المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الأحد 12 أكتوبر 2025
حامد محمد الطلحي الهذلي
حامد محمد الطلحي الهذلي

رجّعني للقروب


ظاهرة الانسحاب والعودة في مجموعات التواصل الاجتماعي

في زمنٍ صار فيه العالم قريةً صغيرة وجمعتنا التقنية
في مساحاتٍ واحدة، وألغت المسافات بين المدن والقلوب أصبحت مجموعات التواصل الاجتماعي مرآةً تعكس ثقافة الأفراد
ومقياسًا لمدى نضجهم
في التعامل مع الآخرين

لكن المدهش أن بعض المجموعات لا تخلو من مشاهد متكررة تُثير التساؤل
عضو يغادر القروب في لحظة غضب بعد نقاشٍ حاد وآخر ينسحب احتجاجًا لأنه رأى حوارًا لا يُعجبه وثالث يرسل للمشرف على الخاص قائلًا
«غادرت لأن القروب فيه أشخاص يرسلون رسائل غير مفيدة!

ثم ما يلبث أن يعود بعد أيام طالبًا الإضافة من جديد بحجة أنه خرج
«عن طريق الخطأ

هذه السلوكيات
وإن بدت بسيطة إلا أنها تُعبّر عن ضعف في ثقافة الحوار وسوء في إدارة الانفعال حين يُقدِّم البعض ذاته على المصلحة الجماعية وينسى أن المجموعات وُجدت لتبادل المعرفة وإثراء الوعي وتقوية الروابط الاجتماعية لا لتصفية الحسابات أو فرض الآراء

يقول الله تعالى
﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ [البقرة: 83]

ويقول النبي ﷺ:

ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب

فكم هو جميل أن يتحلّى العضو بالحِلم والاتزان وأن يُعبّر عن رأيه بأدبٍ ووعي بدلًا من مغادرة المجموعة احتجاجًا أو غضبًا. فالنقاش لا يُدار بالصوت العالي ولا يُكسب بالخصومة
بل بالحجة والهدوء والاحترام

ومن صور النضج الاجتماعي أن نحترم قواعد المجموعات وتعليماتها التي وضعها منشئها فهي ليست لتقييد الحرية بل لتنظيم الحوار وصون الذوق العام

وكما قال الإمام الشافعي رحمه الله

رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب

إن مغادرة القروب ليست بطولة بل هروب من ساحة الرأي، وحرمان للنفس من فرصة التعلم والتسامح والعودة بعد ذلك بعبارة «رجّعني للقروب» اعتراف ضمني بأن القرار كان انفعاليًّا لا أكثر

فلنرتقِ بأساليبنا داخل هذه المساحات
ولنبتعد عن الأحقاد والشخصنة وتضخيم الخلافات
ولنحترم الآراء مهما اختلفت
ولنجعل من مجموعاتنا جسور تواصل لا ميادين خصام

فالحكمة أن نملك أنفسنا عند الغضب
ونحافظ على الودّ قبل أن نكتب في لحظة انفعال

[ رجّعني للقروب ]
 0  0  9.2K