المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الثلاثاء 14 أكتوبر 2025
حامد محمد الطلحي الهذلي
حامد محمد الطلحي الهذلي

وش فيك مطنقر

في لغتنا الدارجة، تنبض مفردات تختصر المشاعر البشرية في كلمةٍ واحدة، ومن تلك المفردات التي تسكن الذاكرة الشعبية وتُقال بلهجةٍ عاميةٍ ذات نكهةٍ حجازية، كلمة: «مطنقر».
يُقال: وش فيك اليوم مطنقر؟
سؤالٌ بسيط في شكله، لكنه يختزن دهشةً وعتبًا وابتسامةً في آنٍ واحد.

الطنقرة ليست مجرّد عبوسٍ عابر أو زعلٍ طفيف، بل حالة مزاجية تُعلن انسحاب الروح من صخب المواقف.
هي لحظةُ صمتٍ تتحدث فيها الملامح أكثر من اللسان، بين الغضب والكبرياء، بين الجرح والكتمان.
هي "لغة الوجه" حين يعجز الكلام عن التعبير.

ولأن للثقافة الشعبية ذاكرة طويلة، فإن بعض الرواة يرون أن أصل الوصف يعود إلى ملامح الجدية والوقار التي كانت تُرى قديمًا على وجوه الأشقاء ذوي البشرة السمراء في الحجاز، وخصوصًا من أهل السودان وإفريقيا، ممن تميّزت وجوههم بملامح الصرامة والحزم.
فشبَّه الناس من يتجهّم
أو يقطّب حاجبيه بقولهم: «وجهه مطنقر».

ومع مرور الزمن، تخلّت الكلمة عن جذورها التشبيهية، وصارت تُقال للجميع بلا تفرقة، تعبّر عن الزعل أو الضيق أو الكدر، حتى أصبحت مفردةً يومية في قاموس المشاعر.
لكنها مع بساطتها، تفتح بابًا للتأمل:
لماذا "نطنقر" أحيانًا؟
هل هو غضب؟ أم تعب؟ أم محاولة للاحتماء من وجعٍ لا يُقال؟

إن «المطنقر» ليس دائمًا غاضبًا، بل قد يكون إنسانًا رقيقًا أرهقته التفاصيل.
يعبس وجهه، لكن قلبه يبتسم للسلام، ينتظر لحظة صفاءٍ تزيل ما علق في الروح من غبار الأيام

فحين يسألك أحدهم
"وش فيك مطنقر؟
ابتسم وقل له:
مو مطنقر بس محتاج لحظة سكون
 0  0  2.6K