فناجين القهوة السعودية.. حين يُسكب التراث في أكواب الغير
في زحمة الحداثة، وبين أروقة "الكوفي كورنر" وأرفف الأكواب الغريبة، تتسلل القهوة السعودية من بين أيدينا كما يتسرب الرمل من كفٍّ مفتوحة. لم نعد نعرفها كما عرفناها، ولم نعد نراها كما كانت تُرى. استبدلنا فناجين الأجداد بفناجين مستوردة، ذات عُرى وأطباق، تشبه ما نراه في المسلسلات أكثر مما يشبه تراب الوطن.
صار "الكمّار"، ذاك الدولاب الخشبي الذي كان يحتضن دلال القهوة وعلب الهيل والنار الخامدة في ركنه، مجرد قطعة منسية في البيوت الحديثة. استبدله البعض برفوف أنيقة تعجّ بأنواع من القهوة لا تمتّ لنا بصلة، وأكواب تحمل أسماءً لا تنطقها ألسنتنا بسهولة. والكل يصفق لهذا "التطور"، متناسين أن التقدم لا يعني اقتلاع الجذور.
لسنا ضد التذوق، ولسنا ضد التنوع، ولكن... متى كان التمدّن يُقاس بنسيان التراث؟ متى صارت البساطة عارًا، والدلال موضة قديمة؟ القهوة السعودية ليست مجرد مشروب. إنها طقس، وهوية، ورمز للكرم، ورسالة عابرة للزمن تُقال في صمت الفناجين.
حين يُقدَّم فنجان القهوة في غير آنية أهله، يُقدَّم مبتورًا، بلا ذاكرة. كأنك تسمع أغنية وطنية تُعزف على آلة غريبة، تُفقدها حماستها ونبضها. نحن لا نحارب الانفتاح، بل نطالب بتأصيله. أن ينطلق منا لا أن يُسلبنا.
احفظوا فناجين الذاكرة، واسقوها من دلال الوطن، لا من أباريق الاستيراد. أعيدوا "الكمّار" إلى صدر المجالس، لا إلى زوايا الإهمال. فالأمم التي تنسى قهوتها، سرعان ما تنسى قصصها، ثم تنسى نفسها.
وختامًا:
قد تتغير الأواني، وقد تتبدل الأذواق، لكن نكهة الانتماء لا تُصنع في مقاهٍ عصرية، بل تُغلى على نارٍ هادئة، في دلالٍ يعرفها القلب قبل اليد. فلنحفظ لهذا التراث فنجانه، وطقوسه، وصمته العميق.
صار "الكمّار"، ذاك الدولاب الخشبي الذي كان يحتضن دلال القهوة وعلب الهيل والنار الخامدة في ركنه، مجرد قطعة منسية في البيوت الحديثة. استبدله البعض برفوف أنيقة تعجّ بأنواع من القهوة لا تمتّ لنا بصلة، وأكواب تحمل أسماءً لا تنطقها ألسنتنا بسهولة. والكل يصفق لهذا "التطور"، متناسين أن التقدم لا يعني اقتلاع الجذور.
لسنا ضد التذوق، ولسنا ضد التنوع، ولكن... متى كان التمدّن يُقاس بنسيان التراث؟ متى صارت البساطة عارًا، والدلال موضة قديمة؟ القهوة السعودية ليست مجرد مشروب. إنها طقس، وهوية، ورمز للكرم، ورسالة عابرة للزمن تُقال في صمت الفناجين.
حين يُقدَّم فنجان القهوة في غير آنية أهله، يُقدَّم مبتورًا، بلا ذاكرة. كأنك تسمع أغنية وطنية تُعزف على آلة غريبة، تُفقدها حماستها ونبضها. نحن لا نحارب الانفتاح، بل نطالب بتأصيله. أن ينطلق منا لا أن يُسلبنا.
احفظوا فناجين الذاكرة، واسقوها من دلال الوطن، لا من أباريق الاستيراد. أعيدوا "الكمّار" إلى صدر المجالس، لا إلى زوايا الإهمال. فالأمم التي تنسى قهوتها، سرعان ما تنسى قصصها، ثم تنسى نفسها.
وختامًا:
قد تتغير الأواني، وقد تتبدل الأذواق، لكن نكهة الانتماء لا تُصنع في مقاهٍ عصرية، بل تُغلى على نارٍ هادئة، في دلالٍ يعرفها القلب قبل اليد. فلنحفظ لهذا التراث فنجانه، وطقوسه، وصمته العميق.