المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الجمعة 17 أكتوبر 2025
دكتور عبدالمحسن البقمي
دكتور عبدالمحسن البقمي
دكتور عبدالمحسن البقمي

من هو محور الكون


تُحدّث النفس البشرية صاحبها منذ نعومة أظفاره بأنه هو أهم عنصر في الكون وأن الشمس تشرق من أجله، فيعتقد بوجوب طاعته من كل البشر والاهتمام به وعدم الحيد عن توجهاته، ولكن الواقع يوماً بعد يوم يثبت له عكس توقعاته، فيصدم بأول معارضة له من قبل والديه اللذان لا يستجيبان لكل طلباته بل وقد يوبخانه ثم يضربانه إذا استلزم الأمر، وبانتقاله إلى مقاعد الدراسة يستمر بحمل هذا الفكر النرجسي بأنه هو أهم طالب في المدرسة ويجب على الجميع الانصياع له، فيتفاجأة بصفعة من هذا ورفسة من ذاك، وما أن يزاول مهنة أو تجارة، حتى يجد من زملاءه المعارضات في كثير من الأحيان والحرب النفسية بل وقد يحاول البعض الإضرار به، ويجد من البعض النظرة الفوقية والعنصرية وربما تصرفات قد تضره نفسياً وعملياً، وعندما يخرج إلى المجتمع لممارسة حياته اليومية قد يجد في كثير من المواقف محاولات من الآخرين للتقليل من شأنه سواء بقصد أو بغير قصد، ومع كل تلك التجارب التي قد تمتد لسنوات طويلة تستمر هذه النفس البشرية ببرمجة صاحبها على أنه لايزال هو أهم شخص يمشي على سطح الأرض، وتستمر معه الصدمات التي قد لا تفيقه من غفلته حتى بعد فوات الأوان، ولذلك قال الله تعالى في كتابه الكريم: (إن النفس لأمارة بالسوء).
الأمثلة على ذلك كثيرة في حياتنا اليومية، فقد تجد الشخص يتصل على آخر عدة اتصالات معتقداً بأن ذلك الشخص يستيقظ من النوم يومياً لانتظار اتصالاته هو بالذات حتى يلبي له رغباته، وقد يرسل الرسائل عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي فيشتاط غضباً إذا لم يتلقى الرد عليها خلال دقائق ظناً منه بأن الطرف الآخر لا يلقي له بالاً، بينما قد يكون ذلك الشخص مشغول بتأدية عبادة أو منهمك بالأكل أو يحاول تحقيق أولوياته في الحياة أو يمر بظروف قاسية، ولكن هذه النفس البشرية النرجسية لم ولن تتوقع مثل هذه الأمور، بل تستمر بسوء الظن عن الآخرين واتهامهم بتعمد التهميش.
أيها النرجسي يا من تعتقد بانك محور الكون، يا من أشغلت العالم بردود أفعالك الأنانية الاستفزازية، مهما كانت نظرتك لنفسك ومهما كان ظنك بالآخرين، فتأكد بأنك لن تكون أهم عند البشرية من فرعون وكسرى وقيصر اللذين أذلهم الله بعد طول تكبر وطغيان، فعد إلى الواقع وتعامل مع البشر على أنك آخر أهتماماتهم، واجعل أخلاقك ومهاراتك وتضحياتك هي التي تجذب اهتمام الآخرين لك وليس نظرتك لنفسك.





كتبه الإعلامي / د. عبدالمحسن البقمي
بواسطة : دكتور عبدالمحسن البقمي
 0  0  775