المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الأحد 24 نوفمبر 2024
احمد السعدي
احمد السعدي

البحث عن الاضواء من خلال الكرم يكون هياطاُ فكيف نقضي عليه *

يجب أن نفرق بين الكرم وموضوع الإسراف، أن إكرام الضيف يعتبر سمة من سمات العرب وقد حث عليه الإسلام، كما أنه كان من صفات العرب قبل الإسلام، وعلى مدى التاريخ، لكن خروجه عن أُطر حدود الكرم المحمود إلى الإسراف والتبذير قد أوصله إلى أن يُطلِق عليه أفراد المجتمع مصطلحات جديدة مثل الهياط ، وذلك لمن يمارس مثل هذا النوع من الإسراف والتبذير، وأن هذا يمثل إشكالية وخللا يجب أن يوضع له حد، نحن هنا نخالف الشرع بهذه التصرفات الممقوتة من الإسراف والتبذير،لذلك على القنوات الإعلامية وبرامج التواصل الاجتماعي والرسائل الإلكترونية التي أصبحت بمعزل عن التوعية عن الإسراف، عدا ذلك الحديث الذي يتم على استحياء عبر بعض المنابر، وكأن من يتحدث عن هذا الموضوع سوف يؤخذ عليه مأخذ، أو يوصم بأنه شخص بخيل، لذلك نبرز أهمية دور المنبر الدعوي الذي يجتمع حوله الصغير والكبير، أن هناك أكثر من تسعة ملايين مقيم في المملكة من الممكن أن تخلِق لديهم هذه التصرفات انطباعات غير جيدة لا تليق بمجتمع مثل مجتمع بلادنا، أنه من خلال نقد هذه التصرفات عبر المنابر فإنه من الممكن أن يعكس صورة جيدة عن مجتمعنا تؤكد رفضه وعدم قبوله لمثل تلك التصرفات، وأنه يحترم ويقدر هذه النعمة التي منّ الله بها عليه.

لذلك ينبغي ان يكون لمدرسة دور من خلال المرشد الطلابي أن أول من يجب أن يثقف فيها هو المرشد الطلابي من حيث الإسراف، حتى يكون قادرا على تأدية مهمته في هذا الجانب مع الطلاب، أنه من خلال المقصف يمكن أن يخلق المرشد الطلابي سلوكا جديدا للطالب من حيث الحصول على مقدار حاجته من المأكولات بعيداً عن إمكانيات الطالب المادية، منوهاً بأنه لا يجب أن تكون وفرة النقود مع الطالب هي المعيار للحصول على حاجته من مأكولات المقصف، ً أن هناك سلوكا آخر يمارسه بعض الطلاب مع الأطعمة الزائدة وهي التخلص منها في براميل النفايات، أن دور المرشد الطلابي مهم في هذا الجانب، من خلال لفت انتباه الشباب إلى احترام النعمة وحفظها وعدم أخذ ما يزيد عن الحاجة ان المدرسة والمرشد الطلابي يمثلان الخطوة الجادة والعملية في رسم خارطة طريق لمستقبل تعاطي هؤلاء الطلاب مع معيار الحاجة من المأكولات والمشروبات، وفي نفس الوقت أن بعض المجتمعات الأوروبية تفرض نوعا من الغرامات المالية على الشخص الذي تكون طلباته من المأكولات في المطاعم تفيض عن حاجته، أن هذا يعطي مؤشراً إلى أن القدرة المالية ليست ذات أهمية لديهم بل إن الأهمية في نظرهم تتركز في أن هذا الطعام الفائض عن الحاجة والذي سيكون مصيره إلى صناديق القمامة، يعتبر استخفافاً بمقدرات الشعب الذي يجب أن لا تهدر تحت مظلة القدرة المالية. اقترح، بأن تبادر المدارس في وضع جائزة للطلاب المقتصدين في الأكل والشرب، والمحافظين على النعمة،ان هذه الجائزة سوف تحفز الشباب والطلاب على أن تكون هذه الطريقة ثقافة يمارسها الجميع،شك أن الإسراف يعتبر من الأخلاق الذميمة التي ذمها ونهى عنها الشرع وشدد عليها ولذلك قال الله تعالي في محكم التنزيل «وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين»، ومن هنا نلاحظ أن الله قال: «كلوا واشربوا»، ثم قيّد ذلك بعدم الإسراف، ثم بيّن سبحانه وتعالى أنه يبغض هذه الخصلة، سواء كان الإسراف بالنوع أو الكم، إذ لا فرق بينهما.

ومن هنا ندرك أن ديننا دين الوسط ودين الاعتدال، ولذلك كان هذا الخلق الذميم الذي ذمه الشرع ونهى عنه، أن بعض الناس قد يخلط بين الاسراف والتبذير، منوها إلى أن هناك من أهل العلم من قال بأن الاسراف هو التبذير ومنهم من قال بأن الاسراف يختلف عن التبذير، فقال بعض أهل العلم إن الاسراف يكون بالمقدار والتبذير يكون بالموقع بمقدار الحق أو بموقع الحق والغالب أن التبذير يكون بحرام، مثّل ذلك بإنفاق المال على الخمور أو على شيء محرم فهذا يعتبر من التبذير، أما الاسراف فيكون في الحلال لكنه يُتجاوز فيه الحد، ى أن ديننا الحنيف دعا إلى حفظ الضرورات الخمس وهي الدين والنفس والعقل والعرض والمال، أن من حفظ المال عدم الإسراف، أن الله يبغض هذه الصفات هذا المنطلق فإنه ينبغي على كافة المنابر والمدارس والبرامج الإعلامية بكافة قنواتها أن تساهم في إظهار مساوئ وأضرار هذا السلوك، أنه من الخطأ نشر مظاهر الإسراف عبر برامج التواصل الاجتماعي أو غيرها التحذير أن النصوص الشرعيةالموجودة في القرآن الكريم، السيرة النبوية، وفي هدي النبي عليه الصلاة والسلام مع أصحابه، تؤكد على أن حالة الإسراف والتبذير مرفوضة رفضاً قاطعاً في الفكر الإسلامي وفي مصادر التشريع، ومن ذلك قوله سبحانه وتعالى « كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى»، أن هذا السلوك مرفوض دينياً واجتماعياً، أن من يمارسون هذا الإسراف في المجتمع يعتبرون قِلة، لكنْ لهم حضور إعلامي أو تم إظهار تصرفهم بطريقة أو أخرى عبر وسائل التواصل وغيرها،.

