المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الأحد 7 سبتمبر 2025
حامد محمد الطلحي الهذلي
حامد محمد الطلحي الهذلي

صوت الطير وذكريات الطفولة في إذاعة الضحى

في سبعينيات القرن الماضي حين كانت إذاعة السعودية تنشر عبقها عبر الأثير، اعتادت أن تبث في وقت الضحى أغنية خالدة بصوت الراحل طلال مداح
«صاح الطير يسأل زهر الربى عن الحب يومًا وكيف الغزل»

كان وقع تلك الكلمات على مسامعي
وأنا طفل لم يتجاوز الثامنة من العمر، أشبه بنداء عذب يتناغم مع صفاء الطبيعة وسكون الصباح
كنا نجتمع حول الراديو البسيط الذي يشكل نافذتنا الوحيدة على العالم فتمتزج أنغام الأغنية بوقع خطوات الطفولة
في فناء الدار

تجلس أمي حفظها
الله
لتحلب الأغنام بصبرٍ فيما كنتُ أنتظر إلى جوارها أرقب انتهاءها بشغف واحمل في يدي النبيلة كي أقود القطيع نحو جبال وادي مرتان واوديته
وادي سواده ووادي طماخي ووادي المندسة وادي القراير وادي الدحال وجبل الشعبين والشرعة السوداء والجماء هناك حيث الكلاء الطري والنسيم العليل كنت أعيش أولى لحظات المسؤوليّة وأتذوق معنى الارتباط بالأرض وأنا أردد في داخلي لحن الأغنية الذي صار رفيقًا لدروب الطفولة
حتى ان اغنامي كانت تطرب لصوتي
وطائر العصيفرة يتجول بين قطيعي يستفيد من استخدام الأغنام حوافرها وهي تقتلع بعض الاعشاب وتجد حينها ديدان وهذا سر مصاحبة العصافير الصفراء مرافقة الراعي وقطيعه

وعند عودتي بعد الظهر متعبًا ببراءة الصغار كانت الأغنام تسبقني إلى الحظيرة فيما تظل الكلمات والألحان عالقة
في ذاكرتي تغزل بين القلب والزمان خيوطًا من الحنين لا تنقطع

إنها لحظات
من البساطة والصفاء صنعت ذاكرةً
لا تمحوها السنين لتبقى الأغنية بالنسبة
لي أكثر من مجرد لحن
أو كلمات؛ بل شاهدًا على عصرٍ عشته وطفولةٍ عانقتها أنغام الراديو وأحضان الطبيعة ودفء الأمومة
 0  0  1.9K