معازيب البهرجة حين يتقمّص الفارغ دور المنقذ
بدون مجاملة في الحقيقة هذه الأيام خرج علينا صنفُ جديد من أثرياء الغفلة الذين لا يملكون من الثراء سوى رنينه ومن المجد سوى صورته المعدّلة بالفلاتر.
تراهم يتصدرون المجالس يوزّعون الابتسامات المصطنعة ويتقمصون دور المعازيب على من هم أقل حظًا وكأنهم يمنّون على المجتمع بفتاتٍ من كرمٍ لا يُمنح إلا بمقابل.
هؤلاء لا يبنون بل يلمّعون لا يرفعون بل يعتلون يحيطون أنفسهم بمن هم في حاجة لا حبًا في الخير بل حبًا في الظهور.
يوزّعون المساعدات الرخيصة أمام الكاميرات ويشترون الولاءات ببطاقات دعوة ثم يروّجون لأنفسهم كروّادٍ في العطاء بينما هم في الحقيقة تجار مصالح لا يعرفون من الخدمة المجتمعية إلا ما يخدم مصالحهم الشخصية.
يتحدثون عن التمكين وهم أول من يُقصي أصحاب الفكر الحقيقي.
يتغنون بالمسؤولية الاجتماعية وهم أول من يتهرّب منها إن لم تُدرّ عليهم التصفيق.
يلبسون ثياب الكرم لكن جيوبهم لا تُفتح إلا حين تضمن لهم مقعدًا في الصف الأول.
هؤلاء هم فقراء الفكر وإن امتلأت خزائنهم فقراء الروح وإن ازدحمت حساباتهم. يعيشون في عالمٍ من البهرجة الواهية يظنون أن اللمعان يغني عن الجوهر وأن كثرة الصور تعوّض عن قلة الأثر.
لكن المجتمعات لا تُبنى بالاستعراض ولا تُنهض بالتصنّع.
المجتمعات تحتاج إلى من يخدمها بصمت لا من يصرخ بخدمته إلى من يمدّ يده دون كاميرا ويترك أثرًا دون توقيع.
فيا معازيب البهرجة تذكّروا أن المجد لا يُشترى وأن التاريخ لا يكتب أسماء من زيّنوا أنفسهم بل من زيّنوا حياة الآخرين.