* أن مجتمعنا لا يزال مجتمعا محافظا ولديه نوع من التوعية، والوعي بأن مثل هذه التصرفات محرمة شرعاً وغير مقبولة اجتماعياً، بالرغم من ذلك فإنه من الضروري تشخيص وضع هؤلاء القِلة ومعرفة الأسباب التي دعتهم إلى هذه التصرفات المرفوضة، ومن ثم نحاول أن نحاصر هذه المشكلة بمجموعة من العلاجات والآليات، أن من أسباب وجود هذه الظاهرة من المنظور التربوي والاجتماعي هو تحسن المستوى المعيشي، والرفاه الاجتماعي والذي يعتبر واحدا من الأسباب التي يأتي في مقدمتها العادات الاجتماعية، منوهاً إلى ضرورة أن تتكاتف وسائل الإعلام وعلماء الشريعة والتربويين والاجتماعيين للتأكيد على ضرورة التخلص من العادات السيئة والتي تعتبر عادة أكثر منها ارتباطا بالمستوى المعيشي والسبب في ذلك أنه للأسف الشديد يلاحظ في كثير من الأوقات أن هناك أشخاصا لديهم التزامات تجاه قروض مالية من البنوك أو غيرها، وفي نفس الوقت تجده يمارس حالة التبذير والإسراف.

كما ان من الأسباب الرئيسية لوجود هذه الظاهرة هو عدم وجود تقنين واضح ضد هذه المظاهر، ينبغي أن ننطلق في تصرفاتنا مع هذه الثروات المتعددة والمتنوعة التي أنعم الله بها علينا وعلى بلادنا، مستلهمين في ذلك وعده وتحذيره سبحانه وتعالي حينما قال»وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ»، أن الإنسان إذا وضع شكر هذه النعمة أمام عينه فإنه سوف يعمل بما يرضى الله سبحانه وتعالى،وعلى كل واحد أن يبدأ بنفسه وأسرته، خاصة الأطفال، أن ظاهرة الإسراف تنشأ عند الطفل إذا وجد القدوة المتمثلة في والديه وإخوانه وأخواته الذين يكبرونه في السن يمارسون الإسراف والتبذير، أما إذا كان هناك ممارسة منضبطة لدى الأسرة فإن ذلك سوف ينعكس على سلوك الطفل وتصرفه في تقدير قيمة هذه النعمة، ، أن بعض الأسر تعطي أطفالها مبالغ نقدية عند ذهابهم للمدرسة تفوق حاجتهم بشكل كبير، أن هذا مما يجعل الطفل يتعود على الإسراف والتبذير والتساهل في التخلص من الفائض عن حاجته في أوعية النفايات دون تقدير لقيمتها وأهميتها لذا ينبغي ان. مثل هذه الحالات من الإسراف والتبذير استصدار قرارات نظامية على مستوى وزارات معنية بهذا الجانب لعلها تساهم في التخلص من مثل تلك المظاهر. إلى الأخذ بثقافة تقديم ولائم المناسبة بنظام البوفيه، مع ضرورة توجيه وتوعية الضيوف عبر ملصقات داخل القاعات بأخذ الحاجة فقط دون ملء الصحون بالأكل الزائد عن الحاجة، لافتاً إلى أن ثقافة البوفيه هو من أجل الأخذ بقدر الحاجة من الأطعمة.

أن نسبة الهدر في الطعام لدينا تصل إلى (30%)، وهذا ما يعني أن ثلث تلك الأطنان من الأطعمة المقدمة في المناسبات وغيرها سوف يكون مصيرها إلى صناديق النفايات، مؤكداً على أن في ذلك استفزاز واضح للفقراء والمعوزين، ليس على مستوى المجتمع السعودي، بل على مستوى العالم العربي، لذلك ينبغي أن تتظافر الجهود، والاستنفار الكامل لمحاصرة مثل هذه المظاهر، من خلال وزارة الشؤون الإسلامية عبر الدعاة والخُطباء والوعاظ، ومن خلال وزارة الشؤون الاجتماعية عبر الجمعيات الخيرية، وكذلك من خلال وزارة التعليم عن طريق مراكز البحوث والدراسات في الجامعات، معززاً بالقرارات النظامية والقانونية لوزارة الداخلية والوزارة الأخرى ذات العلاقة، وأمراء المناطق ليكون لهم دور في هذا لجانب من خلال حملات موجهة، وكذلك القطاع الخاص عبر عدد من تشجيع وتحفيز تلك المبادرات والابتكارات التي تساهم في الحد من هذا الهدر الكبير، حتى نجد أن هذه الحالة من الإسراف والتبذير التي نحمد الله أنها لم تصل إلى مستوى الظاهرة.

مدير عام التحرير والنشر بصحيفة غرب *
بواسطة : احمد السعدي
 0  0  8.6K