المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الخميس 9 أكتوبر 2025
حامد محمد الطلحي الهذلي
حامد محمد الطلحي الهذلي

كالحمار يحمل أسفارًا

ظاهرة النسخ واللصق في وسائل التواصل.. غياب الوعي وحضور الفتنة


في زمنٍ غلبت فيه السرعة على العمق وأصبحت المعلومة تُتداول بلمسة إصبع نشأت ظاهرة تستحق الوقوف عندها والتأمل في آثارها الاجتماعية والفكرية إنها ظاهرة النسخ واللصق دون وعي ولا تبيُّن حتى باتت الرسائل تتناقل بين الأفراد والمجموعات ككرات نارٍ تُقذف في فضاء الإعلام الرقمي تُلهب مشاعر وتؤجّج آراء وربما تهدم أو تزرع الشك في النفوس

ولعلّ الآية الكريمة:
مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا﴾
(س ،الجمعة: 5)
تصف ببلاغةٍ مذهلة هذا السلوك الرقمي الحديث فكما أن الحمار يحمل الكتب دون أن يدرك ما فيها كذلك بعض مستخدمي وسائل التواصل يحملون النصوص والمقاطع ويعيدون نشرها دون إدراكٍ أو وعيٍ بمضمونها أو أثرها

لقد أفرزت هذه الظاهرة مشكلاتٍ متعددة منها نشر الإشاعات وتضليل الرأي العام، وتشويه السمعة وبث الفرقة بين الناس فكم من رسالة أُرسلت بنية "الخير" فأشعلت نار فتنة
وكم من تغريدةٍ منقولةٍ دون تحققٍ كانت سببًا في إيذاء بريءٍ
أو تحريضٍ على مفسدة

قال رسول الله ﷺ:
كفى بالمرء كذبًا أن يُحدّث بكل ما سمع"
(رواه مسلم)
وهذا الحديث الشريف يضع ميزانًا واضحًا للمسؤولية
في نقل الكلمة فليس
كل ما يُقال يُقال
ولا كل ما يُنشر يُنشر

التحذير:
إن خطر "النسخ واللصق"
لا يكمن فقط في نقل المعلومة بل في تعطيل التفكير وسلب الإنسان لميزة التمييز التي كرّمه الله بها. فحين يتحول الفرد إلى مجرد ناقل يصبح أداةً في يد من يريد توجيه الرأي العام أو صناعة الكذب بذكاءٍ رقمي

الحلول:
1. تفعيل ثقافة التثبت لقوله تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا﴾
أي لا تكن وسيطًا للباطل دون وعي

2. تعزيز الحس النقدي فكر قبل أن تشارك واسأل نفسك
هل هذا المحتوى صحيح؟ نافع؟ بناء؟

3. نشر الوعي الرقمي بتثقيف المجتمع حول مسؤولية الكلمة وأثرها

4. تحمل الأمانة الإعلامية فكل مستخدم اليوم هو إعلاميٌّ صغير في فضاءٍ واسع يحمل رسالة ويُحاسب عليها أدبيًا وأخلاقيًا ودينيًا

خاتمة:
لقد أصبحت الكلمة اليوم سلاحًا إما أن تُصلح بها مجتمعًا أو تُدمّره فليكن
شعارنا:
تحقّق قبل أن تنشر
وتثبّت قبل أن تُشارك

فمن ينسخ دون وعي ويشارك دون مسؤولية فقد شابه من حيث لا يدري
من يحمل الأسفار ولا يفقهها
 0  0  1.6K