تورّم البعض على فشوش
في الواقع والحقيقة تطفو على السطح هذه الأيام فئةٌ من البشر تتورّم على فشوش وتضخّمت ذواتهم حتى صاروا يظنون أنَّ الأرض ما وُسِعت إلا بهم وأنَّ الناس خُلِقوا ليصفّقوا لمواهبهم المزعومة وذكائهم المتخيَّل ووسامتهم التي لا يراها غيرهم عبر مرآة عيادات النظارة ومن فوق كراسي الحلاقين!
هؤلاء هم أبناء البهرجة لا الحضور.
يتزيّنون بالألفاظ، ويتسلّقون المنابر، ويبحثون عن كل مقعدٍ فارغٍ ليفرضوا أنفسهم عليه، وكأنّهم أصحاب الحقّ الحصري في الكلام أو أنهم وُهبوا تفرّدًا لا يُضاهى.
تراهم يتحدّثون بثقةٍ مفرطة ويُطلقون أحكامهم على الآخرين بلسان الحسد المغلّف بالنقد ظنًّا منهم أنّ الانتقاص من الناس يرفعهم وما علموا أنّ الضجيج لا يصنع مجدًا وأنّ النفاق لا يبني مكانة.
يتوهّم أحدهم أنه فلتة زمانه وانه عظيم لا يبحث عن الكاميرات والمسارح وأنّ وسامته رأسمال لا ينافسه فيه أحد وهو في الحقيقة دميمٌ خَلقًا وخبرة لا يزيده تكلّفه إلا سقوطًا في أعين من حوله.
هو ناشطٌ على الهامش يعتقد أنّ كثرة الظهور تعني عمق التأثير وأنّ التصفيق المؤقت من جمهورٍ عابر ينافقه شهادةُ تقديرٍ دائمة.
لكنّ الحقائق لا تُصنع بالهتاف بل بالفعل والمضمون
والمكانة لا تُشترى بالضوء والمنصات بل تُكتسب بالجوهر.
أما أولئك الذين انتفخوا بأنفسهم حتى ضاق بهم المعنى فسرعان ما ينكمشون حين يختفي الصخب لأنّهم لم يُشيّدوا لأنفسهم بناءً من صدقٍ أو قيمة وجهودهم كالفقاعات الصابونية ما أن تظهر حتى تذوب في الهواء
إنّ التورّم الكاذب لا يدوم والزبد مهما علا فمصيره أن يذهب جفاءً.
مساكين هالنوعية أشفق عليهم