المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الجمعة 3 أكتوبر 2025
حامد محمد الطلحي الهذلي
حامد محمد الطلحي الهذلي

العتاب بين الأصدقاء.. بلسم القلوب وصابون المودّة

بقلم: الإعلامي حامد محمد الطلحي الهذلي

في حياة الإنسان، لا يخلو قلبه من محطات الودّ ورفقة الأحبة، غير أنّ الأيام بما تحمل من مواقف وسوء فهم قد تعكّر صفو العلاقات. وهنا يبرز العتاب كفنّ رفيع، لا يُراد منه الهجر ولا القطيعة، بل هو صابون القلوب الذي يُزيل غبار الزعل، ويعيد للأرواح صفاءها.

فالعتاب لا يخرج إلا من قلب محبّ، يرى في صاحبه مقامًا لا يريد أن يخسره. ولو كان الصديق رخيصًا عند صاحبه، لما عاتبه ولما التفت إليه، بل تركه ومضى. قال أحد الحكماء: من عاتبك فقد أحبّك، ومن تركك فقد استغنى عنك.

وقد نظم الشعراء في هذا الباب أروع الأبيات، فقال الإمام الشافعي رحمه الله

إذا كنتَ في كلّ الأمورِ معاتبًا
صديقَكَ لم تلقَ الذي لا تُعاتبُه

فعشْ واحدًا أو صِلْ أخاكَ فإنّهُ
مقارفُ ذنبٍ مرّةً ومجانبُه

فالإنسان بطبعه يخطئ ويصيب، وليس المطلوب صديقًا بلا هفوة، بل المطلوب قلبًا يتّسع للمسامحة، ولسانًا يلين
في العتاب.

وما أجمل أن يكون العتاب رقيقًا كالمطر، يروي ولا يُغرق، ويُداوي ولا يجرح، ليُشعر الصديق أن مكانته محفوظة، وأن الزلة عابرة، وأن الحبّ أكبر من الموقف. فالعلاقات أثمن من أن تُهدر على سوء فهم عابر أو كلمة عابرة.

ولعل أجمل ما يُقال في هذا السياق:

أعاتبُ أحبابي لأبقى قريبا
فكيفَ يطيبُ العيشُ والودُّ غريبا؟

أيها الأحبة، تذكّروا أن القلوب أوعية، والصفاء رأس المال، فلا تجعلوا الغضب يبدّد العمر، ولا تسمحوا للزعل أن يسكن في بيوتكم وصدوركم. فليكن العتاب جسرًا نُشيّده بالمحبة، لا سيفًا نُشهره للهجران.

فالعتاب الصادق هو وعدٌ ضمنيّ بأن العلاقة باقية، وأن العودة ستكون أجمل وأصفى مما كانت، وفي ذلك خير للأقارب والأصدقاء والمجتمع كله
 0  0  2.4K