خيّاط القلوب
ليس كل من يُجيد الخياطة يملك إبرة وخرزًا…
فهناك من يُجيد خياطة القلوب المتعبة بخيطٍ من الحنان، وابتسامة تُرمم ما مزقته الأيام.
خيّاط القلوب هو ذاك الإنسان الذي لا يسأل كثيرًا، ولا يلوم، بل يُصلح بصمته، ويداوي بكلماته.
يمرّ في حياتك كنسمة صيفٍ باردة على جرحٍ ملتهب، يخفف الألم دون أن يكثر الحديث.
قد يكون أمًا تواسي أبناءها رغم وجعها،
أو صديقة تبتسم في وجهك لتخفي دمعتها،
أو غريبًا يرسل لك رسالة صغيرة تذكّرك أن الله لا ينسى أحدًا.
خيّاط القلوب لا يملك مالًا كثيرًا، لكنه يملك قلبًا كبيرًا…
يخيط من اللطف ما يُبقي الآخرين واقفين رغم كل ما تهدم فيهم.
خياطة القلوب فنّ نادر،
فنّ يحتاج إلى دقة المشاعر قبل دقة الإبرة،
إلى صبرٍ على الألم، وفهمٍ للسكوت، ورفقٍ في التعامل مع الجراح المفتوحة.
لكن في المقابل، هناك من لا يعرف الخياطة أصلًا،
يعرف فقط كيف يمزّق دون خيط…
يمزّق بثقل كلماته، وبقسوة أحكامه، وبسوء ظنه.
يمرّ على القلوب فيترك فيها ثقوبًا لا تُرمم،
ويظن أن قوّته في تمزيق غيره، وهو لا يدري أنه يخرّب نسيج نفسه أولًا.
فبين خيّاط القلوب وممزّقها فرقٌ شاسع،
ذاك يُجمّل الحياة بخيط من رحمة،
وهذا يتركها ممزقة بخيط من قسوة.
فكن من الأوائل،
كن خيّاطًا للقلوب،
ترقع بها ما انكسر في غيرك،
فينصلح ما انكسر فيك أيضًا.
بقلمي عزه محمد مسلم الفايدي