أغبياء التيك توك في جلباب الحكماء
ما أكثر "الحكماء" هذه الأيام! يظهرون علينا عبر فضائيات السوشيال ميديا يتكئون على مقاعدهم الوثيرة أمام عدسات الهواتف، وينفثون "نصائحهم الذهبية" في وجوه الناس وكأنهم أوصياء على العقول والبيوت.
ولكن، يا للعجب! حين تقترب من مضمونهم، لا تجد سوى خواءٍ يتدثر بثوب الحكمة الممزق.
لقد تحولت قضايا الأسرة والزوجة والطلاق إلى طبق يومي على موائدهم وكأن المجتمع بأسره قد خلا من أي همٍّ آخر سوى "كيف تطبخ الزوجة، ولماذا رفعت صوتها، وهل ابتسمت لجارتها".
تراهم يتحدثون بحدة ويجلدون المرأة وكأنها الشرور مجتمعة، بينما يتناسون أن قضايا التعليم والبيئة والتنمية والوعي والتطوع ومصالح الشباب أولى ألف مرة من مسرحياتهم السامجة والمكرورة.
ومن المضحك أن جلّ هؤلاء "المسوح" لا خبرة لهم في الحياة الزوجية ولا حتى في أبجديات الفهم الإنساني.
بعضهم لم يعرف سوى شاشة جواله فجعل من بثّه المباشر منبراً للوعظ الزائف ومن عدد المتابعين "صك حكمة" يوزعه على نفسه.
أما الطامة الكبرى فهي أولئك الذين يظنون أنهم حماة القيم فيحملون على الزوجة وكأنها المسؤول الأول والأخيرعن كل كوارث المجتمع غير مدركين أنهم – في الحقيقة – حماة الغفلة المساكين وعرّابون للسطحية وتجارٌ رخيصون لمحتوى فارغ.
لقد صدق من قال - "إن بعض السفهاء يتقنون فن الخطابة أكثر مما يتقنون فن التفكير".
وهؤلاء اليوم يملأون فضاء التيك توك ضجيجاً فلا هم أضحكوا الناس ولا أفادوا العقول ولا احترموا قضايا المجتمع الكبرى.
في النهاية، سيبقى المجتمع بحاجة إلى حكماء حقيقيين لا إلى أغبياء في جلباب الحكماء.