حينما اعتلت القرود القمم وضاعت الهيبة!
هذه الايام أصبح الوضع الحالى نتناً ورائحته غمرت البسيطة وفي زمنٍ يُصفّق فيه الناس للقرد حين يتقافز ويغضون الطرف عن الأسد حين يزأر!؟
وجدنا أنفسنا نعيش حكاية لا منطق لها وحكاية زمنٍ منفلتٍ من القيم والواقعية تائهٍ عن المعاني مضطربٍ في الموازين.
نعم رحل زمن الهيبة فقد أصبح المشهد مضحكًا حدّ البكاء!
القرود التي كانت في الأسفل بين الأغصان اليابسة، تعلّمت فجأة فنون التسلق فاعتلت القمم وجلست فوق الأغصان العالية تتفاخر بما وصلت إليه غير مدركة أن الأغصان التي تحملها واهية لا تحتمل وزنها ولا تستحق هذا المشهد الهزلي.
وفي الأسفل تترقب الأسود تلك الأغصان المتهاوية وتراقب بصمتٍ عجيـب تتأمل في مشهدٍ لم تعهده من قبل لمشاهد مضكة ومبكية في نفس الوقت
كيف لمن كان يُضحك الجميع أن يصبح مخرج المسرح؟!
أضحى الصوت العالي دليلًا على الحكمة والضجيج معيارًا للفكر والتقافز بين المنصات إنجازًا يُصفّق له الجموع الغبية.
أصبح كل شيء بالمقلوب حتى أضحينا لا نعرف هل نضحك أم نصرخ؟!
هذا زمنٌ تتقدّم فيه القرود بالشعارات، وتُقصى الأسود لأنها لم تتعلم فنون التصفيق ولا لغات النفاق.
زمنٌ فقد فيه الشرفاء مواقعهم لأنهم قالوا "لا للمهازل وصعود الأغبياء والمتسلقين " بينما صعد المتلونون لأنهم قالوا "نعم للإنفلات والمهازل" في كل اتجاه.
يا لهذا الزمن! كم هو قاسٍ حين يمنح الاغبياء فيه لمن لا يستحق ويقصي أصحاب الفكر والعزم.
كم هو ساخر حين يرفع الهزل ويُسقط الجدّ.
لكن مهما علت نلك القرود فالأغصان لا تدوم
ومهما ربضت الأسود تحت الظلال فهي لا تنسى زئيرها ولا تُبدّل هيبتها.
فالقيم لا تموت وإن غابت مؤقتًا والحق لا يضعف وإن تلبّس بالزيف. فستظل الأسود أسودا والكلاب كلاباً
فسيأتي يومٌ تُسقط فيه الأغصان المتهاوية بقرودها من اعتلائها ظلمًا
وتعود الأسود إلى عرينها
لا مكان فيه لمن يتقافز دون وعي ويملك لنفسه تاريخ مشرف او بصمة تبقى بعد رحيله