المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الأحد 24 نوفمبر 2024

أين السعادة؟

احمد محمد السعدي

كلنا يعشق السعادة ويبحث عنها، فما هي السعادة؟ وكيف الطريق إلى السعادة؟

يقول الشاعر الإنجليزي "إن العقل في مكانه وبنفسه يستطيع أن يجعل الجنة جحيمًا والجحيم جنةً"، وقال المتنبي:

ذو العقل يشقى في النعيم بعقله**** * *

* * * * * * * * * * * * * * * * *وأخو الجهالة في الشقاوة ينعمُ

إذن السعادة ليست قصرًا منيفًا، ورغدَ عيش، السعادة هي بالإيمان باللَّه ورسوله، فالرسول - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سعيد مع شظف العيش، وقلة ذات اليد، والصحابة سعداء مع فقرهم وحاجتهم، إذن كيف وجدوا السعادة؟ إذا عرفت اللَّه - عز وجل - وعبدته وجدت الخير والسعادة والراحة، ولكن عندما تنحرف عن طريق الحق تجد التعاسة وضيق الصدر، ولا تجد طعمًا للحياة، فللسعادة مكونات ومنها قوله - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "من بات آمنًا في سربه، معافًى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها"*اللَّه أكبر إِذَا حصل الغذاء والمأوى والأمن حصلت السعادة.

إنما يجلب السعادة ويزيل الهم والكدر فعل الإحسان من صدقة وبر وإسداء الخير للناس، فإن هذا من أحسن ما يوسع به الصدر، ومن سعادة العبد قدرته على كسب حب الناس واستجلاب محبتهم، قال اللَّه تعالى عن إبراهيم - عليه السلام -: {وَاجَعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ} (الشعراء:84).

ومن أسباب الود بسط الوجه، ولين الكلام، وسعة الخلق، والسعادة عمر ثانٍ للإنسان، يَذْكُره الناس بعد موته بأعماله الحسنة وصفاته الطيبة، إذًا السعادةُ ليست في الزمان ولا في المكان، ولكنها في الإيمان باللَّه وبطاعة الله، فإذا استقر اليقين باللَّه انبعثت السعادة فأضفت على الروح والجسد انشراحًا وارتياحًا.

وهذا الإمام أحمد بن حنبل - إمام السنة - عاش سعيدًا، وكان ثوبه مرقعًا، وهذا الإمام ابن تيمية، وصف نفسه فقال: "جنتي في صدري، فأين أروح فهي معي، فإن قتلتموني فقتلي شهادة، وإن سجنتموني فسجني خلوة مع ربي، وإن أخرجتموني من بلدي فخروجي سياحة"، فكان سعيدًا ومات سعيدًا.

فمن علامات السعيد: أنه كلما زِيدَ في علمه زِيدَ في تواضعه، فهو كالجوهر الثمين ،كلما زاد وزنه غاص في قاع البحر، ومن أسباب السعادة العمل الصالح، قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} (النحل:97).

والزوجة الصالحة سببٌ من أسباب السعادة، والبيت الواسع سبب آخر، والتودد للناس عنوان السعادة، فليس عجبًا أن نجد أناسًا لا يملكون من حطام الدنيا شيئًا، ومع ذلك نجدهم سعداء يبتسمون للحياة منشرحة قلوبهم مطمئنة، وذلك لأنهم عرفوا أن الحياة إنما هي اليوم فلم يشتغلوا بتذكر الماضي؛ لأنه قد مضى ولا بالمستقبل لأنه لم يأت، فريحوا أنفسهم فكانوا سعداء، إذًا فلنبحث عن السعادة الحقيقية في كتاب اللَّه وسنة نبيه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

المدير العام لتحرير والنشر بصحيفة غرب*

بواسطة :
 4  0  9.0K