المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
السبت 18 أكتوبر 2025
حامد محمد الطلحي الهذلي
حامد محمد الطلحي الهذلي

ما أحبّ الثِّقَل ولا التَّثاقُل

الفرح لا يتنافى مع الوقار، والمرح لا يُنقص من الهيبة


أصبح اليوم المرح تهمةً غير معلنة، والابتسامة تُفسَّر على أنها خفّة، يُطالَب الفَرِح أن يتثاقَل، ويُعاتَب المرِح أن يكبح ضوءه كي يبدو “رزينًا”، وكأنّ السعادة خروجٌ عن المألوف!

حين يتغيّر حال الإنسان إلى الأفضل منصبًا، أو مالًا، أو شهرةً، أو تكريمًا
يتسلّل بعض “الناصحين” بعبارةٍ مألوفة: “خفّف ضحكتك.. ثقّل شوي
ترى الناس تغيّرت نظرتها!”
ولا يعلم هؤلاء أن التكلّف في الوقار يُفقد الإنسان فطرته، وأن الثِّقل المصطنع يُميت الروح ويُطفئ البهجة في الوجدان.

الفرح ليس خفة، بل طاعة قلبٍ شاكرٍ لنعم الله، قال تعالى:
﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا﴾ [يونس: ٥٨]

والنبي ﷺ قال:
«تبسُّمك في وجه أخيك صدقة»

فالفرح شكر، والابتسامة عبادة، والمرح إذا زانه الأدب صار عنوانًا للسموّ الإنساني لا علامة خفّة.
كم من رجلٍ عظيمٍ ضحك وهو يحمل همّ أمّة، وكم من متصنّعٍ للهيبة فقد هيبته بثقله المبالغ فيه.

قال الشاعر:
لا تَكُنْ جافِيًا فيُبغِضَكَ الناسُ
ولا مُدعِيًا فَيَكرَهوا وَجهَكَا

واجعلِ البِشرَ دينَكَ دوماً فالبِشرُ للقلوبِ تِرياقُهَا

وفي الحكمة يُقال:
من ضحك من قلبه عاش طويلاً، ومن تكلّف الجديّة مات قبل أوانه.

هيبة الإنسان ليست في عبوس وجهه، بل في صدق قلبه وجمال روحه.
فكن كما أنت، فرِحًا بوقار، مرحًا بوعي، قريبًا من الناس بلا تصنّع،
ولا تدع أحدًا يُطفئ نورك بدعوى “الثقل”،
فالثقل الحقيقيّ في الأخلاق لا في تجميد الملامح
 0  0  1.6K