عناق الحرف والذاكرة.. حين تلتقي التلميذة بمعلمتها بعد أعوام
لم تكن تلك اللحظة التي التقيت فيها بمعلمتي الغالية الأستاذة حمدة الصاعدي بعد أكثر من خمسة عشر عامًا لحظةً عادية؛ بل كانت مشهدًا من الحنين العميق، امتزج فيه الفرح بالشوق، والدمع بالابتسامة، وكأن الزمن قد طوى صفحاته ليعيدني إلى مقاعد الدراسة الأولى، إلى هناك حيث وُلد الحلم على سبورةٍ بيضاء وخطٍّ مرتجفٍ يحمل أول الحروف.
حين رأيتها مديرةً لإحدى المدارس، شعرتُ أنني أمام لوحةٍ من الوفاء والإنجاز، فغمرني الفخر، وكأنني أرى ثمرة العطاء تُزهر أمامي. في ملامحها وجدتُ عبق الماضي، وفي صوتها سمعتُ صدى الدروس الأولى التي أيقظت فينا شغف المعرفة وحب الكلمة. تمنيت أن أروي لها ما مرّ بي، ما أنجزته، وما صرتُ إليه، لكني لم أجد أبلغ من أن أُخرج كتابي من حقيبتي، وأقدّمه إليها بصمت العيون قبل حروف اللسان، قائلةً:
"ها أنا اليوم كاتبة، وها هو كتابي (أرواح لم تلتقِ بعد)، ثمرة أول حرفٍ لقّنتِنيه يوماً."
كانت تلك اللحظة أشبه بعناقٍ بين الماضي والحاضر، بين تلميذةٍ صغيرةٍ كانت تحلم وامرأةٍ نضجت أحلامها بفضل من علّموها كيف تكتب وكيف تؤمن بنفسها.
رأيت في عينيها الفرح والفخر، فازداد قلبي امتنانًا، وشعرتُ أن الكلمات لا تفي حقها ولا حق أولئك الذين غرسوا فينا بذور الحلم، فسقوها بالعلم، حتى أينعت ثمارًا في حدائق الحياة.
ولقد صدق الشاعر أحمد شوقي حين قال:
"قُم للمعلّم وفِّه التبجيلا
كاد المعلّم أن يكون رسولا"
فالتعليم ليس مهنة، بل رسالة سماوية يُؤدّيها أصحاب القلوب النقية، فيضيئون بها دروب غيرهم، ويبقون أثرًا خالدًا لا يبهت مع مرور الزمن.
ومن هذا المنبر، أتوجه بخالص الشكر والعرفان لكل معلماتي الفاضلات في الابتدائية الثالثة والخمسين، والمتوسطة العشرون، والثانوية العشرون، وجامعة الملك عبدالعزيز – كلية الآداب والعلوم الإنسانية، اللواتي كنَّ النور الذي أضاء طريقنا، والنبض الذي بثَّ فينا الإصرار على بلوغ الحلم.
لقد تشرفت بإهداء معلمتي نسخة من كتابي، فهو ليس مجرد عمل أدبي، بل رسالة حب ووفاء، وثمرة غرسٍ لم يذبله الزمن.
وسيظل في قلبي القول الذي لا يشيخ: "من علّمني حرفًا زدت له وُدًّا وحُبًّا وإخلاصًا."
فالشكر لكم جميعًا، أنتم الأثر الذي لا يُمحى، وأنتم القصيدة التي لن ينتهي قافيتها ما دام في القلب نبضٌ يعرف معنى الوفاء
حين رأيتها مديرةً لإحدى المدارس، شعرتُ أنني أمام لوحةٍ من الوفاء والإنجاز، فغمرني الفخر، وكأنني أرى ثمرة العطاء تُزهر أمامي. في ملامحها وجدتُ عبق الماضي، وفي صوتها سمعتُ صدى الدروس الأولى التي أيقظت فينا شغف المعرفة وحب الكلمة. تمنيت أن أروي لها ما مرّ بي، ما أنجزته، وما صرتُ إليه، لكني لم أجد أبلغ من أن أُخرج كتابي من حقيبتي، وأقدّمه إليها بصمت العيون قبل حروف اللسان، قائلةً:
"ها أنا اليوم كاتبة، وها هو كتابي (أرواح لم تلتقِ بعد)، ثمرة أول حرفٍ لقّنتِنيه يوماً."
كانت تلك اللحظة أشبه بعناقٍ بين الماضي والحاضر، بين تلميذةٍ صغيرةٍ كانت تحلم وامرأةٍ نضجت أحلامها بفضل من علّموها كيف تكتب وكيف تؤمن بنفسها.
رأيت في عينيها الفرح والفخر، فازداد قلبي امتنانًا، وشعرتُ أن الكلمات لا تفي حقها ولا حق أولئك الذين غرسوا فينا بذور الحلم، فسقوها بالعلم، حتى أينعت ثمارًا في حدائق الحياة.
ولقد صدق الشاعر أحمد شوقي حين قال:
"قُم للمعلّم وفِّه التبجيلا
كاد المعلّم أن يكون رسولا"
فالتعليم ليس مهنة، بل رسالة سماوية يُؤدّيها أصحاب القلوب النقية، فيضيئون بها دروب غيرهم، ويبقون أثرًا خالدًا لا يبهت مع مرور الزمن.
ومن هذا المنبر، أتوجه بخالص الشكر والعرفان لكل معلماتي الفاضلات في الابتدائية الثالثة والخمسين، والمتوسطة العشرون، والثانوية العشرون، وجامعة الملك عبدالعزيز – كلية الآداب والعلوم الإنسانية، اللواتي كنَّ النور الذي أضاء طريقنا، والنبض الذي بثَّ فينا الإصرار على بلوغ الحلم.
لقد تشرفت بإهداء معلمتي نسخة من كتابي، فهو ليس مجرد عمل أدبي، بل رسالة حب ووفاء، وثمرة غرسٍ لم يذبله الزمن.
وسيظل في قلبي القول الذي لا يشيخ: "من علّمني حرفًا زدت له وُدًّا وحُبًّا وإخلاصًا."
فالشكر لكم جميعًا، أنتم الأثر الذي لا يُمحى، وأنتم القصيدة التي لن ينتهي قافيتها ما دام في القلب نبضٌ يعرف معنى الوفاء