لا ينتهي ما دام الله معنا.
عن الأم التي تبتسم رغم التعب، والابن الذي يحمل مسؤوليات أكبر من عمره، والفتاة التي تتعلم أن تكون سندًا لنفسها بعد أن كانت تتكئ على غيرها.
أكتب عن الزمن الذي يغيّرنا وعن الذكريات التي لا تموت عن الحنين الذي يزورنا فجأة في منتصف الليل، وعن الرضا الذي يُطفئ كل خوف.
أكتب لأني وجدت أن الكتابة ليست هواية بل نجاة.
هي الطريقة التي أُرمّم بها نفسي كلما تهدمت جدران الصبر في داخلي.
هي مساحة صدق لا يُحاسبني فيها أحد ولا أحتاج فيها أن أُخفي وجعي أو أُجمّل كلماتي.
وفي النهاية، لم أعد أبحث عن ماذا أكتب…
لأن الحياة نفسها تكتبني كل يوم، والقصص تتنفس من تفاصيلنا، والوجع يتحوّل إلى حبرٍ يروي حكايتنا.
*رسالة إلى كل من يقرأ*
لا تبحث طويلًا عن موضوع لتكتب عنه، فقصتك وحدها تكفي.
اكتب عن نفسك عن من أحببت عن من رحلوا وتركوا في قلبك بصمة لا تُنسى.
اكتب عن اللحظات الصغيرة التي لم يلاحظها أحد
عن المواقف التي غيّرتك دون أن يشعر بك أحد.
كلنا نحمل في داخلنا رواية لم تُكتب بعد فامنحها صوتك ودع كلماتك تُشفى بك وتُضيء درب غيرك.
فالكتابة ليست مجرد حروف… إنها حياة تُروى من جديد.
وحينما طلب مني رئيس التحرير وقال: “هل هناك مقالات جديدة؟”
ابتسمت وقلت
نعم… الحياة تكتب لي كل يوم مقالًا جديدًا، وأنا فقط أترجمها إلى كلمات.