المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الثلاثاء 28 أكتوبر 2025
د. ماجد بن ثامر آل سعود  
د. ماجد بن ثامر آل سعود  

رؤية 2030 وتخفيض معدل البطالة: مسار نحو اقتصاد مزدهر

تسعى المملكة العربية السعودية من خلال رؤية 2030 إلى إحداث تحول شامل في بنية الاقتصاد والمجتمع، يضمن تنويع مصادر الدخل وتحقيق التنمية المستدامة. وقد وضعت الرؤية مجموعة من الأهداف الاستراتيجية التي تمس مختلف القطاعات، من بينها هدف محوري يتمثل في تخفيض معدل البطالة من 11.6٪ إلى 7٪، وهو هدف يعكس حرص القيادة على تمكين المواطنين وإتاحة فرص العمل الكريم للجميع. يمثل هذا الهدف تحديًا تنمويًا كبيرًا، إذ يرتبط بتحولات سوق العمل، وتطوير التعليم والتدريب، وتحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي.
لقد بدأت المملكة منذ انطلاق الرؤية في تنفيذ سلسلة من البرامج والسياسات التي تستهدف تحقيق هذا الهدف، مثل برنامج التحول الوطني وبرنامج تنمية القدرات البشرية، إضافة إلى برنامج جودة الحياة ورؤية وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في دعم التوظيف وتوطين الوظائف. كما شهدت السنوات الأخيرة توسعًا في برامج التدريب والتأهيل المهني، وزيادة في دعم رواد الأعمال والمنشآت الصغيرة والمتوسطة، باعتبارها رافدًا أساسيًا في خلق فرص العمل. وقد انعكس ذلك في تحسن مؤشرات سوق العمل، حيث أظهرت بيانات الهيئة العامة للإحصاء لعام 2024 أن معدل البطالة بين السعوديين انخفض إلى 7.0٪ في الربع الرابع من العام بعد أن كان 7.6٪ في الربع الأول، فيما بلغ معدل البطالة الإجمالي (للسعوديين وغير السعوديين) 3.5٪. وتعد هذه الأرقام مؤشرًا واضحًا على اقتراب المملكة من تحقيق الهدف الاستراتيجي للرؤية في هذا المجال، مع تحسن مشاركة المرأة وارتفاع معدلات التوظيف في القطاع الخاص.
من وجهة نظري، فإن تحقيق هذا الهدف لا يعتمد فقط على خلق وظائف جديدة، بل على تحسين نوعية الوظائف واستدامتها، فالكثير من الشباب يبحثون عن وظائف تتناسب مع مؤهلاتهم وطموحاتهم، وليس مجرد فرص مؤقتة. لذا أرى أن الاستثمار في التعليم النوعي والتدريب الموجه نحو احتياجات السوق يمثل ركيزة أساسية في الوصول إلى معدل بطالة منخفض ومستقر. كما أن تحفيز القطاع الخاص ليكون شريكًا حقيقيًا في التوظيف هو أمر بالغ الأهمية، خاصة في القطاعات الواعدة مثل التقنية والسياحة والطاقة المتجددة.
كما أعتقد أن دور الوزارات في تحقيق هذا الهدف كان تكامليًا ومؤثرًا. فوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية قادت جهودًا في دعم التوطين والتوظيف من خلال برامج مثل "نطاقات" و"العمل المرن"، بينما أسهمت وزارة التعليم في تطوير المناهج لتواكب متطلبات سوق العمل، أما وزارة الاقتصاد والتخطيط فقد عملت على تحفيز بيئة الاستثمار وتسهيل إجراءات تأسيس الأعمال، وهذا التنسيق بين الوزارات يعزز من فاعلية الجهود ويمنع تكرار السياسات أو تضاربها، وهو ما يسهم في تسريع وتيرة الإنجاز نحو تحقيق الهدف.
وفي رأيي، إن النجاح في تخفيض معدل البطالة يتطلب أيضًا تعزيز ثقافة العمل وريادة الأعمال بين الشباب، والتوسع في الاقتصاد الرقمي الذي يفتح آفاقًا واسعة لفرص عمل جديدة. ومع التحولات العالمية المتسارعة، يجب أن تكون السياسات مرنة وقادرة على التكيف مع التغيرات، خاصة في ظل الثورة التكنولوجية التي تعيد تشكيل سوق العمل العالمي.
ختامًا، يمثل هدف تخفيض معدل البطالة أحد أهم مؤشرات نجاح رؤية المملكة 2030، ليس فقط لأنه يعكس تحسن الأداء الاقتصادي، بل لأنه يرتبط بكرامة المواطن واستقراره الاجتماعي. وقد حققت المملكة تقدمًا ملموسًا في هذا المسار بفضل تكامل الجهود الحكومية والخاصة، ووعي الشباب بأهمية المشاركة في بناء المستقبل. ومع استمرار العمل بنفس الزخم والالتزام، فإن الوصول إلى معدل بطالة لا يتجاوز 7٪ سيكون إنجازًا وطنيًا يترجم الرؤية إلى واقع ملموس ينعكس على رفاهية المجتمع وازدهار الوطن.
 0  0  1.7K