المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الإثنين 10 نوفمبر 2025
د. ماجد بن ثامر آل سعود  
د. ماجد بن ثامر آل سعود  

تحسين متوسط العمر المتوقع في ضوء رؤية المملكة 2030

تُعدّ رؤية المملكة العربية السعودية 2030 مشروعاً استراتيجياً طموحاً يهدف إلى بناء مستقبل مستدام يرتكز على تنمية الإنسان وتعزيز جودة حياته في مختلف المجالات. ومن بين أهم الأهداف التي وضعتها الرؤية في قطاع الصحة والرفاه هدف رفع متوسط العمر المتوقع من 74 عاماً إلى 80 عاماً، وهو هدف يعكس حرص القيادة على تحسين نوعية الحياة للمواطنين والمقيمين من خلال تعزيز الوقاية والرعاية الصحية الشاملة، وتحسين أنماط الحياة، ورفع مستوى الوعي الصحي في المجتمع.
إن تحقيق هذا الهدف لا يقتصر على تقديم الخدمات الطبية فقط، بل يتجاوزها ليشمل منظومة متكاملة من العوامل الاجتماعية والاقتصادية والبيئية. فقد ركزت وزارة الصحة على تطوير نموذج الرعاية الصحية الوطني القائم على الوقاية بدلاً من العلاج، وتعزيز خدمات الصحة العامة والرعاية الأولية، إلى جانب توسيع مظلة التأمين الصحي وتسهيل الوصول إلى الخدمات الطبية في جميع المناطق. كما تعمل وزارة الرياضة على تشجيع النشاط البدني من خلال المبادرات والمرافق الرياضية المنتشرة في مختلف المدن، وهو ما يسهم في الوقاية من الأمراض المزمنة مثل السمنة والسكري وارتفاع ضغط الدم.
من جهة أخرى، تلعب وزارة البيئة والمياه والزراعة دوراً محورياً في ضمان سلامة الغذاء وجودة المياه والهواء، وهي عناصر أساسية تؤثر في صحة الإنسان وطول عمره. كما تسهم وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان في تحسين البيئة العمرانية وتوفير مساحات خضراء ومناطق ترفيهية، ما يعزز الصحة النفسية والجسدية للمواطنين. هذه الجهود المشتركة بين الوزارات تُبرز التكامل الحكومي لتحقيق مستهدفات الرؤية بشكل شامل.
من وجهة نظري، فإن رفع متوسط العمر المتوقع لا يتحقق بالسياسات الصحية فقط، بل يتطلب ثقافة مجتمعية جديدة تعزز المسؤولية الفردية عن الصحة. يجب أن يتبنى الأفراد أنماط حياة أكثر توازناً تشمل ممارسة الرياضة بانتظام، والابتعاد عن التدخين، وتناول غذاء صحي متنوع. كما أرى أن التركيز على الصحة النفسية يجب أن يكون جزءاً محورياً في برامج الرعاية، لأن الضغوط النفسية أصبحت من أبرز مسببات الأمراض في العصر الحديث. إن الاستثمار في برامج التوعية والتثقيف الصحي سيشكل ركيزة أساسية في الوصول إلى الهدف المنشود.

كذلك أعتقد أن التطور في مجالات الطب الوقائي والذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية يمكن أن يسرّع من تحقيق هذا الهدف. فالتقنيات الحديثة تتيح الكشف المبكر عن الأمراض وإدارة الحالات المزمنة بفعالية أكبر. كما أن تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص في المجال الصحي سيُسهم في تحسين جودة الخدمات وتسريع وتيرة التطور الصحي في المملكة.
تشير التقارير الحديثة إلى أن المملكة قد أحرزت تقدماً ملموساً في هذا المجال، حيث ارتفع متوسط العمر المتوقع تدريجياً مع تحسن مؤشرات الصحة العامة وتراجع نسب الوفيات الناتجة عن الأمراض المزمنة. وهذا يدل على نجاح السياسات الحكومية في تحقيق تقدم فعلي نحو الهدف.
وختاماً إن رفع متوسط العمر المتوقع إلى 80 عاماً ليس مجرد هدف رقمي، بل هو تعبير عن رؤية شاملة تسعى إلى جعل الإنسان محور التنمية وغايتها. إن تكامل الجهود الحكومية مع وعي المجتمع والتطور التقني سيجعل من هذا الهدف واقعاً ملموساً، يعكس مكانة المملكة كأنموذج في الاستثمار في صحة الإنسان وجودة حياته، ويمهد لمستقبل أكثر ازدهاراً واستدامة للأجيال القادمة.
 0  0  2.5K